بانتظار سيدتي
أجلس في المقهى .. منتظرا
أن تأتي سيدتي الحلوة
أبتاع الصحف اليومية
أفعل أشياء طفوليه
في باب الحظ
أفتش عن برج الحمل
ساعدني يا برج الحمل
طمئني يا برج الحمل
هل تأتي سيدتي الحلوة ؟
هل ترضى أن تتزوجني
هل ترضى سيدتي الحلوة ؟
يخبرني برجي عن يوم
يشرق بالحب وبالأمل
يخبر .. عن خمسة أطفال يأتون
وعن شهر العسل
أبقى في المقهى .. منتظرا
عشرة أعوام شمسية
عشرة أعوام قمرية
منتظرا سيدتي الحلوة
تقرأني الصحف اليومية
ينفخني غيم سجاراتي
يشربني فنجان القهوة
تذكرة سفر لامرأة أحبها
أرجوك يا سيدتي .. أن تتركي لبنان
أرجوك باسم الحب ، باسم الملح
أن تغادري لبنان
فالبحر لا لون له
والشكل لا شكل له
والموج – حتى الموج – لا يكلم الشطآن
أرجوك يا سيدتي أن ترحلي
حتى أرى لبنان
أرجوك يا سيدتي أن تختفي
بأي شكل كان
باي سعر كان
أن ترجعي البحر إلى حدوده
وترجعي الشمس إلى مكانها
وترجعي الجبال والوديان
أرجوك يا سيدتي
أن ترجعي براءتي
والزمن المكسور .. فوق ساعتي
وترحلي عني ، وعن لبنان
بأي شكل كلن
بأي سعر كان
أرجوك يا سيدتي
أن تدركي بأني إنسان
وتسحبي السيف الذي زرعته في فوهة الشريان
أرجوك .. باسم الزعتر البري ، والشربين ، والريحان
والثلج ، والضباب ، والرعاة ، والقطعان
وباسم عامين هما .. خلاصة الزمان
باسم ( جعيتا ) واليدان فوقها يدان
ونحن مبحران في عرس من الألوان
وباسم نادي الصيد في جبيل
والنبيذ .. والدخان
وبيتنا المهجور في طبرجة
وشعرك المنثور فوق الأرض والحيطان
وباسم ثوب أحمر
كنت به رائعة كزهرة الرمان
أرجوك يا سيدتي
باسم جميع الكتب المقدسة
والشمع ، والبخور، والصلبان
أرجوك بالأحزان يا سيدتي
إن كنت تعرفين ما الأحزان
أرجوك .. بالأوثان يا سيدتي
إن كنت تؤمنين في عبادة الأوثان
أرجوك .. باسم الأنس
أرجوك .. باسم الجان
أن تتركي لبنان
أرجوك يا سيدتي .. أن تأخذي
كل هداياك التي تحرك الشجون
كل المناديل التي تحمل حرف النون
أزرار قمصاني التي تحمل حرف النون
فكلها أفيون
يا أنت
يا أخطر ما عرفت من أفيون
أرجوك أن تسترجعي
مصباحك القريب من وسادتي
وكلبك الأبيض من سياراتي
فإنها قد أصبحت نوعا من الإدمان
يا امرأة .. قد جعلتني أدمن الإدمان
رفيقتي ، على دروب ( اليرزة ) الخضراء
رفيقتي ، بالصندل الصيفي .. والقبعة البيضاء
رفيقتي ، أمام باب مريم العذراء
رفيقتي بالحزن والبكاء
أرجوك ، يا سيدتي ، أن ترجعي
علاقنتي الأولى مع الأشياء
أن ترجعي الأشجار مستقيمة
والأرض مستديرة
والقمح ، والنجوم ، والسنابل الخضراء
أرجوك يا سيدتي
أن ترجعي إلى البحار الماء
والرب للسماء
أرجوك يا سيدتي
أن تحزمي حقائب النسيان
فإن حجم دمعتي
أكبر من مساحة الأجفان
أرجوك يا سيدتي
أن تتركي بيروت في عناية الرحمن
وتتركي لي الحزن
فهو صاحبي الوحيد من زمان
لبنان
كان أنت .. يا حبيبتي
ويوم ترحلين عن صدري
فلا لبنان
حارقة روما
كفي عن الكلام يا ثرثارة
كفي عن المشي
على أعصابي المنهارة
ماذا أسمي كل ما فعلته ؟
سادية
نفعية
قرصنة
حقارة
ماذا أسمي كل ما فعلته ؟
يا من مزجت الحب بالتجارة
والطهر بالدعارة
ماذا أسمي كل ما فعلته ؟
فإنني لا أجد العبارة
أحرقت روما كلها
لتشعلي سجارة
خارج صدري
خارج صدري
أنت لا توجدين
خارج عشقي .. أنت سلطانة
مخلوعة
في الأرض لا تحكمين
أنا الذي
سواك إنسانة
فكور الثدي .. وصاغ الجبين
لولا كتاباتي .. ولولا يدي
لولاهما .. من أنت في العالمين ؟
رابية ماتت عصافيرها
لا تنبت الدفلى ، ولا الياسمين
خارج صدري
أنت مفقودة
خارج شعري .. أنت مجهولة
مدفونة تحت جليد السنين
مليكة .. كنت معي دائما
وصرت بعدي
صرت كالآخرين
رساله من تحت الماء
إن كنت صديقي
ساعدني كي أرحل عنك
أو كنت حبيبي
ساعدني كي أشفى منك
لو أني أعرف
أن الحب خطير جداً .. ما أحببت
لو أني أعرف
أن البحر عميق جدا .. ما أبحرت
لو أني أعرف خاتمتي
ما كنت بدأت
اشتقت إليك
فعلمني .. أن لا أشتاق
علمني
كيف أقص جذور هواك من الأعماق
علمني
كيف تموت الدمعة في الأحداق
علمني
كيف أثور عليك
وأنجو من سيف الأشواق
فأنا من بعدك باقية
ككتاب مقطوع الأوراق
يا كل الماضي والحاضر
يا عمر العمر
حبي لك حب شعري
فلماذا تقتل في الشعر ؟
حبي لك حب مائي
فلماذا تدفعني للصخر ؟
يا من أهديتك ضوء الشمس
لماذا تهديني الظلماء ؟
يا من قدمت لك الغابات
لماذا تعطيني الصحراء ؟
يا من تتنزه فوق البر
وجسمي تمضغه الأنواء
أني في الماء
وصوتك يأتيني من تحت الماء
وملامح وجهك
تخرج لي كالمارد من أعماق الماء
وخطوط يديك تطاردني
حتى في الماء
آه .. لو تغرق ذاكرتي
لو يغرق وجهك ، والتاريخ
وتغرق آلاف الأشياء
آه .. كم أشعر بالإعياء
إن كنت نبيا
خلصني من هذا السحر
من هذا الكفر
حبك كالكفر
فطهرني من هذا الكفر
إن كنت قويا
أخرجني من هذا اليم
فأنا لا اعرف فن العوم
الموج الأزرق .. في عينيك
يجرجرني نحو الأعمق
أزرق .. أزرق .. لا شيء سوى اللون الأزرق
وأنا ما عندي تجربة
في الحب ، ولا عندي زورق
أن كنت أعز عليك
فخذ بيدي
فأنا عاشقة .. من رأسي
حتى قدمي
أني أتنفس تحت الماء
إني اغرق
أغرق .. أغرق
أغرق
رفقاً بأعصابي
شرشت
في لحمي وأعصابي
وملكتني بذكاء سنجاب
شرشت .. في صوتي ، وفي لغتي
ودفاتري ، وخيوط أثوابي
شرشت بي .. شمسا وعافية
وكسا ربيعك كل أبوابي
شرشت حتى في عروق يدي
وحوائجي ، وزجاج أكوابي
شرشت بي .. رعدا ، وصاعقة
وسنابلا ، وكروم أعناب
شرشت .. حتى صار جوف يدي
مرعى فراشات ، وأعشاب
تتساقط الأمطار .. من شفتي
والقمح ينبت فوق أهدابي
شرشت حتى العظم .. يا امرأة
فتوقفي .. رفقا بأعصابي
قارئة الفنجان
جلست .. والخوف بعينيها
تتأمل فنجاني المقلوب
قالت : يا ولدي ، لا تحزن
فالحب عليك هو المكتوب
يا ولدي ، قد مات شهيداً
من مات على دين المحبوب
فنجانك دنيا مرعبة
وحياتك أسفار .. وحروب
ستحب كثيراً وكثيرا
وتموت كثيراً وكثيرا
وستعشق كل نساء الأرض
وترجع .. كالملك المغلوب
بحياتك ، يا ولدي ، امراة
عيناها .. سبحان المعبود
فمها .. مرسوم كالعنقود
ضحكتها موسيقى وورود
لكن سماءك ممطرة
وطريقك .. مسدود .. مسدود
فحبيبة قلبك .. يا ولدي
نائمة .. في قصر مرصود
والقصر كبير .. يا ولدي
وكلاب تحرسه وجنود
وأميرة قلبك .. نائمة
من يدخل حجرتها مفقود
من يطلب يدها من يدنو
من سور حديقتها مفقود
من حاول فك ضفائرها
يا ولدي .. مفقود .. مفقود
بصرت .. ونجمت كثيراً
لكني .. لم أقرا أبداً
فنجانا يشبه فنجانك
لم أعرف أبداً .. يا ولدي
أحزانا .. تشبه أحزانك
مقدورك أن تمشي أبداً
في الحب .. على حد الخنجر
وتضل وحيداً كالأصداف
وتظل حزيناً كالصفصاف
مقدورك أن تمضي أبداً
في بحر الحب بغير قلوع
وتحب ملايين المرات
وترجع .. كالملك المخلوع
قصيده واقعيه
لو كنت امرأة مثل سواك
لما أكملت معي شهرا
لو أطلب ملكا في نهديك
ملكتها شبراً .. شبرا
أو أطلب نصرا من شفتيك
لكنت تركتهما قشرا
لو كانت تعنيني الأرقام
لكنت بأوراقي صفرا
لو كنت مجرد عابره
تأتي وامرأة تتعرى
لغدوت الآن .. مع الذكري
لو أبحث عن جنس
لحصلت عليه .. من امرأة أخرى
من أية واحدة أخرى
لكنك .. معجزة كبرى
معجزة اكبر من كبرى
تمطرني .. تمطرني .. شعرا
وأنا يا سيدتي رجل
لا يقدر أن ينسى الشعرا
يا امرأة
سوداء العينين
تساوي عيناها عصرا
لو عندي امرأة .. مثلك أنت
لكنت هرقلا
أو كسرى