تضيقُ
بنا الدنيا إذا غبتُم ُعنا*** وتَذهَبُ بالأشواقِ أرواحُنا منّا
فبُعدُكُمُ موتٌ وقُربكُم حيا *** فإن غبتموا عنّا
ولو نفساً متنا
نموت ببعدِكمُ ونحيا بقُربكم *** وإن جاءنا عنكم
بشيرُ اللقا عشنا
ونحيا بذكراكم إذا لم نراكمُ *** ألا إنَّ تذكارَ
الأحبَّة ينعشُنا
فلَولا معانيكمُ تراها قلوبُنا *** إذا نحنُ
أيقاظٌ وفي النوم إن غبنا
لمتنا أسى من بعدكم وصبابةً *** ولكنَّ في المعنى
معانيكُم معنا
يحرُكنا ذكر الأحاديث عنكمُ *** ولولا هواكُم في
الحشا ما تحرَّكنا
فقُل للذي ينهى عن الوجد أهلهُ *** إذا لم تذُق
معنى شرابِ الهوى دعنا
إذا اهتزَّت الأرواح شوقاً إلى اللقا *** ترقصت
الأشباح يا جاهلَ المعنى
أما تنظرُ الطير المقفَّصَ يا فتى *** إذا ذكر
الأوطان حنَّ إلى المغنى
يُفَرّجُ بالتغريد ما بِفُؤادهِ *** فتضطرِبُ
الأعضاءُ في الحسّ والمعنى
ويرقصُ في الأقفاصِ شوقاً إلى اللقا *** فتهتزُّ
أربابُ العقولِ إذا غنى
كذلكَ أرواحُ المحبّينَ يا فتى *** تهزِّزها
الأشواقُ للعالمِ الأسنى
أتلزمُها بالصبرِ وهي مشوقةٌ *** وهل يستطيع الصبر
من شاهد المعنى
إذا لم تذُق ما ذاقتِ الناسُ في الهوى ***
فباللَهِ يا خالي الحشا لا تعنّفنا
وسلّم لنا فيما ادعينا لأننا *** إذا غلبت
أشواقُنا ربَّما صحنا
وتهتزُّ عند الإستماع قلوبُنا *** إذا لم نجد كتم
المواجيد صرّحنا
وفي السرِّ أسرارٌ دقاقٌ لطيفة *** تراقُ دمانا
جهرةً إن بها بحنا
فيا حاديَ العشّاقِ قم واحد قائماً *** وزمزم لنا
باسم الحبيب وروحنا
وصن سرَّنا في سكرنا عن حسودنا *** وإن أنكرَت
عيناك شيئاً فسامحنا
فإنّا إذا طبنا وطابت عقولُنا *** وخامَرنا خمرُ
الغرام تهتَّكنا
فلا تلم السكران في حالِ سُكرهِ *** فقد رفع
التكليف في سُكرِنا عنّا