غيري على السّلوانِ قادِرْ وسوايَ في العشاقِ غادرْ
لي في الغرامِ سريرة ٌ والله أعْلَمُ بالسّرائِرْ
ومشبهٌ بالغصنِ قلـ ـبي لا يزالُ عليهِ طائرْ
حلوِ الحديثِ وإنها لحلاوة ٌ شقتْ مرائرْ
أشكو وأشكرُ فعلهُ فاعجبْ لشاكٍ منهُ شاكرْ
لا تنكروا خفقانَ قلـ ـبي والحبيبُ لديّ حاضرْ
ما القَلْبُ إلاّ دارُهُ ضربتْ لهُ فيها البشائرْ
يا تارِكي في حُبّهِ مَثَلاً مِنَ الأمثالِ سائِرْ
أبَداً حَديثي لَيسَ بالـ ـمنسوخِ إلاّ في الدفاترْ
يا ليلُ ما لكَ آخرٌ يُرْجَى وَلا للشّوْقِ آخرْ
يا ليلُ طلْ يا شوقُ دمْ إنِّي على الحالَينِ صابرِ
لي فيكَ أجرُ مُجاهِدٍ إنْ صحّ أنّ الليلَ كافرْ
طرفي وطرفُ النجمِ فيـ ـكَ كلاهما ساهٍ وساهرْ
يهنيكَ بَدرُكَ حاضِرٌ يا لَيتَ بَدري كان حاضِرْ
حتى يبينَ لناظري منْ منهما زاهٍ وزاهرْ
بَدري أرَقُّ مَحاسِناً والفَرْقُ مثلُ الصّبحِ ظاهرْ
إلى عدلكمْ أنهي حديثي وأنتهي فَجُودوا بإقْبَالٍ عليّ وَإصْغاءِ
أعاتبكمُ عتبَ المحبّ حبيبهُ وَقلتُ بإذْلالٍ فَقُولوا بإصفاء
لعَلّكُمُ قَدْ صَدّكمْ عن زِيارَتي مَخَافَة ُ أمْوَاهٍ لدَمعي وَأنْوَاء
فلَوْ صَدَقَ الحبُّ الذي تَدّعُونَهُ وَأخْلَصْتمُ فيهِ مَشيتمْ على الماء
وَإنْ تَكُ أنْفاسي خشَيتمْ لهيبَهَا وهالتكمُ نيرانُ وجدٍ بأحشائي
فكونوا رفاعيينَ في الحبّ مرة ً وخُوضُوا لَظَى نارٍ لشَوْقيَ حَرَّاء
حُرِمتُ رِضَاكم إن رَضِيتُ بغيرِكم أو اعتضتُ عنكم في الجنان بحوراء
وقائلة ٍ لما أردتُ وداعها : حبيبي أحقاً أنتَ بالبينِ فاجعي
فيا رَبّ لا يَصْدُقْ حَديثٌ سَمِعْتُهُ لقد رَاعَ قَلبي ما جرَى في مَسامِعي
وَقامَتْ وَرَاءَ السّترِ تَبكي حَزينَة ً وَقَد نَقَبَتْهُ بَيْنَنَا بالأصابِعِ
بكَتْ فأرَتْني لُؤلُؤاً مُتَنَاثِراً هوى فالتقتهُ في فضولِ المقانعِ
فلَمّا رَأتْ أنّ الفِراقَ حَقيقَة ٌ وأني عليهِ مكرهٌ غيرُ طائعِ
تبدتْ فلا واللهِ ما الشمسُ مثلها إذا أشرَقَتْ أنوارُها في المَطالِعِ
تُسَلّمُ باليُمْنى عَليّ إشارَة ً وتمسحُ باليسرى مجاري المدامعِ
وما برحتْ تبكي وأبكي صبابة ً إلى أنْ ترَكْنا الأرْضَ ذاتَ نقائعِ
ستُصْبِحُ تِلْكَ الأرْضُ من عَبراتِنا كثيرَة َ خِصْبٍ رائقِ النّبتِ رائعِ
لِفتُ بشمسٍ لا تَرى الشمسُ وَجههَا أراقبُ فيها ألفَ عينٍ وحاجبِ
مُمَنَّعَة ٍ بالخَيلِ وَالقوْمِ وَالقَنَا وَتضعُفُ كُتبي عَن زِحامِ الكتائِبِ
ولو حملتْ عني الرياحُ تحية ً لما نفذتْ بينَ القنا والقواضبِ
فما ليَ منها رحمة ٌ غيرَ أنني أعللُ نفسي بالأماني الكواذب
أغارُ على حرْفٍ يكونُ منِ اسمِها إذا ما رأتهُ العينُ في خطّ كاتبِ
رويدكَ قد أفنيتَ يا بينُ أدمعي وَحَسبُكَ قد أضْنَيتَ يا شوْقُ أضْلعي
إلى كَمْ أُقاسي فُرقَة ً بعدَ فُرْقَة ٍ وَحتى متى يا بَينُ أنتَ مَعي مَعي
لقد ظَلَمَتْني وَاستَطالَتْ يَدُ النّوَى وقد طَمِعتْ في جانبي كلَّ مَطمَعِ
فلا كانَ من قد عرَّفَ البَينَ موْضِعي لقد كنتُ منهُ في جنابٍ ممنعِ
فيا راحلاً لم أدرِ كيفَ رحيلهُ لِما رَاعَني مِن خَطبِهِ المُتَسَرّعِ
يلاطفني بالقولِ عندَ وداعهِ ليُذْهبَ عني لَوْعَتي وَتَفَجّعي
وَلمّا قَضَى التّوْديعُ فينا قَضاءَهُ رجعتُ ولكن لاتسل كيفَ مرجعي
فيَا عَينيَ العَبرَى عَليّ فأسْكبِي ويا كبدي الحرى عليهمْ تقطعي
جَزَى الله ذاكَ الوَجهَ خَيرَ جَزائِهِ وَحَيّتْهُ عني الشّمسُ في كلّ مطلعِ
وَيا رَبِّ جَدّدْ كُلّما هَبّتِ الصَّبَا سلامي على ذاكَ الحبيبِ المودعِ
قِفُوا بَعدَنَا تَلْقَوْا مَكانَ حَديثِنَا لَهُ أرَجٌ كالعَنْبَرِ المُتَضَوِّعِ
فيعلقَ في أثوابكمْ من ترابهِ شذا المسكِ مهما يغسلِ الثوبُ يسطعِ
أأحبابَنا لم أنسَكُمْ وَحَياتِكُمْ وما كانَ عندي ودكم بمضيعِ
عَتَبْتُمْ فَلا وَالله ما خُنتُ عَهدَكم وَما كنتُ في ذاكَ الوَدادِ بمُدّعي
وَقُلتُمْ علِمنا ما جَرَى منكَ كُلَّهُ فَلا تَظلِمُوني ما جرَى غيرُ أدمُعي
كَما قُلتُمُ يَهنيكَ نَوْمُكَ بَعدَنَا وَمِنْ أينَ نَوْمٌ للكئيبِ المُرَوَّعِ
إذا كنتُ يَقظاناً أراكُمْ وَأنْتُمُ مقيمونَ في قلبي وطرفي ومسمعي
فما ليَ حتى أطلُبَ النّوْمَ في الهَوَى أقولُ لعلّ الطيفَ يطرقُ مضجعي
ملأتمْ فؤادي في الهوى فهوَ مترعٌ وَلا كانَ قلبٌ في الهوَى غيرَ مُترَعِ
ولمْ يَبقَ فيهِ موْضِعٌ لسواكُمُ ومن ذا الذي يأوي إلى غيرِ موضعِ
لحَى الله قَلبي هكَذا هوَ لم يَزَلْ يحنّ ويصبو لا يفيقُ ولا يعي
فلا عاذِلي يَنفَكّ عَنِّي إصْبَعاً وقد وَقَعَتْ في رَزّة ِ الحُبّ إصْبَعي
لَئِنْ كانَ للعُشّاقِ قَلْبٌ مُصَرَّعٌ فما كانَ فيهمْ مصرعٌ مثلُ مصرعي
لئن بحتُ بالشكوى إليكَ محبة ً فلَستُ لمَخلُوقٍ سِوَاكَ أبُوحُ
وَإنَّ سُكُوتي إن عَرَتني ضَرُورَة ٌ وكِتمانَها ممّن أُحبّ قَبيحُ
وما ليَ أخفي عنْ حبيبي ضرورتي وما هو إلاّ مشفقٌ ونصيحُ
بروحيَ مَن أشكو إلَيهِ وَأنثَني وقد صارَ لي من لُطفِهِ ليَ رُوحُ
ولوْ لم يكن إلاّ الحديثُ فإنهُ يخففُ أشجانَ الفتى ويريحُ
وكمْ رُمتُ أنّي لا أقولُ فخفتُ أن يقولَ لسانُ الحالِ وهوَ فصيحُ
وكِدتُ بكتماني أصِيرُ مُفرِّطاً فأبكي على ما فاتَني وَأنُوحُ
وأندمُ بعد الفوتِ أوفى ندامة ٍ وأغدو كما لا أشتهي وأروحُ
تكهنتُ في الأمرِ الذي قد لقيتهُ وليَ خطراتٌ كلهنّ فتوحُ
فراسَة ُ عَبدٍ مؤمنٍ لا كَهانَة ٌ وَمَنْ هوَ شِقٌّ عندَها وَسَطيحُ
فما حرّفتْ من ذاكَ حَرْفاً كَهانتي فللهِ ظني إنهُ لصحيحُ