الله في ليلة أمست مبجلة*أراك ملكا وآيات مفصلة
رحلت من مكة للقدس مرحلة*مذ قدمتك جميع الرسل مقبلة
قد حزت قدرا رفيعا حل محمدة
وبت ترقى إلى أن نلت منزلة*من قاب قوسين لم تدرك ولم ترم
الله والاك أعلى عز منصبها*كيما تفوز بصافي ورد مشربها
بك التحيات جاءتنا بمغربها*لما سريت كمسرى الشمس مغربها
وقام جمع الملا الأعلى بموكبها
وقدمتك جميع الأنبياء بها *والرسل تقديم مخدوم على خدم
الله آتاك مالا في سواك قسم*فكل علم رواه الناس عنك فهم
وليس في الرسل إلا عن نباك علم*وكأس وحيهم لما أتيت ختم
وليس بالملإ الأعلى سواك خدم
وأنت تخترق السبع الطباق بهم*في موكب كنت فيه صاحب العلم
الله رقاك في داج من الغسق*على براق لترقى أشرف الطرق
لما اتصفت أيا صافي من العلق*رأيت بالقلب وجه الله والحدق
لقد تناهيت في خلق وفي خلق
حتى إذا لم تدع شأوا لمستبق*من الدنو ولا مرقى لمستنم
الله يشهد أن القلب فيك جذذ*يا من إليه فؤادي بالغرام جبذ
كن لي إذا ما اصطباري في المعاد نبذ*من الذنوب ووجهي بالجحيم حنذ
فليس بالسمع والرؤيا سواك لذذ
خفضت كل مقام بالإضافة إذ*نوديت بالرفع مثل المفرد العلم
الله برك في التبجيل بالسور*ثم اجتباك من الأملاك والبشر
يا واحد الدهر يا من جا على قدر*قد حزت منزلة جلت على الفكر
وألف الله نور القلب والبصر
كيما تفوز بوصل إي مستتر*عن العيون وسر أي مكتتم
الله ناداك في ليل دجى حلك*فجزت حجبا وكم جاوزت من حبك
وكم مررت على ريب بلا ملك*وكم علوت إلى العليا على فلك
حتى سمعت عظيم الذكر من ملك
فحزت كل فخار غير مشترك*وجزت كل مقام غير مزدحم
الله والاك يا من جاء بالعجب*فضلا وفخرا على الأعجام والعرب
وحزت مرتبة جلت على الطلب*لما علوت على الأفلاك والحجب
وفزت بالسمع والرؤيا بللا تعب
وجل مقدار ما وليت من رتب*وعز إدراك ما أوليت من نعم
الله بالمصطفى المختار فضلنا*على كثير وبالإسلام خولنا
ونرتجي أنه للفوز أهلنا*مذ لاح نور الهدى فينا وهل لنا
نادى منادي الهنا في حينا علنا
بشرى لنا معشر الإسلام إن لنا*من العناية ركنا غير منهدم
الله شاهد حسن من براعته*إن المراحم من سامي بضاعته
ما زال يبكي ويدعو في ضراعته*حتى استجيب دعاه في جماعته
ونال ما ترتجيه في شفاعته
لما دعا الله داعينا لدعوته *بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم
الله ألقى إليه حب وحدته*فكان يأوي حراء في محبته
فجاءه الوحي في أوقات خلوته*وقال اقرأ فلم يفهم لنجوته
فضمه فوعى منه بضمته
راعت قلوب العدا أنباء بعثته*كنبأة أجفلت غفلا من الغنم
الله ثبته في كل محتبك*بالعزم والحزم والأصحاب والملك
هذا وأعداوءه كالبحر والسمك*لم يختشوا دوران الدهر والفلك
ويشتهون اللقا في النور والحلك
ما زال يلقاهم في كل معترك*حتى حكوا بالقنا لحما على وضم
الله أذهلهم من حد مضربه*ومن ليوث حماة حول مطلبه
أنى يكن فيكونوا لائذين به*كم من هريم ينادي فى تحربه
كم من صريعا حزينا في تلهبه
ودوا الفرار فكادوا يغبطون به*أشلاء شالت مع العقبان والرخم
الله دمر بالإسلام مدتها*وبالحماة التي أضحت مودتها
من بعد ما أظهرت بالغي شدتها*ولت وألقت من الباساء عدتها
ثم اشتكت من سيوف الله حدتها
تمضي الليالي ولا يدرون عدتها مالم تكن من ليال الأشهر الحرم
الله أذهب في الدراين راحتهم*بعصبة طال ما أبدوا نصاحتهم
في الحرب والسلم قد نلنا سماحتهم*فصبحوهم فلم يرضوا صباحتهم
واستسؤها فظنوها إجاحتهم
كأنما الدين ضيف حل ساحتهم بكل قرم إلى لحم العدا قرم
الله راميهم منه بجائحة*فأصبحت أرضهم في ألف نائحة
في كل ناحية ترمي بفاضحة*فصفقة القوم أضحت غير رابحة
لما أتاهم بنفس غير جامحة
يجر بحر خميس فوق سابحة* يرمي بموج من الأبطال ملتطم
الله أنقذهم من سائر العرب*فحاربوا لأعادي الله بالقضب
حتى تولوا وظنوا الفوز في الهرب*وأيقنوا من سيوف الله بالعطب
وهم يقولون يا لله من عجب
من كل منتدب لله محتسب*يسطو بمستأصل للكفر مصطلم
الله آتى رسول الله حين قدم*آلا وصحبا بهم ركن الظلام هدم
عدوهم عاد لا عقلا له وعدم*وفاز بالسلم من والاهم وسلم
كم عامل منهم لله حين علم
حتى غدت ملت الإسلام وهى بهم *من بعد غربتها موصولة الرحم
الله أتحفهم بالمدح في الكتب*هم الأشداء لا يخشون من عطب
ما بينهم رحم كالأهل والنسب*كم جحفل مزقوا بالخط والقضب
كيما تكون لها العليا على الرتب
مكفولة منهم بخير أب *وخير بعل فلم تيتم ولم تئم
الله رب العلى لازال عاصمهم*من كل هول ويوم البعث راحمهم
ففاز بالعز من أمسى مسالمهم*وباء بالذل من أضحى مخاصمهم
كم من عزيز بكى يخشى عزائمهم
هم الجبال فسل عنهم مصادمهم*ماذا رأى منهم في كل مصطدم
الله نولهم ما لم ينل أحدا*شهيدهم في جنان الخلد مذ لحدا
فسل حادي القوم حيث حدا*هل بيضهم تركت من للنبي جحدا
أو في الكتاب الذي جانا به لحدا
وسل حنينا وسل بدرا وسل أحدا*فصول حتف لهم أدهى من الوخم
الله أنزل نصرا عندما وردت*نار ببدر بفضل الله قد بردت
عصابة الدين لا ولت ولا شردت *عن الرسول إذا ما المشركون بدت
وكم مشاهد حرب معه قد شهدت
المصدرى البيض حمرا بعدما وردت *من العدى كل مسود من اللمم
الله آتاهم نصرا به ملكت*مدائن الفرس والفرسان قد هلكت
أستار كسرى بهم والروم قد هتكت*يبض الوجوه ببيض الهند قد فتكت
والناسخين لإسم الكفر مذ سفكت
والكاتبين بسمر الخط ما تركت*أقلامهم حرف جسم غير منعجم
الله في الحشر يوم النشر يحجزهم*عن الحساب ولا للوزن يعوزهم
وللجنان بلا ريب يجوزهم*وليس في النقع والهيجاء يعجزهم
وبالمهابة والتأييد يعززهم
شاكي السلاح لهم سيما تميزهم *والورد يمتاز بالسيما من السلم
الله أظهر في الكونين ذكرهم*وأنزل الله في القرأن شكرهم
مذ أظهروا لعداة الله فخرهم*ومزقوا بالقنا والبيض كفرهم
أفاح رب العلى في الكون عطرهم
تهدي إليك رياح النصر نشرهم*فتحسب الزهر في الآكام كل كمي
الله آوى رجالا أصبحوا غربا*مهاجرين لأنصار له نجبا
كلاهما قد أتى في الذكر فيه نبا*هم الليوث فكم قد دمروا عصبا
يوم الحجاج وكم قد أظهروا عجبا
كأنهم في ظهور الخيل نبت ربا*من شدة الحزم لا من شدة الحزم
الله فرق أعدا من إليه رقا *في السهل والوعر من أسيافهم فرقا
ظنوا الموكل بالأرواح قد صعقا*أو ريح عاد من الخزان منطلقا
لم يستطيعوا لأصحاب النبي لقا
طارت قلوب العدا من بأسهم فرقا*فما تفرق بين البهم والبهم
الله أكبر والتوحيد فخرته*في السلم والحرب والإسلام شهرته
بها تصول حواريه وعترته*وتستطيل على الأعدا أسرته
حتى تعم الذي ناواه حسرته
ومن تكن برسول الله نصرته *إن تلقه الأسد في آجامها تجم
الله خصهم بالنصر والظفر*أنى يكونوا فلا يخشوا من الضرر
كم جحفل مزقوا بالمرهف الذكر*شهيدهم فاز من مولاه بالوطر
وخصمهم باء بالإحراق في سقر
ولن ترى من ولي غير منتصر*به ولا من عدو غير منقصم
الله أظهر في عالي أدلته*أن المكارم من سامي جبلته
من رام عزا فيأتيه بزلته*يا من يخاف كخوفي سوء زلته
إن الذي قد نجا راجي محلته
أحل أمته في حرز ملته *كالليث حل مع الأشبال في أجم
الله يكلؤه في السهل والجبل*من كل حاف من الأعدا ومنتعل
وهو الذي قد أرانا أوضح السبل*وجاد بالجود في خصب وفي محل
وفاق فضلا على الأملاك والرسل
كم جدلت كلمات الله من جدل *فيه وكم خصم البرهان من خصم
الله أبرز آيات معززة*منه إلينا فأضحت منه مبرزة
بين الفريقين لا زالت مميزة*يا ويل من ظنها منه مرجزة
ألا تراها لكل الخلق معجزة
كفاك بالعلم في الأمي معجزة *في الجاهلية والتأديب في اليتم
الله قدر في مكنون غيهبه*أن الرسول ضياء يستضاء به
لما رأيت قليبي غير منتبه*ومشرق العمر يهوي نحو مغربه
باللهو والسهو والإمهال والشبه
خدمته بمديح أستقيل به *ذنوب عمر مضى في الشعر والخدم
الله يهدي الذي راقت مشاربه*والجهر بالسوء في الدنيا يجانبه
فالعبد لم يأته يوما مآربه*شعر وحرص بعمر ضاع غالبه
وقلبه منهما ضاقت مذاهبه
إذ قلداني ما تخشى عواقبه*كأنني بهما هدى من النعم
الله يلهمني رشدا على حكما*عسى يرى سبل الخيرات بعد عمى
عيني وقلبي على التفريط قد ندما*مذ لاح شيبي على خدي وابتسما
بكيت حتى رأيت الدمع دما
أطعت غى الصبا في الحالتين وما*حصلت إلا على الآثام والندم
الله يعزل نفسي عن إمارتها*على فؤادي لتهوي في حقارتها
فقلعها عن هواها في خداراتها*وهدم بنيانها أعلى عمارتها
وربحها في رضاها من خسارتها
فيا خسارة نفس في تجارتها*لم تشتر الدين بالدنيا ولم تسم
الله ينجي فؤادي من غوائله*لأنه قد تمادى في تجاهله
لا يستطيع نجاة من مقاتله*باع الجنان بما يجني بباطله
واستبدل الخلد بالفاني كجاهله
ومن يبع آجلا منه بعاجله*يبن له الغبن في بيع وفي سلم
الله ينقذ قلبي من هوى الغرض*لأنه من هوى دنياه في مرض
سهامه فيه تصبو وهو كالغرض*لا يستطيع دفاعا ما عليه قضي
لكن عظيم الرجا فيه على غرض
إن آت ذنبا فما عهدي بمنتقض *من النبي ولا حبلي بمنصرم
الله يمحو بفضل منه سيئتي*لأنه دائما عوني لتلبيتي
بجاه من فيه أوصافي وأثنيتي*فيا سروري به يا طول تهنيتي
بأحمد أرتجي في الحشر تمنيتي
فإن لي ذمة منه بتسميتي *محمدا وهو أوفى الخلق بالذمم
الله يطفي لهيبا زاد في كبدي*بجاه خير الورى المبعوث بالرشد
ذنبي عظيم ومنه قد وهى جلدي*يا خالق الخلق يا ستري ويا سندي
ويا ملاذي ويا ذخري ومعتمدي
إن لم يكن في معادي آخذا بيدي *فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
الله يذهب عن قلبي مآثمه*لأنه لم يزل بالعفو راحمه
يا من يخاف كخوفي جرائمه*تسعى بنا نحو من ترجى مراحمه
تبكي لدينا فمبكانا غمائمه
حاشاه أن يحرم الراجي مكارمه*أو يرجع الجار منه غير محترم
الله باب الرجا لازال فاتحه*بفضل من قد آتى القرآن مادحه
هو الذي لم يزل بالفضل مانحه*فإنه يم فضل عم سابحه
مدحي له طول عمري لن أبارحه
ومنذ ألزمت أفكاري مدائحه *وجدته لخلاصي خير ملتزم
الله شفعنا فيه وقد وجبت*لنا إذ النار من غيظ قد التهبت
يردها بيمين طالما وهبت*وطالما سحب إنعام لنا سكبت
وفيض فائضها منه البقاع ربت
ولن يفوت الغنى منه يدا تربت*إن الحيا ينبت الأزهار في الأكم
الله يرحم روحا بالهوى تلفت*وليس إلا على أحبابها عطفت
فلا ملام إذا مقلتي وكفت*فالروح راحتها إلا إذا وقفت
بباب من جوده منه الورى غرفت
ولم أرد زهرة الدنيا التي اقتطفت*يد ا زهير بما أثنى على هرم
الله آتاك نورا يستضاء به*كالحوض ينجو الذي يحظى بمشربه
وقد رجوتك ترويني بأعذبه*وإن عصيت وقلبي في تحجبه
فالآن صار محيرا في تلهبه
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به*سواك عند حلول الحادث العمم
الله علاك يا من هو أجل نبي*يا من يرجى لمن أرجوه من طلب
يا زاكي الأصل والأوصاف يا عربي*أنت الشفيع لذنبي يوم منقلبي
وأنت غوثي إذا ما ضقت في نسبي
ولن يضيق رسول الله جاهك بي*إذا الكريم تحلى بإسم منتقم
الله يذهب عن نفسي معرتها*ويصطفيها يؤتيها مسرتها
لعلها أن ترى في الحشر قرتها*وأستغيث بما ينفي مضرتها
يا سيد الرسل آت النفس نصرتها
فإن من جودك الدنيا وضرتها *ومن علومك علم اللوح والقلم
الله يرحم نفسي أنها أثمت*كم حملتني من الأوزار كم ظلمت
وقد تجرت على الآثام واجترمت*فقلت لما رأيت النفس قد ندمت
على الخطايا وباب الله قد لزمت
يا نفس لا تقنطي من زلة عظمت*إن الكبائر في الغفران كاللمم
الله يمحو ذنوبا لست أعلمها*وإن علمت فأخفيها وأكتمها
لأن عندي من الآثام أعظمها*وليس أرجو سوى الرحمن يرحمها
إذا أتيت لمن بالفضل ينعمها
لعل رحمة ربي حين يقسمها*تأتي على حسب العصيان في القسم
الله عوني في كل ملتمسي*إذا الخصوم أتوني طالي فلسي
قلبي جريح ودمعي غير منحبس*لكن من رضا مولاه لم يئس
لأنه نور أجفاني ومقتبسي
يارب واجعل رجائي غير منعكس*لديك واجعل حسابي غير منخرم
الله أرجو لقلبي أن يحوله*إلى رضاه وبالطاعات يشغله
عظيم وزري على ظهري فأثقله*وسؤ قسمي بري جسمي فأنحله
فهب له يا إلهي ما كان أمله
و ألطف بعبدك في الدراين إن له *صبرا متى تدعه الأهوال ينهزم
الله يؤتيه رشدا عند صادمة*لأنفس الخلق كم جاءت بهادمة
ولا تدعه لزلات ملازمة*وهب له يا إلهي حسن خاتمة
من بعد زورته سكان كاظمة
وائذن لسحب صلاة منك دائمة على النبي بمنهل ومنسجم
الله شاهد ما أبغيه لي أربا* وقد جعلت مديحي للرجا سببا
غريب مدح خلا في سيد الغربا*صلى عليه الذي أوحى إليه سبا
والآل والصحب والأتباع والنجبا
ما رنحت عذبات البان ريح صبا*وأطرب العيس حادي العيس بالنغم
انتهت ولله الحمد