مولد المناوي
الحمد لله الذي أنار الوجود بطلعة خير البرية ، سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، قمر الهداية وكوكب العناية الربانية ، مصباح الرحمة المرسلة وشمس دين الإسلام ، من تولاه مولاه بالحفظ والحماية والرعاية السر مدية ، وأعلي مقامه فوق كل مقام ، وفضله علي الأنبياء والمرسلين ذوي المراتب العلية ، فكان للأولين مبدءا وللآخرين ختام ، وشرف أمته علي الأمم السابقة القبلية فنالت به درجت القرب والسعادة والاحترام ، وأنزل تشريفها في محكم الآيات القرآنية ، كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله فما أعذب هذا الكلام . أحمده أن جعلنا من هذه الأمة المخصوصة بهذه المزية ، الفائزة بالوصول إلي دار السلام ، وأشكره علي هذه العطية ، وأستعين به وأستهديه علي الدوام ، وأتوب إلية من الأوزار والزلل والخطية ، وأستغفره من الذنوب والآثام ، وأطلب الفوز بقربه والرجاء والأمنية ، وأسأله العفو والعافية وحسن الختام ، وأشهد أن لا اله إلا الله القديم في ذاته الأحدية ، المنفرد بالإيجاد والإعدام، شهادة أتخلص بها من النزعات الشيطانية ، وانتظم بها في سلك قوم مخلصين لهم في العبادة أقدام ، وأشهد أن سيدنا محمد الذي فتح الله بمعنا ه أبواب النشأة الوجودية ، وختم بصورته نظام الأنبياء والمرسلين الكرام ، وقد أشتمل اسمه الشريف علي أربعة أحرف هجائية لكل حرف منها مزية ومقام ، فالميم الأولي مامن نبي ولا رسول إلا خلق من نور طلعته البهية ، فهو أصل والكل منه فرع بلا شك ولا إيهام ، والحاء حمي لمن امن به واتبع ملته الحنيفة ، وحاشا من صدق برسالته وتمسك بسنته يضام ، والميم الأخرى مفتاح الرحمة يوم العرض علي عالم الأسرار الخفية ، والدال دعوة شفاعتة لأمته قد خبأها بها في علمه العليم العلام ، صلي الله عليه وعلي اله وأصحابه بكرة وعشية ، صلاة وسلاما دائمين متلازمين لايعتريهما انصرام
( اللهم عطر قبره بالتعظيم والتحية واغفر لنا ذنوبنا والآثام)
( أما بعد ) فيقول العبد الفقير الراجي من الله الألطاف الخفية ، الطالب منه تعالي محو المساوي والآثام ، رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم رؤية حقيقية ، ومن رآه في المنام فقد رآه حقا كما روت عليه الأفاضل الأعلام ، رأيته مزملا في ثياب سندسية ، مربوع القامة أبيض اللون جميل الصورة وفصيح الكلام ، كاملا في ذاته مكملا في أوصافه الخلقية ، ما خلق الله قبله ولا بعده مثله في الأنام ، عظيم الرأس أسود الشعر تتيه في محاسنه القلوب الزكيه ، وتتحير في كمال جماله الأفهام، قمري الجبين حواجبه نونية ، كحيل الطرفين أهدب العينين ظريف القوام . أبيض الخدين مشربا بالحمرة وجناته ضوئية ، ووجهه كأنه ليلة البدر ليلة التمام , يجري الحسن في خديه كما تجري الشمس في مسالكها الفلكية ، كوكبي الأنف يزول من ضيائه الظلام ، ياقوتي الشفتين مفلج الأسنان إذا تكلم خرج النور من بين ثناياه اللؤلئية ، واسع الفم سلسبيل الريق جميل الابتسام ، كث اللحية شديد الهيبة معتدل العنق في صفاء الفضة التقية ، وله عينان في ظهره يري بهما من خلفه كما يري من في الأمام ، بارز العضدين طويل الزندين كريم الكفين أجود من السحب الممطرة الغيمية ، سليم الصدر ممتلئ من الآيات والأحكام ، بطنه علي تقوي الله ومعارفه مطوية وإذا نامت عيناه قلبه لا ينام ، منير الساقين ظريف الكعبين أعقابه سراجيه ، وله في الصخر غاصت الأقدام
) اللهم عطر قبره بالتعظيم والتحية واغفر لنا ذنوبنا والآثام (
اعلم وفقني الله وإياك بالأعمال الصالحة المرضية ، وابرأ قلوبنا من الآلام والأسقام، ومتعني وإياك بزيارة روضته الشريفة النبوية ، وجعلنا له من جملة الخدام ، أن نبينا صلي الله عليه وسلم ما ذكر في مجلس إلا نفحت منه رائحة زكيه ، فتبلغ عنان السماء ويتجلى بالرحمة والرضوان ذو الجلال والإكرام ، فتقول الملائكة إلهنا وسيدنا ما هذه الرائحة المسكية ، فيقول الله سبحانه وتعالي خطابا للملائكة الكرام ، يا ملائكتي هذا مجلس صلي فيه علي حبيبي محمد بن عبد الله خير الخلائق البشرية ، الذي خلقته بقدرتي وابتدعته بحكمتي وأضفته تشريفا إلي عظمتي واصطفيته من جميع الأنام ، فتنزل الملائكة علي أهل هذا المجلس وتحفهم بأجنحتها النورانية ، ويستأنسون بهم ويصلون عليهم والصلاة من الله رحمة ومن الملائكة استغفار علي الدوام ، ويؤمنون علي دعواتهم ويشهدون لهم عند الله بالسعادة الأبدية ، ثم يرتفعون وهم يذكرونهم بأحسن مقال وأجل مقام ، فيكتب الله كتابهم في عليين في الدار الجنانية ، ويمنحهم قربه ورضاه ويمتعهم فيها بالحور العين الحسان ونعم الإكرام ، فزينوا مجالسنا بالصلاة عليه والتسليمات الزكيه ، فإنه صلي الله علية وسلم يحضر في كل مجلس يصلي عليه فيه فأكثر وا من الصلاة عليه والسلام .
وقد فرض الله سبحانه وتعالى الصلاة عليه والسلام في الآية القرآنية ، حيث قال وهو أصدق القائلين في محكم كتابه المفضل على سائر الكلام ، إن الله وملائكته يصلون على النبي بدأ بنفسه وثنى بملائكته القدسية ، يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما أمرنا بذلك في كل محفل ومقام ، وقد فضلها بعض الفضلاء على الصلاة النفلية ، فيا سعادة من أشغل نفسه بها ولازم وردها على الدوام .
(اللهم عطر قبره بالتعظيم والتحية واغفر لنا ذنوبنا والآثام)
ومن فضائل الصلاة عليه أنها دلائل الخيرات والبركات والفتوحات السنية ، ومهبط الرحمات والأفضال والإنعام ، وباب الرباح والفلاح والصلاح والعطية ، وكنز النجاح وبحر السماح لمن لها قد أدام ، ووصلة بين العبد وربه وسبب لحصول الأرزاق والغنائم الدنيوية ، وحجاب من الخطوب والكروب والآثام ، وسعادة في الدارين وتخفف سكرات الموت وتحفظ من الأهوال الدنيوية والأخروية ، وأمان من الفتانات وطلقة للسان عند سؤال الملكين وسراج في القبور من الوحشة والظلام ، ويظلل المصلى تحت ظل العرش يوم القيامة ويؤتى كتابه بيده اليمينية ، ويحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا يكرم غاية الإكرام ، وبشرب من حوض النبي صلى الله عليه وسلم شربة سائغة هنية ، ويرى عند المرور على الصراط نورا أعظم من البدر التمام ، ويعطى في الجنة مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على القلوب البشرية ، ويسقى من الرحيق المختوم في دار السلام ، فعليك بها أيها المحب ولازم وردها في أوقات عمرك الدهرية ، لعلك تفوز بدار الدوام مع الفائزين دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام .
) اللهم عطر قبره بالتعظيم والتحية واغفر لنا ذنوبنا والآثام (
وفى أول ليلة من ليالي حمله صلى الله عليه وسلم أغلقت أبواب الجحيم وفتحت أبواب الجنان الرضوانية ، واطلع الحي القيوم وتجلى برحمته ورضوانه التجلي العام ,واهتز العرش طربا ومال الكرسي عجبا وانتشرت الرايات الربانية ، وتلألأت الكائنات بالأنوار وتنكست على رؤوسها الأصنام ، ونطقت دواب قريش بالمقالات العربية ، وقالت حمل برسول الله صلى الله عليه وسلم ورب الكعبة فهو إمام الدنيا وسراج الأنام ، وفرت وحوش المشارق إلى وحوش المغارب بالبشائر االقولية، وبشرت حيتان البحر بعضها بعضا بظهور مصباح الظلام .
ونادي لسان حال الكائنات جاءنا اليسر بعد الشدائد العسرية ، وظهر إمام العدل والرقيب من الحواسد نام ، ولم تجد أمة في حمله وحما ولا تعبا ولا كربية ، ولا ثقلا ولا هزا إلا ولامس آلام ، وكان بدء حمله صلي الله عليه وسلم في ليلة جمعة من الليالي الرجبية ، وانتهاؤه في شهر ربيع الأول ليلة الاثنين الثاني عشر من الأيام ، وكان صلي الله عليه وسلم وهو في بطن أمه يسبح ويقدس ذات ربه الوحدانية ، فكانت السيدة تسمع تسبيحه وتقديسه وهو في بطنها فسبحوا من لا ينام .
( اللهم عطر قبره بالتعظيم والتحية واغفر لنا ذنوبنا والآثام )
ولما استقر نور محمد صلى الله عليه وسلم فى بطن أمه بشرتها الأنبياء في كل شهر من شهور الحمل بالبشائر الجليلة البهية ، ففي الشهر الأول جاءها السيد آدم وبشرها في منامها بأنها حملت بشفيع المذنبين يوم الزحام ، وفي الشهر الثاني جاءها شيث وبشرها في منامها بأنها حملت بدرة بهجت الأنوار المصطفويه ، التي فرع الله منها جميع الأشياء وأتقنها ببدائع الأحكام ، ولما تم لحمله صلي الله عليه وسلم شهران علي أصح الأقاويل الشهيرية ، توفي أبوه عند أخواله وهو راجع إلي الشام ، فقالت ملائكة السماوات السبع الطباقيه ، ربنا بقي نبيك يتيما فقال تعالي يا ملائكتي أنا خالقه وحافظة عندما سار أوقام ، وفي الثالث جاءها نوح وبشرها في منامها بأنها حملت بسفينة العلوم اللدنيه ، الذي أعلي عماد الإيمان ومنارة أقام ، وفي الشهر الرابع جاءها الخليل إبراهيم وبشرها في منامها بأنها حملت برسول الملة السمحاء الحنيفية ، الذي جاهد الكفار والمنافقين وأبطل عبادة الأصنام ، وفي الشهر الخامس جاءها الذبيح إسماعيل وبشرها في منامها بأنها حملت بأفضل من نطق بالعربية ، الذي شرف الله به زمزم والحطين والركن والمقام ،وفي الشهر السادس جاءها السيد داود وبشرها في منامها بأنها حملت بمن كانت الجوامد في يده لينه طريه ،الذي أحيا الليل بالعبادة حتى تورمت منه الأقدام ، وفي الشهر السابع جاءها السيد سليمان وبشرها في منامها بأنها حملت بعين الأعيان الإنسانية ، الذي أعطاه الله بساط العناية وجرت بين يديه رياح الهداية وأصبحت ملائكة السماوات لحضرته من الخدام ، وفي الشهر الثامن جاءها موسي وبشرها في منامها بأنها حملت بطور التجليات الإلهية الذي خاطبه الله من فوق سبع سماوات وخفض دون مقامه كل مقام ، وفي الشهر التاسع جاءها عيسي بن مريم الطاهرة العمرانية ، وبشرها في منامها بأنها حملت بأفضل من حج وصلي وصام ، ولما كملت عدة أشهر أشرقت الأقطار بالأنوار المحمدية ، ونشرت له في جوانب الأرض الأعلام ، ولما جاء شهر ربيع الأول الذي فتح الله فيه أبواب العطية ، وطلعت فيه شموس الإيمان وفتحت كنوز الأنعام حضرت ليلة مولده المنيرة القمرية ، واشتد بآمنة الطلق بلا وجع ولا إسقام ، وكانت السيدة وحيدة في منزلها فدخلت عليها النسوة الحورية ، ومعهن آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران فبد أنها بالتحية والسلام ، وأقبلت حواء في جماعة وجاءت سارة الخليلية ، وهن يهنئنها بأحسن تهنئة لأجل اغتنام ، وفتحت أبواب السماء ونزلت الملائكة الروحانية ، وأقبل الأمين جبريل في كبكبة من الملائكة وبيده ثلاثة أعلام ، ودقت طبول الأفراح في السماوات والأرض وعبقت روائح الطيب بين العوالم الجبروتيه ، وتعطر الملأ الأعلى بعنبر لحظات أوقاته العظام .
( اللهم عطر قبره بالتعظيم والتحية . واغفر لنا ذنوبنا والآثام )
وتلألأت الكائنات بطوالعه السعودية ، وافتخرت الخلائق بقدومه والعرب والأعجام ، ورأت أمه نورا خرج منه أضاء الأرجاء العلوية والسفلية ، وتدلت الكواكب من السماوات وأقبل إلي بيت آمنة الغمام ، ورأت من يقول لها ستضعين خير أهل الأرضين والسماوات العلوية ، فإذا وضعتيه فسميه محمد ليحمد فى الدنيا ويوم الزحام ، ولم تزل السيدة تشاهد من غرائب معجزاته أمورا نورانية ، ومن عجيب آياته مالا تحيط به العقول والأفهام ، وذلك في ليلة الاثنين من بعد العشاء إلي طلوع اللمعة الفجرية ، فأخذها المخاض ووضعته صلي الله عليه وسلم نورا يتلألأ كالبدر ليلة التمام ، ويجب علينا معشر الحاضرين والسامعين القيام عند ذكر مولده الشريف تعظيما لقدوم ذاته البهية ، فيا سعادة من وقف تعظيما له علي الأقدام
(اللهم عطر قبره بالتعظيم والتحية . واغفر لنا ذنوبنا والآثام)
ولما بدا من بطن أمه كالشمس البهية ، سقط علي يد أم عبد الرحمان ابن عوف أحد البررة الكرام ، فسجد لمولاه علي الأرض وأومأ بطرفه إلي السماء العلية ، وفي ذلك الرفع إشارة إلي علو قدره والمقام ، ثم عطس فقال الحمد لله بفصيح العربية ، فقالت له الملائكة يرحمك ربك يا خير الأنام ، ثم غشيته سحابة من النور فأخذته الملائكة فغيبته عن أمه ساعة زمنية ، وطافوا به جميع الكائنات فعرفه أهل السموات والأرضين وكل منهم فى محبته هام ، ثم ردته الملائكة إلى أمه وهو ملفوف فى ثياب خضر سندسية ، وملك يقول ياعز الدنيا وياشرف الآخرة من قال بمقالتك وشهد بشهادتك حشر تحت لوائك يوم الزحام ، وولد نبينا صلى الله عليه وسلم ظريفا مختونا مسرورا مكحول العينين بكحل العناية الربانية ، كامل الجمال مستورا بالهيبة والجلال التام متخلقا بأخلاق الأنبياء من فصاحة وفطانة وسخاوة ندية ، وقوة وشجاعة وعفة وسماحة وحسن قوام ، وقيل ختنه جده عبد المطلب يوم سابع ميلاده وسماه محمدا وصنع وليمة وبذل فيها همته الجهدية ، فسئل عن ذلك فقال رجوت أن يحمد فى السموات والأرض وقد حقق الله رجاءه وما رام .
( اللهم عطر قبره بالتعظيم والتحية . واغفر لنا ذنوبنا والآثام)
وظهرت ليلة مولده أمور غريبة عجيببية ، تعظيما لقدومه وأجلالا لجنابه وأكراما له أى إكرام ، منها تزينت السموات حفظت من القواعد السمعية ، فمن استرق السمع بعد ذلك أتبعه شهاب مبين بالرمي والرجم الإيلام ، ولما ولد عيسى بن مريم حجبت الشياطين عن ثلاث سموات تعظيما لجلالته الروحية ، وحجبت عن الجميع لما ولد نبينا علي ممر الدهور والأعوام وتلألأت الكائنات بالأنوار وتدلت الكواكب من الجوانب الأفقية ، وأفل طالع الكفر ولاح فجر الإسلام ، وتزينت الجنان بأجمل زينة وأحلي مزية ، وافتخرت الولدان وتبخترت الحور المقصورات في الخيام ، وانصدع إيوان كسري وسقطت شرافته المبنية ، وظهر دين الحق وبطلت عبادة الأصنام ، وخمدت النيران التي كانت تعبدها الجاهلية ، وكان لها علي الصحيح لم تخمد ألف عام ، وغاضت بحيرة ساوه وقد عرفت بالأماكن الفارسية . وفاض ماء وادي سماوه وهي مفازة في جبال وأكام وكان مولده صلي الله عليه وسلم بمكان يعرف بسوق الليل بالأباطح المكية ، بالبلد الحرام المشرف بدعوة إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وعند مسقط رأسه تنفح إلي الآن رائحة عنبرية ، فيا سعادة من حياة بالتقبيل وعظمه بالالتئام ، وألبست الشمس يوم ولادته أنوارا عظيمة ضحوية . وازداد القمر نورا علي نوره وغاب حندس الظلام ، ووضعت الحوامل ذكورا تعظيما لقدوم ذاته المحمدية ، واخضرت الأرض وأثمرت الأشجار وجاء الرغد من كل جانب وفاض طوفان الخير وتلاطمت أمواج بحور الأنعام ، وكان صلي الله عليه وسلم وهو في المهد يناغي القمر ويتحرك مهده بتحريك الملائكة الروحانية ، وحديثه مع القمر لأجل تسليته عن البكاء ونزول دموعه السجام ، وأول من أرضعه ثويبة بعد أمه آمنة الوهبية وأعتقها سيدها لما بشرته بولادته فجوزي بتخفيف العذاب عنه كل ليلة اثنين علي الدوام .
( اللهم عطر قبره بالتعظيم والتحية واغفر لنا ذنوبنا والآثام)
وأما ما كان عليه من كمالاتة وأخلاقه الحميدة الزكيه ، كما رأيته مسطرا عن العلماء الأعلام ، فكان صلي الله عليه وسلم محفوفا بالهداية محروسا بالعناية محفوظا من كل أذية ، مشهور الفضائل مذكورا في المحافل مرفوعا لواء عزة منشور الأعلام ، عارفا بربه متوكلا عليه في حوائجه الكلية ، صادقا في أقواله مخلصا في أفعاله قائما بالعبادة لربه حق القيام ، زاهدا في دنياه راغبا في الدار الأخروية ، ساعيا في مصالح أهله واصلا للأرحام ، عظيم القناعة إذا اشتد به سلطان الجوع تكفيه اللقمة الطعامية ، ماشيا مع الأرامل ، قاضيا حوائج الأيتام ، عفوا عمن أساءه صفوحا عمن ظلمه رؤفا بأمته تأخذه عليهم شفقته القلبية ، مجيبا للإيماء صابرا علي البلاء والخطوب العظام ، عفيف النفس لا يسأل أحدا من خلق الله حاجة من حوائجة الضرورية ، دائم الحمد والشكر إن وجد شيئا أكله وإن لم يجد شيئا نوي الصيام ، خافض الجناح للفقراء والمساكين والجماعة الصحابية ، هين الجانب ليس بفظ ولا غليظ ولا مختال ولا نمام ، ماشيا خلف أصحابه قائلا خلوا ظهري للملائكة الرحمانية آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ولا ينطق في مجلسة إلي بصدق الكلام ، عاصبا من الجوع بالحجر أمعاءه الإحشائية ، وبين يده مفاتيح خزائن الأرض بما فيها من الأنعام وراودته الجبال أن تكون له ذهبا فلم ترض نفسه الأبية ، بل رضي حالته التي هو بها عليه الصلاة والسلام ، كامل الآداب إذا مشي في أماكن المدينة البهية ، مشدودا بالمئزر مرخيا علي وجهه اللثام .
( اللهم عطر قبره بالتعظيم والتحية . واغفر لنا ذنوبنا والآثام(
وأما فضائله صلي الله عليه وسلم بعد مفارقته الحياة الدنيوية ، فهي كثيرة جلت علي أن تحصرها الأقلام ، ولكن نورد نبذه منها تبركا بذكر مفاخرة العطرية ، ورجاء أن ننتظم في سلك محبيه عليه الصلاة والسلام فنقول قد روي أنه حين ينفخ إسرافيل في الصور نفخة القيام يرسل الله جبريل وميكائيل بالحلة والبراق إلي حضرته المحمدية فيقفان عند قبره الشريف وينادي جبريل يا طاه السلام ، فينتبه المصطفي صلي الله عليه وسلم من روضته ينفض التراب عن رأسه الشريف فيصافحة جبريل ويبدؤه ميكائيل بالتحية ، فيقول يا جبريل بشرني فيقول يا محمد قد تزينت لقدومك الجنان الفردوسية وتبخترت للقاؤك الحور والولدان العظام ، فيقول لست عن هذا أسأل أين أمتي يا جبريل فيقول يا محمد ما انشقت الأرض عن أحد قبلك من الخلائق القبلية والبعديه ، بل أنت أول من ظهر وأول من يشفع وأول من يقرع باب الجنة يا بدر التمام ، ثم يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد وتحيط بهم صفوف الملائكة السماوية ، فيتجلي المولي للمؤمنين بحلي رحمة وللكافرين تجلي غضب وانتقام ، فيتقدم المصطفي ويخر ساجدا تحت العرش وهو يحمد ربه بمحامد سنية ، ويقول في سجوده أمتي أمتي سلمها ونجها يا ذا الجلال والإكرام فينادي يا محمد ارفع رأسك وسل تعطي واشفع تشفع يا كامل المزية، فيشفع صلي الله عليه وسلم في فصل القضاء فتنصرف الكفار إلي النار والمسلمون إلي دار السلام فيقول الله مرحبا بعبادي وزواري قد أعطيتكم يا عبادي أوفر عطية ، أنتم ضيوفي وجيراني وخيرتي من خلقي أبحتكم رضاي وأسكنتكم دار السلام ، فيسكنون قصور مشرفة علية ، ويأكلون ويشربون ويتنعمون بغاية الأنعام ، ويتفكهون ويلبسون ثيابا خضرا سندسية متكئين فيها علي الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ولانصبا ولالغوبا ولا لوم لوام ، ويطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق جواهرها نقية ، يسقون فيها من رحيق مختوم ختامه مسك فيا نعم الشراب ويا حسن الختام ، هذا ونسأل الله تعالي أن يختم لنا ولكم ولوالدينا ولوالديكم ولسائر المسلمين بخاتمه السعادة الأبدية ، ويسكننا جواره في دار السلام .
)اللهم عطر قبره بالتعظيم والتحية . واغفر لنا ذنوبنا والآثام(
اللهم يا عالم الأسرار الخفية ، يامن أحاط علمه بالليالي والأيام ، يا من السماء بقدرته مبنية ، يا من لا يغفل أبدا ولا ينام ، يا من الأرض بحكمته مدحية ، يا من لا يفتقر لمخلوق بل بنفسه القديمة قام ، يا من حوائج خلقه عنده مقضيه ، يا من لا يخيب من قصده بل يعطيه فوق مارام ، يا من افترقت الخلائق إلي ذاته الأحدية ، وهو سبحانه وتعالي عزيز ومن استعذ بعزه لا يضام ، يا من تفرد بالإيجاد والمنن والعطية ، وشمل إحسانه جميع الأنام ، نسألك بأنوار ذاته القدسية التي بها كل حادث استقام ، ونتوسل إليك بنور ذات نبيك المصطفوية الذي استضاءت به قلوب المؤمنين وزال عنها الظلام ، وبآله وأصحابه ذوي النفوس الذكية ، ونجوم دينة الأئمة الأعلام ، أن تعمنا برحمتك وبركاتك الربانية ، وتغمسنا في بحار اللطف والإنعام ، وتدفع عنا كل هم وغم وكربة وبلية ، وتكفينا شر الذل والإهانة وتكسونا جلابيب المعزة والاعتصام وتوفقنا لصالح الأعمال الخالصة المقبولة المرضية ، وتنجينا من الإساءة والخزي والانتقام ، وتعفوا عما أحاط به علمك من كل خطية ، وتمحوا عنا الذنوب والآثام ، وتسترنا جميعا في هذه الدنيا الدنية ، ولا تفضحنا يوم خلقك في يوم تزل فيه الأقدام " وتتولي قبض أرواحنا بين قدرتك الربانية ، وتجعلنا عند الموت ناطقين بشهادة الإسلام ، وترزقنا عند سؤال الملكين الجواب يا مبلغ الأمنية وتؤنسنا في قبورنا من الوحشية والضيق والظلام ، وتلطف بنا في بعثنا ونشورنا وتحشرنا في زمرة صاحب المقامات العلية ، وتدخلنا في شفاعتة وتوردنا حوضه وتعمنا عند الصراط المستقيم بالنور السني التام ، وترزقنا جوار نبينا في جنان النعيم الديموية ، وتبلغنا النظر إلي وجهك الكريم في دار المقام ، وصل اللهم وسلم علي من تفرعت جميع الكائنات من درر محاسنه البهية ، وعلي آله وأصحابه البررة الكرام صلاة وسلاما نبلغ بهما حسن المواهب اللدنية ، وتنتظم بهما في سلك أهل طاعنك أحسن انتظام ، ونجلس بهما علي بساط القرب لمشاهدة أنوارك الذاتية ، ونحوز بهما النظر إلي بهاء جمالك والحمد لله علي ذلك في الافتتاح والاختتام .
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتى
مقدمة الرسالة
هذه الرسالة موجهة إلى أحد الأخوة الأفاضل بمناسبة انتقاده احتفالنا بمولد النبى صلى الله عليه وآله وسلم لعام 1416هـ ، وكان النقد المهذب فى صورة كتاب
• اسم الكتاب : "الإنصاف فيما قيل فى المولد من الغلو والإجحاف ".
• المؤلف : فضيلة الشيخ أبو بكر الجزائرى .
• طبع ونشر : إدارة الطبع والترجمة بإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالرياض / المملكة العربية السعودية – يوزع بالمجان 1405هـ .
فقمت على مهل بقراءة الكتيب .
والشيخ أبو بكر الجزائرى شيخ جليل ، قرأت له فى الفكر والاهتمامات الإسلامية المعاصرة وهو شيخ واسع الاطلاع .
ولكن :
ما إن قرأت هذه الرسالة لفضيلة الشيخ حتى وجدتنى بعلمى المتواضع جداً ، والذى لا يتعدى أبجديات العلوم الشرعية بناء على الاطلاعات الحرة ، أقول وجدتنى أستطيع إستخراج ملاحظات كثيرة على معلومات الكتاب ؛
فالكتاب يخرج على مبادئ أصول الفقه ، والكتاب يتحيز لرأى فقهى معين بل ويتعصب له والعجيب أنه يغفل الرأى الآخر ولا يذكره ، والكتاب يحاول لى النص لإثبات ما يجب ، ويحاول أن يجعل الموضوع الفرعى موضوع أساسى ، وفى النهاية يحاول الكتاب أن يوسع الفجوة الخلافية بين جماهير الأمة الإسلامية بدلاً من أن يتسع الفكر الإسلامى المعاصر للرأى والرأى الآخر ، ففضيلة الشيخ يميل إلى الانتماء للنغمة السائدة فى فكر محمد بن عبد الوهاب وهو الهجوم على الجماعة المسلمة الأخرى وحصر الفكر الوهابى فى بضع عشرة نقطة جلها نقاط فرعية ويغفل الحياة الإسلامية الرحبة والفكر الإسلامى الواسع خلال القرون الكثيرة ، وهذا الفكر الوليد الذى لم يتم فرضه على جزء من الأمة إلا قريباً من ثمانية أو تسعة عقود من الزمن يجاول أن يهدم الجبل الضخم الذى بناه الفكر الإسلامى خصوصاً علم أصول الفقه وعلم أصول الحديث وعلوم القرآن .
وبعد:
فى هذه الرسالة وجدت نفسى أسير مع الكتيب وأكتب ملاحظاتى بنفس ترتيب الكتاب ، وأول من يقرأ هذه الرسالة هو المرسل إليه وإن كانت له تعقيبات أرجو أن يحررها قبل محاولة تصوير هذه الرسالة وإهدائها لاخوتنا وأحبابنا صحبة الدرب بالقرية .
والسلام .
الخمسة – السابع من شوال 1416هـ
26/2/1996م
أبو هاشم السيد أحمد الشريف
مقدمة علمية هامة
يبدأ الشيخ كتابه بمقدمة علمية وصفها بأنها هامة لمن أراد أن يعلم حكم الشرع الإسلامى فى ما يسمى بالمولد النبوي الشريف وتحدث فى هذه المقدمة الموصوفة بالهامة الملاحظات الآتية :-
أولاً :- الخروج على أصول الفقه العامة وذلك بتعميم القواعد ، مثلاً يقول :- كل عمل يراد به التقرب إلى الله تعالى للحصول على الكمال والسعادة بعد النجاة من الشقاء والخسران ينبغي أن يكون :-
1- مما شرعه الله فى كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم
2- مؤدى كما أداه الرسول من حيث كميته أى عدده وكيفيته وزمانه ومكانه .
3- أن يريد فاعله طاعة الله تعالى .
وهذا تقعيد لقواعد خاصة بقصد الوصول إلى غرض المؤلف فى جعل الاحتفال بالمولد – أو غيره مما يريد أن يلغيه – جعل ذلك من العبادات أو مما يتقرب به إلى الله ، وحيث أنه لم ينطبق عليه الشروط الثلاث السابقة فيكون بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار .
ولو تأملنا هذه الشروط الثلاث لوجدنا الآتى :-
أ- شرع الله تبارك وتعالى يشمل :- الكتاب ، السنة ، الإجماع ؛ وهى أدلة متفق عليها بين كافة الفقهاء ولكن المؤلف أغفل الإجماع رغم ثبوته بالكتاب والسنة .
ب- الذى يشترط أن يؤدى كما أداه الرسول كماً وكيفاً وزماناً ومكاناً إنما هو العبادة بمعناها العام كالعمل وصلة الجار وصلة الرحم وزيارة صديق والحياة العامة عموماً فيقتدى فيها بتعاليم الإسلام عموماً سواء كان مصدرها الكتاب أو السنة أو الإجماع – وهى المصادر المتفق عليها – أو كان مصدرها القياسى أو المصالح المرسلة أو الاستحسان وغيرها مكن المصادر التى اختلف عليها الفقهاء .
وهكذا نجد أن هذه الشروط التى اشترطها الشيخ يخرج منها آلاف الحوادث التى تمر بالمسلم كل يوم .
ولذلك حين ذكر المؤلف الأمثلة : ذكر الصلاة والحج والصيام حتى ان المؤلف ناقض القول الأول فذكر عقب ذلك : وهكذا سائر العبادات لا تقبل ولا تصح إلا إذا روعى فيها الشروط المذكورة .
ثانياً :- يخلط المؤلف ويميل إلى عدم الدقة فيقول : إن سائر العبادات لن تقبل من فاعلها إلا إذا راعى فيها :-
1- أن تكون مشروعة بالوحى الإلهى . لقول النبى صلى الله عليه وسلم " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد".
2- أن يخلص فيها لله تعالى بحيث لا يشرك فيها أحداً كائنا من كان .
وهنا غير المؤلف موقفه الأول.
فكان يشترط هذه الشروط أولاً لكل عمل يتقرب به إلى الله ، ثم استبدل بأن اشترط هذه الشروط للعبادات ،
وهنا القول أكثر دقة .
ولكن يشترط أن يكون مشروعاً بالوحى وهذا غير دقيق ، لأن الوحى إنما هو القرآن ، أو القرآن والسنة ، وهذا بعض الأدلة الشرعية وأساسها ، وهناك أدلة أخرى ، فمثلاً توريث الجدة لم يشرع بالوحى ، والوصية الواجبة وكتابة المصاحف وتنقيط المصحف والتفريق بين آيتى الكلالة وآلاف الحوادث لم تشرع بالوحي ويراد بها التقرب إلى الله تعالى .
ولكن الحديث يصدق عليها ويشمل ما شرع بالوحى الإلهى ، وما شرع مستنداً إلى الوحى الالهى .
ثالثاً : - تعميم وخلط المؤلف مقصود ، وكشف لنا عن قصده بعد أن بين كل ذلك فقال:-
ومن هنا كانت أيها الأخ المسلم البدعة محدثة وكانت ضلالة ،
وقد بدأ المؤلف كلاماً عاماً غير محدد ، فكان لا بد من تحديد كل بدعة وإثبات أن ليس لها أصل من الشرع وتحديد أنها ضلالة ، كما حدد الأمثلة " الصلاة والحج ..."
أما تعميم المسألة بغير دليل فلا يقبل .
وبعد ذلك
يذكر المؤلف عنوان :- تنبيــه
يضرب مثلاً للبدعة والابتداع فيقول :-
إن العبادة المشروعة بالكتاب والسنة قد يطرأ عليها الابتداع ويداخلها الأحداث فى كميتها أو كيفيتها أو زمانها أو مكانها فتفسد على فاعلها ولا يثاب عليها .
وضرب مثلاً:
يقول الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيرا"
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " مثل الذ1ين يذكر ربه والذى لا يذكره مثل الحى والميت ".
فالذكر مشروع ولكن داخله الابتداع عند كثير من الناس فأفسده عليهم وحرمهم ثمرته ، ثم يذكر المؤلف أوجه الابتداع بما يلى :-
الذكر بالإسم المفرد الله ، الله ، الله ، الله أو بضمير الغيبة هو ، هو . أو الذكر بنداء الله تعالى : يا لطيف يا لطيف . أو الذكر بلفظ مشروع بنحو الهيللة ولكن فى جماعة بصوت واحد مما لم يفعله الشارع ولم يأمر به أو يأذن فيه .
ويصل المؤلف من ذلك أن العبادة إن كانت غير مشروعة بالوحى الالهى فهى بدعة ضلالة ، وإن كانت مشروعة ولم يراع فيها الحيثيات الأربع فقد داخلها الابتداع وهى قربة فاسدة وإن خالطها شرك فهى عبادة حابطة هابطة .
* ونحن إذا تأملنا مقدمة التنبيه ومؤخرته نجد استنتاجاً معاكساً ؛ فمثلاً يقول الله تعالى :- " يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً " إذا تأملنا الآية نجد فيها أدلة شرعية لمن عاب عليهم المؤلف . فنجد :
أ- الخطاب موجه للجماعة ، ويفهم منه إمكان تنفيذ الأمر جماعى .
ب- الأمر يقول : اذكروا الله . وهم يذكرون الله بحرفية الأمر مثل قول الله لنبيه : قل الله ، وقول الله تعالى : واذكر اسم ربك وهم ينفذون ذلك فيذكرون اسم ربهم .
ج- الأمر يقول : ذكراً كثيراً ، بلا حد ولا كمية ولا عدد ، ولا زمان ولا مكان وهم يفعلون ذلك .
د- الذين يهللون جماعة وردت أحاديث كثيرة تدل على الذكر الجماعى .
مثلاً : ما رواه البخارى فى كتاب الآذان ومسلم فى كتاب المساجد وأبو داوود فى كتاب الصلاة والنسائى عن ابن عباس : "ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالتكبير " وما رواه البخارى ومسلم وأبو داوود : "إن رَفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبى " (صلى الله عليه وسلم)
وفى مقابل ذلك ، لم يقدم لنا المؤلف من الأدلة الشرعية ما يحرم :
1- الذكر باللفظ المفرد الله أو أى اسم من الأسماء الحسنى .
2- الاجتماع على الذكر بلا إله إلا الله .
طبعاً نحن لا نناقش هنا موضوع الذكر وإنما نناقش فقط القضية التى أوردها المؤلف وطريقة تعويمه للأمور ليصل إلى النتيجة التى يريدها .
ثم ينتقل الشيخ إلى تتمة نافعة
فى بيـــــان السنة والبدعة
فهل جاء ملتزماً بالأمانة العلمية فيما جاء به ؟
عنوان :-
تتمة نافعة فى
بيان السنة والبدعة
ولكن المؤلف يأتى بطرق جديدة ومعارف من تعبيره هو ، لكى تؤدى فى النهاية إلى ما يريد .
بل ينتقى من أقوال الفقهاء ، ثم يؤيد رأيا منها ، ويسبب تأييده وجاء ترتيب المؤلف على النحو التالى :-
أولاً :- عرف السنة شرعاً :- ما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بإذن الله تعالى لأمته من طرق البر وسبل الخير وما انتدبها إليهم من الآداب والفضائل لتكمل وتسعد .
وهذا التعريف يُخرج من السنة : عادات النبى صلى الله عليه وسلم بل وأخلاقه التى لم يندب إليها .
ولكنا نعرف السنة مثل تعريف الفقهاء أنها :- ما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير . . . ويدخل فى ذلك ما أمر به ويصير واجباً أو فرضاً وما لم يأمر به فيصير مستحباً أو سنة .
ثانياً :- يشترط الكاتب للسنة التكرار ، فما لم يتكرر فعله أو رؤيته وسماعه من النبى صلى الله عليه وسلم لا يكون سنة .
ويلجأ لإثبات ذلك فى اللغة ويضرب أمثلة لذلك من أن النبى جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء فى غير عذر ولا سفر ولا مرض ولا مطر ، والمرأة التى نذرت إن رد الله رسوله سالماً من سفر أن تضرب بالدف على رأسه فرحاً ، ففعلت ولم ينهها الرسول .
وهذا شرط خبيث وخطير – اشتراط تكرار الفعل ليصبح سنة- لأن هذا الشرط لو كان صحيحاً لقضينا على معظم سنة رسول الله لأن معظمها لم يتكرر ، ولأن معظم السنة أخبار آحاد رآها أحد من الصحابة ورواها لنا ، ولا تشرط التواتر والتكرار فى قبول الخبر ، ويمكن بسهولة الرد على إبطال هذا الشرط ، ففى تحويل القبلة تم قبول الأمر من أول مرة دون تكرار وبخبر آحاد وهناك أدلة كثيرة وسهلة للجميع فى ذلك .
ثالثاً :- عرف البدعة تعريفين :-
1- الأول : كل ما لم شرعه الله تعالى فى كتابه أو على لسان رسوله محمد من معتقدا أو قول أو فعل .
2- الثانى : ويصفه بالتعريف الأسهل : كل ما لم يكن على عهد رسول الله وعهد أصحابه دينا يعبد الله به أو يتقرب به إليه من اعتقاد أو قول أو عمل مهما أضفى عليه من قداسة وأحيط به من شارات الدين وسمات القربة والطاعة .
وهكذا لم يكتف بالتعريف الأول بل اختراع التعريف الثانى لأنه يضع بواسطته جميع ما يحب أن يضعه تحته فيصير بدعة .
ومن ينظر إلى هذين التعريفين يجد أنهما يشملان على غلط كبير .
فالبدعة هى كل معتقد أو قول أو فعل يضاد شرع الله فى كتابه أو على لسان رسوله . وفرق كبير بين هذا وذاك .
ولماذا لم يورد الكاتب تعريف كبار الأئمة ؟؟
رابعاًَ :- أتى بأمثلة من البدع الاعتقادية والقولية والفعلية :-
فالبدع الاعتقادية :- مثل الأقطاب والأبدال ، وجاء بكلام للجهلة والعامة ليثبت ذلك ووصفهم بالشرك الأكبر ، رغم أن ما ذكر يمكن أن يوصف بالمفاسد والجهالات .
والبدع القولية :- مثل سؤال الله بجاه فلان ومثل الوسيلة وقال :- انها من وضع الزنادقة الباطنية ، وكذلك حضرات الذكر والاجتماع على المدائح والقصائد الشعرية ، ويقسم الكاتب بالله أنها من وضع الزنادقة والمخربين لدين الإسلام .
عجباً لفضيلة الشيخ .. هل فى المناقشة العلمية والإثبات قسم ؟
إنما أمامنا الأدلة الشرعية نأتى بها ونستدل بالكتاب والسنة والإجماع وغيره ، فكان الأجدى بك يا شيخ أن تأتى بالأدلة المخالفة لرأيك وتعارضها بالأدلة الأقوى وتبطلها بدلاً من أن تقسم بالله .
والبدع الفعلية :- مثل البناء على القبور وشد الرحال إلى زيارتها والعكوف عليها والذبح عندها والخروج من المسجد الحرام أو النبوى بظهره .......
كل هذا بدعاً فعليه .
لكن أين الأدلة على بدعية هذه الأفعال ؟
كان يجب على الكاتب الفاضل أن يأتى بالأدلة الشرعية لتحريم كل حرام ، فلا يكفى أن يقسم على صحة قوله وإنما يأتى بالأدلة من الكتاب والسنة والإجماع والقياس وغيرها ..
ثم ينتقل الكاتب ِإلى فرع مهم :-
الفرق بين البدعة والمصالح المرسلة
• يبدأ الكاتب فيكتب كلاماً مختلطاً ، بعيداً عن الحق وإن لبس ثوبه ، فيرى أن التشريع الإسلامى تسلل إليه أناس تحت شعار البدعة الحسنة ، ووضعوا للمسلمين من البدع ما أماتوا به السنن وأغرقوا الأمة فى بحور البدعة ،
ومن مظاهر هذا الانحراف : المذاهب المتطاحنة والطرق المختلفة وهى نتيجة استحسان البدع . فيبتدع الرجل بدعاً يضاد بها السنن ويقول إنها بدعة حسنة ، وهذا يضاد الشارع صلى الله عليه وسلم الذى قال : " كل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار ". وقد انخدع بعض أهل العلم لهذا التضليل فقال : إن البدعة تجرى عليها الأحكام الشرعية الخمسة من الوجوب والندب والإباحة والكراهة والحرام .
ثم يأتى الكاتب برأى الإمام الشاطبى ليبين لنا تحديد معنى البدعة .
كلام الكاتب مرتب جميل . ولكن
بالتدقيق نجد فيه الخلط والتشويه كما يلى :-
أولاً :- هذه المذاهب التى نشأت ليست نتيجة البدع ولكنها نتيجة ما يلى :-
1- التنازع على الحكم والتحيز لسيدنا على أو معاوية أو سيدنا الحسن أو يزيد .... الخ .
2- كثرة دلالات آيات القرآن أو نصوص السنة .
3- الكذب فى الحديث على رسول الله .
4- الاختلاف فى ترجيح الأدلة مثل الترجيح بين حديث الآحاد أم أقوال الصحابى أم عمل أهل المدينة .
ثانياً :- يتهم الكاتب العلماء الأفاضل الكبار أمثال الشافعى وأبو حنيفة والغزالى وعز الدين بن عبد السلام وعمالقة الفقه الإسلامى ، يتهمهم بالخديعة وأنهم جميعاً انخدعوا ، وهذا يضرب معظم الفقه الإسلامى بمدارسه المختلفة رغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم زكى هذا التبيان ؛
فمثلاً : الاختلاف بين عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة فى قراءة القرآن ، وتأييد الرسول لمعاذ بن جبل فى المسائل التى لم يرد نص ، وأحكام عمر بن الخطاب بالاجتهاد معروفة ... وهكذا .
ثالثاً :- انتهى الكاتب فى تحديد معنى البدعة وحصره فى رأى الشاطبى والأمانة الفقهية كانت تتطلب أن يأتى بآراء الفقهاء فى موضوع تحديد البدعة أمثال الشافعى والإمام مالك وغيرهم من كبار الأئمة ، ثم يختار ما يميل إليه بالدليل ، أما أن يرى العلماء انخدعوا والإمام الشاطبى هو الذى تفطن لهذا فهذا تحيز غير أمين من الناحية الفقهية .
رابعاً :- ان الفقهاء حين قسموا البدعة إلى حسنة وسيئة وأجروا عليها الأحكام الشرعية الخمسة ، إنما فعلوا ذلك بإعتبار أن البدعة كل محدثه طبقاً لقول النبى صلى الله عليه وسلم :-
" كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار".
فهل كل محدثة ضلالة ؟؟
علما أن الحديث لم يخصص المحدثة بأنها فى الدين أو غيره .
فلماذا اذن أحدث أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وابن مسعود وغيرهم فى الشريعة أموراً تزيد أو تنقص عما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم ؟؟؟
نعود إلى أصل الحديث : كل محدثة ضلالة ؟؟
اذن الحديث ظنى الدلالة حسب تعبير الأصوليين ،
والحديث يحتمل الاحتمالات الآتية :-
1- كل محدثة ضلالة : سواء فى الدين أو فى غيره وسواء فى الماديات أو المعنويات ، ويتفرع من ذلك أن المسلم يجب أن يعيش كما كان النبى صلى الله عليه وسلم والصحابة ، يأكل القديد واللبن ويسافر على الإبل ويجلس على الحصى ولا يجدد ولا يدخر .. .. .. الخ .
2- كل محدثة فى الدين بدعة وضلالة :- فى أى شئ فى الدين ، فى الأصول أو فى الفروع ، ويتفرع من ذلك : أن كتابة القرآن فى المصحف ضلالة ، وتسقيف المسجد كله ضلالة ، وتوريث الجدة ضلالة ، وكل اجتهادات الصحابة ضلالات وهى فى النار .
3- أن النبى صلى الله عليه وسلم يقصد شيئاً آخر يجب على الفقهاء أن يجتهدوا ليحددوه للمسلمين ، وهو موضوع التفقه فى الدين الذى قال الله تعالى فيه : " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون".
ويتضح مما فهمه فقهاء الإسلام تأييدهم للرأى الثالث لذلك اجتهدوا فى معرفة البدع التى يقصدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الاحتمال الأول قد يكون فيه محدثات واجبة مثل تجيش الجيوش على مدار الدهر وليس فى المناسبات ، واختراع المخترعات الضرورية وفى الاحتمال الثانى قد يكون هناك محدثات ، نعم هى بدع ولكنها ليست ضلالة مثل جمع القرآن فى مصحف ، والاجتماع لصلاة التراويح وتوريث الجدة ، والوصية الواجبة .. .. وغيرها .
كل هذه محدثات وهى بدع منها الواجب مثل جمع المصحف
ومنها المندوب مثل تنظيم الجيوش
ومنها المباح مثل المباحات
ومنها المكروه الذى يخالف المنهى نهياً غير بات
ومنها الحرام التى تضاد واجباً .
أو من البدع : الحسن والسئ .
وربما يكون هذا ما رآه الفقهاء الذين يميلون إلى هذا الرأى .
• ثم يأتى المؤلف بعد ذلك بما يهدم آراءه فيقول : صــ31 فالبدعة هى ما لم يدل عليه دليل الشرع من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس .
هذه الجملة تهدم كل البدع التى يعتبرها المؤلف بدعاً هى ضلالة ،
إدخال المؤلف (للقياس) فى الجملة سيؤيد اعتبار تقسيم البدع إلى حسنة وسيئة لأن معظمها مبنياً على القياس .
وبعد ذلك
يذكر الكاتب أن العلماء أخطأوا فى ذلك لسببين :-
( 1 ) الغفلة . ( 2 ) اشتباه المصالح المرسلة .
1) بالنسبة للغفلة :- سامح الله الكاتب لأنه يتهم فقهائنا الكبار بالغفلة ، والغفلة ليست لأمثالهم .
2) بالنسبة للمصالح المرسلة :- فإن الكاتب ظل يخبط فيها خبطاً عشواء يميناً وشمالا ، لا ليصل إلى الحق ، وإنما ليصل إلى إثبات ما يهواه .
فبينما يقول :- اعلم أيها القارئ أن المصالح المرسلة – والتى يسميها مروجوا البدع بالبدعة الحسنة – تكون فى الضروريات والحاجيات والتحسينات ، وهذا أيضاً يهدم جميع آراء الكاتب الفاضل .
ثم بعد ذلك يعدد أمثلة :-
- كتابة المصحف وجمع القرآن ليس من باب البدعة وإنما هو من باب المصالح المرسلة.
- اتخاذ المحاريب فى قبلة المسجد وزيادة عثمان الأذان الأول لصلاة الجمعة والأذان للصبح بأذانين .... كل هذا من المصالح المرسلة لأن الشرع لم يشهد لمسألة المحراب أو الأذان بإعتبار ولا إلغاء ، والمسألتان تدخلان فى مقاصد الشرع ، فأولى من الحاجيات والثانية من التحسينات والكماليات .
ومن المصالح المرسلة – التى ليست بدعاً- بناء المنارات والمآذن واتخاذ مكبرات الصوت وقراءة القرآن قراءة جماعية فى الكتاتيب .
ثم يصل الكاتب إلى النتيجة التى يهواها – وهى ليست مع الحق – فبينما جميع ما سبق محدثات وهى بدع لقول الرسول : كل محدثة بدعة ؛ فإن الكاتب يغالط ويقول :- فليس عليها ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الابتداع فى الدين بقوله : إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة .
ثم ينتهى الكاتب إلى الخلاصة فيقول :-
خلاصة القول أيها القارئ أن المصالح المرسلة غير البدع المحدثة ، فالمصالح المرسلة لا ترد ولا تقصد لذاتها وإنما تراد وسيلة لحفظ واجب أو أدائه أو درء مفسدة أو تجنبها ،
أما البدع فإنها تشريع يضاهى به شرع الله مقصود لذاته ولا وسيلة لغيره من جلب نفع أو دفع ضر .. " تأمل يا أخى تدليس الكاتب" وعلى ذلك فالكاتب يتهم فريق من المسلمين أنهم يشرعون عبادات مقصودة بذاتها وهذا ضلال .
وبهذا الكم من المغالطات يصل الكاتب الفاضل إلى النتيجة التى يريدها ،
وهذا التخبط أرى سببه فيما يلى :-
1- أن الكاتب مثلما جرى عليه فقهاء الاتهام بالابتداع "التبديع" يطرح آراء فقهاء المذاهب ويتأبى أن يتبعهم ، لأنهم رجال وهو من الرجال وعليه أن يفهم الدين ليس من خلال آرائهم وإنما من خلال نظره هو فى الكتاب والسنة .
2- وحيث أن الكاتب الفاضل لم يصل إلى درجة الاجتهاد المطلق وهذا عسير فى عصرنا لأن الاجتهاد أصبح من أعمال الاجتهاد الجماعى يقوم به الهيئات الدينية التى تجمع فريقاً من العلماء يشمل علماء الفقه والتفسير واللغة والأصول وغيرهم حتى يكون الاجتهاد مصيباً .
أما المجتهد الفرد .. وأين الفقيه التى وصل إلى درجة المحدث ووصل إلى درجات العلم باللغة العربية وعلوم القرآن والتاريخ وغيرها مما هو مطلوب فى المجتهد؟؟
أين هذا العالم ؟؟
3- لذلك .. ولأن هذا الكاتب ترك أصول الفقه عند كبار الفقهاء ..
فأخذ يتخبط ما بين آراء تؤيده وآراء تدفعه ،
وفى النهاية هبط إلى الرأى الذى يريد .
ثم بعد ذلك وصل إلى موضوع الموالد
وبدأها بالحديث عن الموالد العامة
ثم المولد النبوى الشريف
بنفس أسلوب التناقض والتخبط
كما سنرى فى الورقة التالية بمشيئة الله تعالى .
بعنوان :-
الموالد عامة وحكم الإسلام عليها
• بعد هذا الفقه وهذه المقدمات الطويلة التى استغرقت نصف الكتيب انتهى الكاتب إلى رأيه فى الموالد ، ولكن من عنوان الفصل أو الباب نجد أن الكاتب لا يرى أن هذا رأيه أو رأى جانب من الفقه بل يقرر أن هذا هو رأى الإسلام ، وكأن المسألة ليست اجتهادية وإنما هى آية قرآنية قطعية الثبوت قطعية الدلالة .
• ويتبع الكاتب الترتيب الآتى فى الكلام على الموالد :-
القاسم المشترك بين عامة الموالد
1- ذبح النذور والقرابين للسيد أو الولى .
2- اختلاط الرجال بالنساء .
3- الشطح والرقص وضرب الدفوف والمزامير .
4- إقامة الأسواق للبيع والشراء ويضرب أمثلة بأسواق منى وعرفات ولا أدرى ما دخل منى وعرفات بهذا الموضوع .
5- دعاء الولى أو السيد والاستغاثة به والاستشفاع وطلب المدد وهذا شرك أكبر والعياذ بالله .
6- قد يحصل فجور وشرب خمر .
7- مساعدة الحكومة على إقامة هذه المواسم ولو كانت حكومة استعمارية أو شيوعية . ويستنتج من ذلك أن الموالد ما ابتدعت إلا لضرب الإسلام وتحطيمه والقضاء عليه .. .. { ولو كان هذا دليلاً لكان الموقف مثله يستنتج من مساعدة الحكومات الكافرة والاستعمارية دول الخليج والسعودية فى حرب الخليج فهل هذا دليلاً على أن هذه الحكومات بدول الخليج ضد الإسلام }.
ويصل المؤلف إلى القرار :-
ومن هنا كان حكم الإسلام على هذه الموالد والمواسم والحضرات :
المنع والحرمة ، فلا يبيح منها مولداً ولا موسماً ولا حضرة لأنها بدع قامت على أساس تقويض العقيدة الإسلامية وإفساد رجال المسلمين .
ثم يدلل أكثر على الحرمة :-
- وهل دعاء غير الله والذبح لغير الله غير شرك حرام ؟
- وهذه الموالد ما قام سوقها إلا على ذلك .
- وهل الرقص والمزامير واختلاط النساء بالرجال إلا فسق وحرام ؟
وما خلت تلك المواسم من شئ من هذا .
- وهل هذه الموالد عرفها الرسول والصحابة والتابعون ؟
لا لا
- وما لم يكن على عهد رسول الله وأصحابه دينا فهل يكون اليوم دينا .
وما لم يكن ديناً فهو بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار .
ثم يصل إلى قوله :-
فهذه الموالد على اختلافها ما فيها من حق البتة
وما لم يكن حقاً فهو باطل
اذ ما بعد الحق إلا الضلال .
هكذا يصل المؤلف إلى قراره .
• وهنا وإنصافاً للحق يمكن أن نقول :-
ان تحريم أو منع الموالد لما فيها مفاسد رأى سديد ، فيجب القضاء عليها إن غلب عليها الفساد ، فإن منعت المفاسد أبيح فعلها ، وهذا هو الرأى الواضح المعتدل ... أما اعتبارها ضلالة وفى النار لأن الموالد ما فيها من الحق ألبته ، فهذا هو الافتراء.
( بل إن الكاتب سيورد بعد ذلك مشاهد من الاحتفالات بالمولد كلها حق من وجهة نظر جمهور الأمة علماء وغير علماء ) وإلا لكان هناك أشياء محدثة ولكثرة المفاسد فيها نحكم عليها بالضلالة ، فالمفاسد الموجودة بالأسواق ، والمفاسد الموجودة بالأتوبيسات داخل المدن ، والمفاسد الموجودة بين المسلمين عموماً لا حصر لها ويمكن أن تؤدى إلى نفس الحكم .
لم يقدم الكاتب عليه الدليل الشرعى من الكتاب أو السنة أو الإجماع .
• بل إن الكاتب أورد ما يحدث فى المولد النبوى الشريف وهو عبارة عن اجتماعات فى المساجد أو البيوت خلال المدة من أول ربيع الأول حتى