لا حَيِّ لَيلى إِذ أَلَمَّ لِمامُها وَكانَ مَعَ القَومِ الأَعادي كَلامُها
تَعَلَّل بِلَيلى إِنَّما أَنتَ هامَةٌ مِنَ الغَدِ يَدنو كُلَّ يَومِ حِمامُها
وَبادِر بِلَيلى أَو بَةَ الرَكبِ إِنَّهُم مِتى يَرجِعوا يَحرُم عَلَيكَ لِمامُها
وَكَيفَ تُرَجّيها وَقَد حيلَ دونَها وَأَقسَمَ أَقوامٌ مَخوفٌ قَسامُها
لَأَجتَنِبَها أَو لَيَبتَدِرُنَّني بِبَيضٍ عَلَيها الأَثرُ فُقمٌ كِلامُها
وَبَيضاءَ مِكسالٍ لَعوبٍ خَريدَةٍ لَذيذٍ لَدى لَيلٍ التَمامِ شِمامُها
كَأَنَّ وَميضَ البَرقِ بَيني وَبَينَها إِذا حانَ مِن خَلفِ الحِجابِ اِبتسامُها
وَنُبِّئتُ لَيلى بِالغَرِيَّينِ سَلَّمَت عَلَيَّ وَدوني طَخفَةٌ وَرِجامُها
فَإِنَّ الَّتي أَهدَت عَلى نَأيِ دارِها سَلاماً لَمَردودٌ عَلَيها سَلامُها
عَديدَ الحَصى وَالأَثَلِ مِن بَطنِ بيشَةٍ وَطَرفائِها ما دامَ فيها حَمامُها
لَقَد طَرَقَت لَيلى وَرِجلي رَهينَةٌ فَما راعَني في السِجنِ إِلّا سَلامُها وَاِستَفرَغَت أَيّامُها مَجهودَها
وَقَضَت عَلَينا بِالمَنونِ فَعَوَّضَت بِالكَرهِ مِن بيضِ اللَيالي سودَها
بِاللَهِ ما بالُ الأَحِبَّةِ أَعرَضَت عَنّا وَرامَت بِالفِراقِ صُدودَها
رَضِيَت مُصاحَبَةَ البِلى وَاِستَوطَنَت بَعدَ البُيوتِ قُبورَها وَلُحودَها
حَرِصَت عَلى طولِ البَقاءِ وَإِنَّما مُبدي النُفوسِ أَبادَها لِيُعيدَها
عَبَثَت بِها الأَيّامُ حَتّى أَوثَقَت أَيدي البِلى تَحتَ التُرابِ قُيودَها
فَكَأَنَّما تِلكَ الجُسومُ صَوارِمٌ نَحَتَ الحِمامُ مِنَ اللُحودِ غُمودَها
نَسَجَت يَدُ الأَيّامِ مِن أَكفانِها حُلَلاً وَأَلقَت بَينَهُنَّ عُقودَها
وَكَسا الرَبيعُ رُبوعَها أَنوارَهُ لَما سَقَتها الغادِياتُ عُهودَها
وَسَرى بِها نَشرُ النَسيمِ فَعَطَّرَت نَفَحاتُ أَرواحِ الشَمالِ صَعيدَها
هَل عيشَةٌ طابَت لَنا إِلّا وَقَد أَبلى الزَمانُ قَديمَها وَجَديدَها
أَو مُقلَةٌ ذاقَت كَراها لَيلَةً إِلّا وَأَعقَبَتِ الخُطوبُ هُجودَها
أَو بِنيَةٌ لِلمَجدِ شيدَ أَساسُها إِلّا وَقَد هَدَمَ القَضاءُ وَطيدَها
شَقَّت عَلى العَليا وَفاةُ كَريمَةٍ شَقَّت عَلَيها المَكرُماتُ بُرودَها
وَعَزيزَةٍ مَفقودَةٍ قَد هَوَّنَت مُهَجُ النَوافِلِ بَعدَها مَفقودَها
ماتَت وَوُسِّدَتِ الفَلاةَ قَتيلَةً يا لَهفُ نَفسي إِذ رَأَت تَوسيدَها
يا قَيسُ إِنَّ صُدورَنا وَقَدَت بِها نارٌ بِأَضلُعِنا تَشُبُّ وَقودَها
فَاِنهَض لِأَخذِ الثَأرِ غَيرَ مُقَسِّرٍ حَتّى تُبيدَ مِنَ العِداةِ عَديدَها
فَلَمّا اِرتَفَقتُ لِلخَيالِ الَّذي سَرى إِذِ الأَرضُ قَفرٌ قَد عَلاها قَتامُها
فَإِلّا تَكُن لَيلى وَرِجلي رَهينَةٌ شَبيهٌ بِلَيلى حُسنُها وَقَوامُها
أَلا لَيتَنا نَحيا جَميعاً بِغِبطَةٍ وَتَبلى عِظامي حينَ تَبلى عِظامُها
لِذَلِكَ ما كانَ المُحِبّونَ قَبلَنا إِذا ماتَ مَوتاها تَزاوَرُ هامُها