الفخرانى الرفاعى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


تصوف وروحانيات
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصة الدير لسيدى ابو يزيد البسطامى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 718
نقاط : 2151
تاريخ التسجيل : 09/10/2012
العمر : 73

قصة الدير لسيدى ابو يزيد البسطامى  Empty
مُساهمةموضوع: قصة الدير لسيدى ابو يزيد البسطامى    قصة الدير لسيدى ابو يزيد البسطامى  Icon_minitime1الأربعاء مارس 12, 2014 4:07 am

قصة الدير لسيدى ابو يزيد البسطامى

وبينما أبو يزيد واقف على جبل عرفات ؛ إذ قالت له نفسه : مَن مثلك يا أبا يزيد ؛ حججت خمساً وأربعين حجة ؛ وقرأت عشرة آلاف ختمة ؛ فنادى في الحال : من يشتري مني خمسة وأربعين حجة برغيف خبز ؟ فقال رجل : أنا . فأخذ منه الرغيف وألقاه إلى كلب فأكله ؛ ثُمَّ شدد على نفسه ودخل بلاد الروم ، وإذا براهب قد أمسك بيده ، وجاء به إلى منزله ، وأخلى له مكاناً في داره ، فأقام يعبد الله تعالى في ذلك المكان ، والراهب يأتيه كل يوم بالأكل والشرب بُكرة وعشياً مدة شهر .
فقال أبو يزيد يوماً لنفسه : يا نفس أنا أريد أن أكسرك ( وأراك لا تنكسرين ) ؟ فبينما يُخاطب نفسه ؛ وإذا بالراهب قد دخل عليه وقال : ما إسمك ؟ قال أبو يزيد . فقال الراهب : ما أحسنك لو كنت عبد المسيح . فصعب ذلك على أبي يزيد وأراد الخروج من عنده ، فقال له الراهب : أقم عندنا إلى تمام أربعين يوماً ، فإن لنا عيداً عظيماً وأريد أن تحضر ( هذا العيد ) ولنا واعظ يعظنا من السنة إلى السنة مرة واحدة.
فأجابه . فلما كان تمام الأربعين دخل عليه الراهب وقال له : قم فقد أتى يوم عيدنا . فلما قام قائماً قال له : كيف تمضي معي وتحضر بين ألف راهب وأنت على هيئتك هذه ؛ فإني أخشى عليك ، ولكن إخلع ثيابك والبس هذا البُرنس وشدَّ وسطك بالزنار ؛ وعلق الإنجيل على صدرك . فلما سمع كلام الراهب ، عَلِمَ أبو يزيد أن من خاطبه في سره حق ؛ إسمعه يقول () : " كنت يوما في سياحتي ، متلذذاً بخلوتي مستأنساً بذكري ، إذ نوديت في السِّريِّ ، يا أبا يزيد : أمضِ إلى دير سمعان ، واحضر مع الرهبان في يوم عيدهم والقربان ؛ قلنا : في ذلك نبأ وشأن .
قال : فاستعذت بالله من هذا الخاطر ، وقلت : لست أُخَاطَر ، فلما كان الليل ، أتاني الهاتف في المنام فانتبهت من منامي مرعوباً وفي هذا الأمر مفكراً ومكروباً ، فنوديت جهاراً يا أبا يزيد : لا بأس عليك أنت عندنا من الأولياء ، ومكتوب في ديوان الأبرار ، فالبس زى الرهبان واذهب إلى دير سمعان .
قال أبو يزيد : فقمت مسرعاً من باكر ، وامتثلت الأوامر ؛ حتى جاءني الراهب ودعان ، وألبسني زى الرهبان ، وحضرت معهم في دير سمعان ، فلما حضر كبيرهم واجتمعوا وأنصتوا ؛ ارتج عليه المقام ؛ فلم يطق الكلام ؛ كأن في قلبه لجام ؛ فقال له : القسيسون والرهبان : ما الذي يمنعك من الكلام أيها الرهبان ؟ فنحن بقولك نهتدي ، وبعلمك نقتدي ، فقال : ما منعني عن أن أتكلم وأبتدي ؛ إلا رجل بينكم محمدي ؛ وقد جاء لديكم ممتحناً ؛ وعليكم معتدي ؛ قالوا : كيف عرفته ؟ قال : إن أمَّةَ محمد معروفة ؛ وتلى قوله : سِيمَاهُمْ فِي وَجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ [ الفتح : 29 ] ـ فقالوا : أرنا إياه لنقتله الآن ؛ فقال : لا نقتله إلا بدليل وبرهان ، فقالوا له : إفعل ما تريد فنحن ما حضرنا إلا لنستفيد .
قال : فقام كبيرهم على قدميه ، ونادى يا محمدي : بحق محمد عليك ؛ إلا ما نهضت قائماً على قدميك لننظر إليك ، فقام أبو يزيد () ولسانه لا يفتر عن التسبيح والتقديس والتحميد ، فقال له البطرك ؛ يا محمدي : أخرج ؛ قال : ما أنا بخارج ؛ فقال له : سوف نسمح لك أن تجلس معنا بشرط أن تجيب عن مسائل ، فإن أجبت عنها إتبعناك ؛ وإن عجزت أو تعثرت بسؤال واحد قتلناك ؛ فوافق البسطامي وقال : سل عما تريد من المعقول والمنقول ، والله شاهد على ما تقول . قال كبيرهم :

ثم سكت البطرك . فقال أبو يزيد : هل بقى مسائل غير هذه المسائل , فقالوا لا ، فقال : إن فسرتها لكم وأجبت عنها تؤمنوا بالله ورسوله محمد () ؟ فقالوا نعم ، فقال : اللهم أنت شاهد على ما أقول ويقولون .
1. أما سؤالكم عن واحد لا ثاني له فهو : الله عز وجل .
2. وأما سؤالكم عن إثنين لا ثالث لهما فهما الليل والنهار لقوله تعالى : وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ [ الإسراء : 12 ] .
3. وأما سؤالكم عن ثلاثة لا رابع لها فهي : العرش والكرسي والقلم .
4. وأما سؤالكم عن أربعة لا خامس لها فهي : الكتب المنزلة ؛ وهي : الزبور : المنزل على داوُد . التوراة : المنزلة على موسى . الإنجيل : المنزل على عيسى . القرآن : المنزل على محمد ، خاتم الأنبياء والمرسلين .
5. وأما سؤالكم عن خمس لا سادس لها ، فهي : الصلوات الخمس المفروضات على كل مسلم ومسلمة .
6. وأما سؤالكم عن ستة لا سابع لها فهي : الستة أيام التي ذكرها الله في كتابه العزيز بقوله : وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ [ ق : 38 ] .
7. وأما سؤالكم عن سبعة لا ثامن لها ، فهي : السماوات السبع لقوله تعالى : الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقَاً [ الملك : 3 ] .
8. وأما سؤالكم عن ثمانية لا تاسع لهم ، فهم : حملة العرش لقوله تعالى : وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ [ الحاقة : 17 ] .
9. وأما سؤالكم عن تسعة لا عاشر لهم ، فهم : التسعة رهط الذين يفسدون في الأرض لقوله تعالى : وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ [ النمل : 48 ] .
10. وأما سؤالكم عن عشرة كاملة فهي : فروض مكة التي وجبت على الحاج وهو محرم لقوله تعالى : فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ [ البقرة : 196 ] .
11. وأما سؤالكم عن أحد عشر فهم : إخوة يوسف () .
12. وأما سؤالكم عن إثني عشر فهي : عدد الشهور لقوله تعالى : إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرَاً فِي كِتَابِ اللَّهِ [ التوبة : 36 ] .
13. وأما سؤالكم عن ثلاثة عشر فهي : رؤية يوسف () لقوله تعالى : إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبَاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ [ يوسف : 4 ] .
14. وأما سؤالكم عن أربعة عشر تكلموا مع رب العالمين فهم : السماوات السبع والأرضون السبع ، لقوله تعالى : فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعَاً أَوْ كَرْهَاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ [ فصلت : 11 ] .
15. وأما سؤالكم عمن خُلِقَ من الهواء ؛ عيسى () . وحُفِظَ في الهواء ؛ سليمان () . وهَلَك بالهواء ؛ قوم عاد .
16. وأما سؤالكم عمن خُلِقَ من الخشب ؛ عصى موسى () . وحُفِظَ في الخشب ؛ نوح () . وهَلَك بالخشب ؛ النبي زكريا () .
17. وأما سؤالكم عمن خُلِقَ من النار ؛ إبليس . وحُفِظَ في النار ؛ إبراهيم خليل الله () . وهَلَك بالنار ؛ أبو جهل .
18. وأما سؤالكم عمن خُلِقَ من الحجر ؛ ناقة صالح () . وحُفِظَ في الحجر ؛ أصحاب الكهف . وهَلَك بالحجر ؛ أصحاب الفيل .
19. وأما سؤالكم عن قوم كذبوا وأدخلوا الجنة فهم : إخوة يوسف ؛ وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ [ يوسف : 18 ] .
20. وأما سؤالكم عن قوم صدقوا وأدخلوا النار فهم : اليهود ، قوله تعالى : وَقَالَتِ اليَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ اليَهُودُ عَلَى شَيءٍ [ البقرة : 113 ] ـ فهم صدقوا وأدخلوا النار .
21. وأما سؤالكم عن الذارايات ذروا فهي : الرياح الأربع .
22. وأما سؤالكم عن الحاملات وقراً فهي : السُّحب .
23. وأما سؤالكم عن الجاريات يسرا فهي : السفن الجارية في البحار .
24. وأما سؤالكم عن المقسمات أمراً فهم : الملائكة الذين يقسمون على الناس أرزاقهم في ليلة النصف من شعبان .
25. وأما سؤالكم عن مستقر الروح في الجسد فإنها : تكون بين أذنيك في صورة الوجه .
26. وأما سؤالكم عن شيء تنفس بغير روح فهو : الصبح ؛ لقوله تعالى : وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ [ التكوير : 18 ] .
27. وأما سؤالكم عن قبر مشى بصاحبه فهو : حوت يونس () .
28. وأما سؤالكم عن الماء الذي لا نزل من السماء ولا نبع من الأرض فهو : الذي بعثته بلقيس إلى سليمان () في قارورة وكان من عرق الخيل .
29. وأما سؤالكم عن أربعة لا من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة ولا من ظهر أب ولا من بطن أم فهو : كبش إسماعيل وناقة صالح وآدم وحواء .
30. وأما سؤالكم عن الأشياء التي خلقها الله وليس لها أب أو أم ؛ فهي : الملائكة .
31. وأما سؤالكم عن أول دم أهريق على وجه الأرض : دم هابيل لما قتله قابيل .
32. وأما سؤالكم عن شيء خلقه الله ثم أنكره فهو : صوت الحمار ؛ قال الله تعالى : إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ [ لقمان : 19 ] .
33. وأما سؤالكم عن الشيء الذي خلقه الله ثم استعظمه فهو : كيد النساء ؛ لقوله تعالى : إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ [ يوسف : 28 ] .
34. وأما سؤالكم عن الشيء الذي خلقه ثم اشتراه هو : نَفْسُ المؤمن ؛ قال تعالى : إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ [ التوبة : 111 ] .
35. وأما سؤالكم عن الشيء الذي خلقه الله وسأل عنه فهي : عصا موسى () وأولها عود وآخرها روح ، قال تبارك وتعالى : وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُـــوسَى [ طه : 17 ] .
36. وأما سؤالكم عن أفضل النساء : فحواء ؛ وآسية ؛ ومريم ابنة عمران ؛ وخديجة ؛ وعائشة ؛ وفاطمة .
37. وأما سؤالكم عن أفضل البحار : فسيحون ، وجيحون ، والفرات ، ونيل مصر .
38. وأما سؤالكم عن أفضل الجبال فهو : الطور .
39. وأما سؤالكم عن أفضل الدواب فهي : الخيل .
40. وأما سؤالكم عن أفضل الشهور : فشهر رمضان .
41. وأما سؤالكم عن أفضل الليالي : فليلة القدر .
42. وأما سؤالكم عن الطامة فهي : يوم القيامة .
43. وأما سؤالكم عن شجرة لها إثنا عشر غصناً ؛ في كل غصن ثلاثون ورقة ؛ في كل ورقة خمس زهرات ؛ إثنتان في الشمس ؛ وثلاثة في الظل ، فهي : السَّنَةُ ، والأغصان هي : الشهورُ ، والأوراق هي : الأيامُ ، والخمس زهرات هي : الخمس صلوات في اليوم والليلة ، فالظهر والعصر في الشمس ؛ وفي الظل الصبح والمغرب والعشاء .
44. وأما سؤالكم عن شيء حج البيت الحرام وطاف وليس له روح ولا وجب عليه فريضة فهي : سفينة نوح () .
45. وأما سؤالكم كم نبي خلقه الله وكم مرسل منهم وعدد المذكورين ، [ 124000 والمرسل منهم 313 ؛ والمذكورين 25 عددهم ] وهم : آدم ؛ نوح ؛ هود ؛ صالح ؛ إبراهيم ؛ لوط ؛ إسماعيل ؛ إسحاق ؛ يعقوب ؛ يوسف ؛ شعيب ؛ إلياس ؛ إدريس ؛ إليسع ؛ ذو الكفل ؛ أيوب ؛ يونس ؛ موسى ؛ هارون ؛ داود ؛ سليمان ؛ زكريا ؛ يحي ؛ عيسى ؛ محمد صلوات الله وسلامه عليهم ورحمته وبركاته . وأولي العزم منهم خمسة : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (r) وعلى جميع المرسلين والأنبياء .. والأنبياء منهم خمسة عرب : هود ؛ صالح ؛ شعيب ؛ إسماعيل ؛ ومحمد (r) .. ومنهم خمسة عبرانيون : آدم ؛ شيث ؛ إدريس ؛ نوح ؛ إبراهيم .. وباقي الأنبياء عجم .
46. وأما سؤالكم عن أربعة تختلف طعمها ولونها والأصل واحد فهي : العينان والأذنان والأنف والفم ، فماء العين : مالح ؛ وماء الأذنين : مر ؛ وماء الأنف : حامض ؛ وماء الفم : حلو .
47. وأما سؤالكم عن مثال في الدنيا ؛ كأهل الجَنة ؛ فإنهم يأكلون ويشربون ولا يتغوطون ؛ نعم : الجنين في بطن أمه ؛ يأكل ويشرب ولا يتغوط ، ولو تغوط في بطن أمه لماتت .
48. وأما سؤالكم عن مثال في الدنيا ؛ كشجرة في الجَنة اسمها ( طوبى ) ؛ ليس في الجَنة قصرٌ ولا غرفةٌ إلا وفيه غصنٌ من أغصانها ؛ نعم : الشمس إذا طلعت .
49. وأما سؤالكم عن الفتيل والقطمير والنقير ، الفتيل : هو الذي في باطن النواة ؛ والقطمير : هو القشر الذي فوقها ؛ والنقير : هو التي في ظاهرها .
50. وأما سؤالكم عن السبد واللبد فهو : شعر الضأن والمعز .
51. وأما سؤالكم عن الطم والرم فَهْيَ : الأمم الماضية قبل آدم () .
52. وأما سؤالكم عمَّا يقول الكلب في نبيحه ؛ يقول : ويل لأهل النار من غضب الجبار .
53. وأما سؤالكم عمَّا يقوله الحمار في نهيقه ؛ فإنه يرى الشيطان ويقول : لعن الله المشار .
54. وأما سؤالكم عمَّا يقول الثور في نعيره فإنه يقول : سبحان الله وبحمده .
55. وأما سؤالكم عمَّا يقول الفرس في صهيله يقول : سبحان حافظي إذا التقت الأبطال ، واشتغلت الرجال بالرجال .
56. وأما سؤالكم عمَّا يقول البعير في رغائه ؛ فإنه يقول : حسبي الله وكفى بالله وكيلاً .
57. وأما سؤالكم عمَّا يقول الطاووس في صياحه فإنه يقول : الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [ طه : 5 ] .
58. وأما سؤالكم عمَّا يقول الدرَّاج في صفيره ، فيقول : { سبحان الواحد الأحد ، سبحان الفرد الصمد ، سبحان مَن صفته القدرة وقهر عباده بالموت } .
59. وأما سؤالكم عمَّا يقول البلبل في تغريده فيقول : فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ [ الروم : 17 ] .
60. وأما سؤالكم عمَّا يقول الضفدع في تسبيحه فإنه يقول : سبحان الله الملك المعبود في البراري والقفار ، سبحان الملك الجبار .
61. وأما سؤالكم عمَّا يقول الناقوس في نقيره فإنه يقول : سبحان الله حقاً حقاً ، أنظر يا ابن آدم في هذه الدنيا غرباً وشرقاً ، ما ترى فيها أحداً يبقى .
62. وأما سؤالكم عن قوم أوحى الله إليهم لا من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة ؛ فالنحل ؛ لقوله تعالى : وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ [ النحل : 68 ] .
63. وأما سؤالكم عن الليل أين يكون إذا جاء النهار ؛ وعن النهار أين يكون إذا جاء الليل : فإنهما يكونان في غامض علم الله تعالى عز وجل ؛ فإن ذلك لا يظهر عليه نبي مرسل ولا مَلكٌ مقرَّب .
ثم قال أبو يزيد هل بقى معكم مسائل غير ذلك ؟ فقالوا : لا ، فقال : أخبروني عن مفتاح الجنة ومفتاح السماوات ما هو ؟ فوجم كبيرهم وظل جامداً ؛ فسكتوا ولم يتكلموا .
فقال أبو يزيد : سألتموني عن مسائل كثيرة فأجبت عنها ؛ وقد سألتكم مسألة واحدة فلم تجيبوا عنها أعجزتم عنها ؟
فقالوا : نعم ، ثم التفتوا إلى كبيرهم وقالوا : أو عَجَزْتَ عن ذلك ، فقال : ما عجزت ؛ ولكن أخاف أن لا توافقوني وتقتلوني .
فقالوا له : بل نوافقك ؛ وحق الإنجيل إن أجبته لا نقتلك ، إنك كبيرنا ؛ ومهما قلت لنا سمعناه ووافقناك عليه ؛ أجبه ولا تخف .
فقال كبيرهم : مفتاح الجَنة والسماوات ؛ { لا إله إلا الله محمد رسول الله } فقالوا : { نشهد " أن لا إله إلا الله ونشهد أن محمداً رسول الله " } وأسلموا عن آخرهم وحَسُن إسلامهم ، وقطعوا زنانيرهم ، فقال البطرك : نحمد الله الذي أسلمتم ؛ فإني كنت مسلماً منذ ستين سنة ؛ ولكني كنت أكتم إيماني خوفاً منكم ؛ إلى أن مَنَّ الله عليَّ بهذا الرجل . فهناك نودي أبو يزيد : { شَدَدْتَ مِنْ أَجْلِنَا زِنَّارَاً فَقَطَعْنَا مِنْ أَجْلِكَ أَلْفَ زِنَّارَاً } فأنشد أبو يزيد :
هَنِيئَاً لِأَهْلِ الدَّيْرِ فِي حَضْرَةِ الْقُــدْسِ
بِشَمْسٍ جَلَتْ أَنْوَارُهَا ظُلْمَةَ الرَّمْسِ

تَجَلّــَتْ عَنِ الْأَشْبَاهِ وَهْيَ فَرِيدَةٌ
وَلَيْسَتْ بِشَكْلٍ فِي الْفُرُوعِ وَفِي الْجِنْسِ

وَلَوْ لَامَسَتْ عَظْمَاً رَمِيمَاً بِقَطْرَةٍ
لَقَامَ بِإِذْنِ اللهِ حَيَّــاً مِنَ اللَّمْسِ

وَلَوْ فُزْتَ مِنْهَا يَا نَدِيمِي بِقَطْرَةٍ
لَهِمْتَ بِهَا عَنْ سَائِرِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ

وَنُــدْرِكُ مِنْهَا فِي كَمَالِ عُقُولِنَا
كَمَا يُدْرِكُ الْخُفَّاشِ مِنْ ظَاهِرِ الشَّمْسِ

يَقُولُــونَ خَمَّــارٌ وَخَمْرٌ وَصَحْوَةٌ
وَكَأْسٌ عَلَى النُّــدْمَانِ دَارَ بِلَا لَمْسِ

فَمَا الْخَمْرُ مَا الْخَمَّــارُ مَا الدَّيْرُ مَا الْحِمَى

وَمَا الْكَأْسُ مَا النُّــدْمَانُ مَا الْعَرْشُ مَا الْكُرْسِي

فَكُلُّهُــمْ ذَاتِي وَجَمْعُ مَظَاهِرِي
وَعَيْنُ وُجُــودِي فِي الْخَفَاءِ وَفِي الْحِسِّ

فَسُبْحَانَ مَنْ قَامَ الْأَنَامُ بِنُــورِهِ
وَأَفْقَدَهُمْ نُــورُ الْهِدَايَةِ بِالطَّمْسِ

بِأَلَهْتِ بِاللَّاهُوتِ وَالْهُــوتِ وَالْهَوَى
وَفَنَائِي بِهُــوتِ الْهُــوتِ صَارَ بِلَا نَفَسِ

وَصِرْتُ بِنَفْسِي مُنْعَشَاً وَمُبَشَّرَاً
حَيَاةٌ لِأُنْسِ الْأُنْسِ جَازَتْ عَلَى نَفْسِي

فَبَادِرْ إِلَى الْحَانَاتِ نَحْوَ دِنَانِهَا
وَاعْقِدْ لَهَا الزِّنَّــارُ تُـصْبِحَ كَمَا تُمْسِي

بِجَنْكٍ وَطَنْبُــورٍ وَقَانُونِ مُزْمِرٍ
وَعُــودٍ وَسَنْطِيرٍ إِلَى حَضْرَةِ الْقُدْسِ

فَطُــورَاً تَرَانِي عَالِمَاً مُتَفَقِّهَاً
أُصَلِّي وَأَقْرَأُ فِي الْعُلُــومِ وَفِي الدَّرْسِ

وَطُــورَاً تَرَانِي فِي الْمَسَاجِدِ عَاكِفَاً
وَطُــورَاً تَرَانِي رَاهِبَ الدَّيْرِ وَالْقِسِّ

هِيَ خَمْرَةُ الْأَفْرَاحِ لَمَّــا شَرِبْتُهَا
عَلَوْتُ عَلَى الْأَفْلَاكِ وَالْبَدْرِ وَالشَّمْسِ

وَغَنَّيْتُ أَشْعَارَاً عَلَى جَنْكِ عُودِهَا

وَكَأْسُ الْهَوَى يَجْلِي وَقَدْ طَابَ لِي عُرْسِي

ثم خربوا الدير ؛ وبنوه مسجداً لله تعالى ، وأقام أبو يزيد عندهم يعلمهم أمور دينهم ؛ ثم ودعهم ورجع إلى بلاده .
إخواني : ولما كانوا يظنون بمعتقدهم أنهم على حق ؛ وأنهم يعبدون الله تعالى بالحق ؛ فانظروا عاملهم مولاهم لحسن نواياهم ؛ فبدل الله أحوالهم وطهرهم وأخرجهم من حضرة الرجس إلى حضرة القدس ؛ ببركة نبينا محمد () وآله وصحبه ؛ نجوم الإقتدا والهدي .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alrefaee.forumegypt.net
 
قصة الدير لسيدى ابو يزيد البسطامى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أبو يزيد البسطامى وكلامه
» وَلمَّا أتيت الدير أمسَيتُ سيّدا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الفخرانى الرفاعى :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: