عندي أحاديثُ أشواقٍ أضنُّ بها فلستُ أودعها للكتبِ والرسلِ
وَلي رَسائلُ في طَيّ النّسيمِ لكُمْ ففتشوا فيهِ آثاراً من القبلِ
كتمتُ حبكمُ عن كلّ جارحة ٍ منَ المَسامعِ وَالأفواهِ وَالمُقَلِ
وما تغيرتُ عن ذاكَ الودادِ لكم خُذوا حَديثيَ عَنْ أيّاميَ الأُوَلِ
بيني وبينكمُ ما تعلمونَ به حبٌّ ينزهُ عنْ عيبٍ وعن مللِ
ودٌّ بلا ملقٍ منا يزخرفهُ يُغني المَليحة َ عن حَليٍ وعن حُللٍ
غِبتمْ فَما ليَ من أُنْسٍ لغَيبَتِكمْ سوَى التّعلّلِ بالتّذكارِ وَالأمَلِ
أحتالُ في النومِ كيْ ألقى خيالكمُ إنّ المُحِبّ لمُحتاجٌ إلى الحِيَلِ
بعدَ الحبيبِ هجرْتُ الشعرَ أجمعُهُ فلا غَزَالٌ يُلَهّيني وَلا غَزَلي
وعاذلٍ آمرٍ بالصبرِ قلتُ له إنِّي وحَقِّكَ مَشْغولٌ عنِ العَذَلِ
طَلَبتَ منّيَ شَيئاً لَستُ أملِكُه وَخُذ يَميني وما عندي وما قِبَلي
أطلتَ عذلَ محبًّ ليسَ يقبله فكانَ أضيَعَ من دَمعٍ على طَلَلِ
إني لأعجزُ عن صبرٍ تشيرُ بهِ ولوْ قدرتُ لكانَ الصبرُ أروحَ لي
سلامٌ على عَهدِ الشّبيبَة ِ وَالصِّبَا وَأهلاً وَسَهلاً بالمَشيبِ وَمَرْحَبَا
وَيا راحلاً عني رَحَلتَ مكَرَّماً ويا نازلاً عندي نزلتَ مقربا
أأحْبابَنا إنّ المَشيبَ لشارعٌ ليَنسَخَ أحكامَ الصّبابة ِ والصِّبَا
وَفيّ معَ الشَّيبِ المُلمّ بقِيّة ٌ تجددُ عندي هزة ً وتطربا
أحنّ إليكُم كُلّما لاحَ بارِقٌ وأسألُ عنكم كلما هبتِ الصبا
وَما زالَ وَجهي أبيَضاً في هواكمُ إلى أن سرى ذاك البياضُ فشيبا
وَلَيسَ مَشيباً ما ترَوْنَ بعارِضِي فَلا تَمنَعُوني أنْ أهيمَ وَأطرَبَا
فما هوَ إلاّ نورُ ثغرٍ لثمتهُ تعلَّقَ في أطرَافِ شَعري فألْهَبَا
وَأعجَبَني التجنيسُ بيني وَبَينَهُ فلما تبدى أشنباً رحتُ أشيبا
وهيفاءَ بيضاء الترائبِ أبصرتْ مشيبي فأبدت روعة ً وتعجبا
جَنَتْ ليَ هذا الشّيبَ ثمّ تجنّبَتْ فوَاحرَبا ممّنْ جنى وَتجنّبَا
تَناسَبَ خدّي في البَياضِ وَخدُّها وَلوْ دامَ مُسوَدّاً لقد كانَ أنسَبَا
وَإنّي وَإنْ هَزّ الغرامُ مَعاطِفي لآبَى الدّنَايَا نَخوَة ً وَتَعَرُّبَا
أتيهُ على كلّ الأنَامِ نَزَاهة ً وَأشمَخُ إلاّ للصْديقِ تأدُّبَا
وإنْ قلتمُ أهوى الربابَ وزينباً صَدقتم سَلُوا عني الرّبابَ وَزَيْنَبَا
ولكن فتًى قد نالَ فضْلَ بلاغَة ٍ تَلَعّبَ فيها بالكَلامِ تلَعُّبَا
ألا يا أيّهَا النّائِـ ـمُ إنّ الليلَ قد أصبحْ
وهذا الشرقُ قد أعلـ ـنَ بالنورِ وقد صرحْ
ألم يُوقِظْكَ مَن ذكّـ ـرَ بالله وَمنْ سَبّحْ
فما بالُ دواعيكَ إلى الخَيراتِ لا تَجنَحْ
إذا حرككَ الذكرُ تثاقلتَ ولم تبرحْ
أضَعْتَ العُمرَ خُسراناً فبِالله متى تَرْبَحْ
لقد أفلحَ منْ فيهِ يَقولُ الله قد أفْلَحْ
إذا أصبحتَ في عسرٍ فَلا تَحْزَنْ لَه وَافرَحْ
فبَعدَ العُسرِ يُسرٌ عَا جلٌ وَاقرَأ ألَمْ نَشرَحْ
لكَ الغرامُ عنانيهْ فاليومَ طالَ عنائيهْ
منْ لي بقلبٍ أشتريـ ـهِ منَ القُلوبِ القاسِيَهْ
وإليكَ يا ملكَ الملا حِ وقفتُ أشكو حاليهْ
مولايَ يا قَلبي العَزيـ ـزَ وَيا حَياتي الغالِيَهْ
إني لأطلبُ حاجة ً ليستْ عليكَ بخافيهْ
أنعمْ عليّ بقبلة ٍ هِبَة ً وَإلاّ عَارِيَهْ
وأُعيدُها لكَ لا عَدِمْـ ـتَ بعَينِها وَكَما هِيَهْ
وَإذا أرَدْتَ زِيادَة ً خُذْها وَنَفسي رَاضِيَهْ
فعَسَى يَجُودُ لَنا الزّما نُ بخَلوَة ٍ في زاوِيَهْ
أوْ لَيتَني ألقاكَ وَحْـ ـدَكَ في طَريقٍ خالِيَهْ