ذَابتْ زُبَيدة من شَوقٍ لسَيدها ... عثمانَ والنَّجم بالنيرانِ مشتعلُ
وما تلام ونيل الفخر يعجبها ... وبالزيارة لم يبرح لها شغل
فقُل لِطائر عقَل قد أتاهُ بها ... ويلي عليك وويلي منك يا رجل
لو كنْتَ يا سَطْلُ ذا أذْنٍ تُصيخ إلي ... عَذْلٍ عذلتُك لو يجدي لك العَذَلُ
تَقود ظبية آرام إلى أسَدٍ ... لو التقى لمَضَتْ أنيابهُ العُصلُ
ومن يرى ذلك الوجهَ الجميلَ ولا ... يَوَدُّ من قَبحكَ المشهور ينفَصلُ
هذي بُثينةُ والمجنون قائدُها ... إلى جَميلٍ أجاد المح يا جمل
وهبهُ عَفَّ أما تبقى مَحَاسنها ... في قلبه يا لَكَاع الوقت يا زُحَل
أفٍٍّ لعقلكَ يا مَتبوعُ إنك ذو ... رأس خفيفٍ وذَاك الطودُ والجبل
وَالويلُ ويلك إن ذاقَتْ عُسَيلته ... وبات يجتمعان الزبدُ والعَسلُ
لأنشِدَنك إن ودعتها سَفهاً ... ودِّع هريرة إن الركب مرتحل
وإن يكن ذاك أعشي كُنتَ أنت إذاً ... أعمى فلا اتَّضحت يوماً لك السُّبلُ
عمرِي لَئنْ أَمْسى يَزيدُ بنُ نَهشلٍ ... حَشا جَدثٍ تَسفي عَليهِ الرَّوائحُ
لَقد كانَ ممنْ يَبسُطُ الكفَّ بالنَّدى ... إِذَا ضَنَّ بِالخيرِ الأكفُّ الشَّحائحُ
فَبعدكَ أبْدَى ذُو الضَّغينةِ ضِغنهُ ... وسَدَّد لي الطَّرفَ الْعيونُ الْكواشحُ
ذَكرتُ الذِي ماتَ النَّدَى عِندَ مَوْتِهِ ... بِعافيةٍ إِذْ صَالحُ الْقومِ صَالحُ
إِذَا أَرَقِي أَفْنَى مِنَ اللَّيلِ ما مَضى ... تَمطَّي بهِ ثِنيٌ مِنَ اللَّيلِ رَاجحُ
لِيبكَ يَزيدُ ضَارعٌ لخُصومةٍ ... وَمُختبطٌ مما تُطيحُ الطَّوائحُ
عَرى بَعد ما جَفَّ الثَّرَى عَنْ نِقابهِ ... بِعصماءَ تَدْري كَيفَ تَمشي المنَائحُ
فَتَوَّسموني إنني أنا ذَلِكمْ ... شَاكي سلاَحي في الحَوادثِ مُعَلمُ
تَحتي الأغَرُّ وَفوقَ جِلدي نَثرةٌ ... زَغفٌ تَرُدُّ السَّيفَ وَهوَ مُثْلَّمُ
حَوْلي أسَيِّدُ والهجيمُ وَمازنٌ ... وَإذا حَللتُ فَحْولَ بَيتي خَضَّمُ
وَلقدْ دَعوتَ طَريفُ دَعوةَ جاهلٍ ... سَفهاً وَأنت بُمعلمٍ قَدْ تَعلم
وَأتيتَ حَيّاً في الْحروبِ مَحلهمْ ... والجيشُ باسمِ أبِيهمُ يُستهزمُ
فوجدتَ قَوماً يمنعونَ ذِمارهمْ ... بُسْلاً إذَا هابَ الفوارسُ أقْدموا
وإذا دَعوْا بِبني رَبيعةَ شمرُوا ... بِكتائبٍ دُونَ النِّساءِ تَلَمْلَمُ
حَشدُوا عَليك وَعجلوا بِقراهمُ ... وَحموْا ذِمارَ أَبيهمُ أنْ يُشتمُوا
سَلبوكَ دِرعكَ وَالأغرّ كليهما ... وَبنُو أسَيِّدٍ أسْلموك وخَضَّمُ
لاَ يألَفُ الدَّرْهمُ المضْرُوبُ صُرَّتَنَا ... لكِنْ يَمُرُّ عَلَيهَا وَهْوَ مُنْطَلِقُ
البيت لنضر بن جؤية أو جؤية بن النضر، من أبيات من البسيط، وقبله:
قالتْ طَريفةُ ما تَبقى دَراهِمنا ... ومَا بِنا سَرفٌ فِيها ولا خُرقُ
إِنا إذا اجْتمعتْ يَوْماً دَراهِمنا ... ظَلْتْ إِلى طُرقِ المَعروفِ تَستبقُ
وكلمّا لقَى الدينارُ صاحبهُ ... في مِلْكهِ افترَقَا من قبلِ يصْطحبَا
مالٌ كأنّ غرابَ البينِ يرقبهُ ... فكلما قيلَ هذا مجتدٍ نعبَا
وما أحسن قول ابن النقيب في معناه من الطويل:
ومَا بين كفي والدراهم عامر ... ولستُ لها دونَ الورى بخليل
وما استَوْطَنَتْهَا قطُّ يوماً وإنما ... تمرُّ عليها عابراتِ سبيلِ
وما ألطف قول السراج الوراق من مجزوء الكامل:
إِنّ الدراهمَ مسُّهَا ... أَلمٌ يشق على الكرامِ
الضربُ أول أمرهَا ... والحبسُ في أيدي اللئامِ
ماذا على شؤمِ الدرَا ... هِمِ من مقاساةِ الأنَامِ
ولخَوْفها مِنْ ذَا وذَا ... كَ تفرُّ من أيدي الكرامِ
قالوا وينظمُ فارسين بطعنةٍ ... يومَ اللقَاء ولا يراهُ جليلاَ
لا تعجبُوا فلوَ أن طولَ قناتهِ ... مِيلٌ إذَن نظم الفوارسَ مِيلاَ
فأمر له أبو دلف بعشرة آلاف درهم، فقال بكر فيه أيضاً من الطويل:
لهُ راحةٌ لو أن معشارَ جودِها ... على البرُّ كان البرُّ أندى من البحر
ولو أن خلقَ اللهِ فِي جسمِ فارسٍ ... وبارَزَهُ كان الخليَّ من الحُمْرِ
أبا دُلَفٍ بوركْتَ في كل بلدةٍ ... كما بوركَتْ في شهرها ليلةُ القدرِ
ثلاثةٌ تشرقُ الدنيا ببهجتها ... شمسُ الضحى وأبو إسحاق والقمرُ
فالشمس تحكيه في الإشراق طالعةً ... إذا تقطَّعَ عن إدراكها النظرُ
والبدرُ يحكيه في الظلمَاء منبلجاً ... إذَا استنارت لياليه به الغررُ
يحكي أفاعيَلهُ في كل نائبةٍ ... الغيثُ والليث والصمصامة الذَّكرُ
فالغيث يحكي نَدَى كفَّيْه منمهراً ... إذا استهلَّ بصَوْب الديمةِ المطرُ
وربما صالَ أحياناً على حنقِ ... شبيهُ صولتهِ الضرغامة الهصر
والهندُوانيُّ يحكي من عزائمهِ ... صريمةَ الرأي منهُ النقُض والمرَرُ
وكلُّهَا مشبهٌ شيئاً على حدةٍ ... وقد تخالف فيها الفعلُ والصُّوَرُ
وأنتَ جامعُ ما فيهنّ من حسنٍ ... فقد تكامل فيك النفُع والضررُ
فالخلْقُ جسمٌ له رأسٌ يدبِّرُهُ ... وأنتَ جارحتَاهُ السمعُ والبصرُ
المدنَفانِ من البريَّة كلها ... جسمي وطَرفٌ بابليٌّ أحْوَرُ
والمُشرقاتُ النَّيرات ثلاثة ... الشمس والقمرُ المنيرُ وجَعْفَرُ
ومثله في الحسن قول محمد بن شمس الخلافة من الكامل:
شيئان حَدِّث بالقَساوة عنهما ... قلْبُ الفتى يهواهُ قلبي والحجر
وثلاثةٌ بالجودِ حدِّث عنُهُم ... البحرُ والملك المعظم والمطرْ
لاثةٌ ما اجتمعْنَ في رَجُلٍ ... إلاَّ وأسلمنهُ إلى الأجَلِ
ذُلُّ اغترابٍ وفاقَة وهوىً ... وكُلها سائقٌ على عجلِ
يا عاذِلَ العاشِقين إنك لو ... عذَرتهم كنْتَ تبت من عَذَل
ي وجهِ إنسانةٍ كلفْتُ بها ... أربعةٌ ما اجتمعن في أحَدِ
الوَجهُ بَدر والصُّدغ غاليةٌ ... والرِّيقُ خمرٌ والثَّغر من برَد
وما أصدق قول السراج الوراق من الرجز:
ثلاثَة إِن صَحِبَتْ ثلاثةً ... أعُيَتْ علاج بَدْوها والحضَرِ
عداوة مَعْ حَسدٍ، وفاقةٌ ... مع كَسلٍ، وعلة مَعْ كبرِ
وبديع قول ابن نباتة المصري من السريع:
تناسَبَتْ فيمن تعشَّقتُهُ ... ثلاثَةَ تُعجب كل البَشَرْ
من مُقلةٍ سهمٌ ومن حاجِبٍ ... قَوْسٌ ومن نَغْمة صَوْتِ وَتَرْ