سيدنا الحسن بن علي
اسمه وكنيته والقابه
الاسم: الحسن
الكنيـة:أبومحمد ويقال ايضا: ابوالقاسم
الالقاب: المجتبى ، كريم أهل البيت ، السيد ، التقي ، الـطــيب ، الـزكي ، الســـبط الأول ، الـولـي ، الأمين ، الحجة ، البرّ ، الأثير ، الزاهد ، الوزير و...
ولادته الشريفة
في ليلة النصف من رمضان، كان بيت الرسالة يستقبل وليده الحبيب، وقد كان ينتظره طويلا.. واستقبله كما تستقبل الزهرة النضرة قطرة شفافة من الندى بعد العطش الطويل. والوليـــد يتشابه كثيراً وجدَّه الرسول العظيم، ولكنّ جدَّه لم يكن شاهَد ميلاده حتى تُحمل إليه البشرى. فقد كان في رحلة سوف يرجع منها قريباً. وكان أفراد الأسرة ينتظرون باشتياق، ولا يتحفون الوليد بسنن الولادة، حتى إذا جاء الرسول صلى الله عليه وآله أسرع إلى بيت فاطمة عليها السلام على عادته في كل مرة عندما كان يدخل المدينة بعد رحلة. وعندما أتاه نبأ الوليد غَمَره الْبُشر، ثم استدعاه. حتى إذا تناوله أخذ يشمّه ويقبّله ويؤذِّن له ويُقيم، ويأمر بخرقة بيضاء يلف بها الوليد، بعدما ينهى عن الثوب الأصفر. ثم ينتظر السماء هل فيها للوليد شيء جديد، فينزل الوحي، يقول: إن اسم ابن هارون - خليفة موسى عليه السلام كان شبَّراً.. وعلي منك بمنزلة هارون من موسى فسمِّه حَسَناً، ذلك أن شُبَّراً يرادف الحسن في العربية. وسار في المدينة اسم الحسن، كما يسير عبق الورد. وجاء المبشرون يزفون أحر آيات التهاني إلى النبي صلى الله عليه وآله، ذلك أن الحسـن عليه السلام كان الولد البكر لبيت الرسالة، يتعلق به أمل الرسول وأصحابه الكرام. فهو مجدد أمر النبي الذي سوف يكون القدوة والأسوة للصالحين من المسلمين.. إنه امتداد رسالة النبي من بعده. وفي الغد يأمر الرسول صلى الله عليه وآله بكبش، يعق عنه، فلما يأتون به يجيء بنفسه ليقرأ الدعاء بالمناسبة فيقول: بسم اللـه الرحمن الرحيم اللـهم عظمُها بعظمــــــه، ولحمُها بلحمه، ودمُها بدمه، وشعرُها بشعره، اللـهمَّ اجعلها وقاءً لمحمد وآلـــه. ثم يأمر بأن يوزع اللحم على الفقراء والمساكين، لتكون سنّة جارية من بعده، تَذبح كلّ أسرة ثريَّة كبشاً بكل مناسبة متاحة، لتكون الثروة موزعة بين الناس، لا دَولة بين الأغنياء منهم. ثم يأخذه الرسول ذات يوم وقد حضرت عنده لبابة - أم الفضل - زوجة العباس بن عبد المطلب عمِّ النبيِّ فيقول لها: رأيتِ رؤيا، في أمري.. فتقول: نعم يا رسول اللـه..
فيقول صلى الله عليه وآله: قُصِّيها.
فتقول: رأيت كأن قطعة من جسمك وقع في حضني.
فناولها الرسول صلى الله عليه وآله الرضيع الكريم، وهو يبتسم ويقول: نعم هذا تأويل رؤياك.
إنه بضعة مني. وهكذا أصبحت أم الفضل مرضعة الحسن عليه السلام.
.. ويشب الوليد في كنف الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، وتحت ظلال الوصي عليه السلام، وفي رعاية الزهراء عليها السلام، ليأخذ من نبع الرسالة كلّ معانيها، ومن ظلال الولاية كلّ قِيَمِها ومن رعاية العصمة كلّ فضائلها ومكارمها. ولايزال النبي والوصي والزهراء عليهم جميعاً صلوات اللـه يُوْلُونه العناية البالغة التي تنمي مؤهلاته.
مراحل حياة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام
تولّى الإمام الحسن السبط عليه السلام منصب الإمامة والقيادة بعد استشهاد أبيه المرتضى عليه السلام في الواحد والعشرين من رمضان سنة 40 هجرية وهو في السابعة والثلاثين من عمره المبارك . وقد عاش خلال هذه المرحلة مع جدّه الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله ما يزيد على سبع سنوات ومع أبيه المرتضى عليه السلام فترة حياته وإمامته البالغة ثلاثين سنة تقريباً. وعاصر خلالها كلاًّ من الخلفاء الثلاثة وشارك بشكل فاعل في ادارة دولة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام . واستمر بعد أبيه يحمل مشعل القيادة الربّانية حتى الثامن والعشرين أو السابع من شهر صفر سنة 50 هجرية، وله يومئذ ثمان وأربعون سنة. اذن تنقسم حياة هذا الإمام العظيم الى شطرين أساسيين:
الشطر الأول: حياته قبل إمامته عليه السلام وينقسم هذا الشطر الى مرحلتين:
المرحلة الاُولى: حياته في عهد جدّه الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله
المرحلة الثانية: حياته في عهد أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
الشطر الثاني: حياته بعد استشهاد أبيه عليه السلام وهو عصر امامته عليه السلام. وينقسم هذا الشطر الى مرحلتين متميزتين:
المرحلة الاُولى: وتبدأ من البيعة له بالخلافة حتى الصلح.
المرحلة الثانية: وهي مرحلة ما بعد الصلح حتى استشهاده عليه السلام.
الشطر الإول
المرحلة الاُولى: في عهد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله
ولد الإمام الحسن عليه السلام في حياة جدّه الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وعاش في كنفه سبع سنوات وستّة أشهر من عمره الشريف، وكانت تلك السنوات على قلّتها كافية لأن تجعل منه الصورة المصغّرة عن شخصية الرسول حتى ليصبح جديراً بذلك الوسام العظيم الذي حباه به جدّه، حينما قال له:«أشبهت خلقي وخلقي». والرسول الأعظم صلى الله عليه وآله هو الذي تحمّل مسؤولية هداية ورعاية الاُمّة، ومسؤولية تبليغ الرسالة وتطبيقها وحماية مستقبلها وذلك بوضع الضمانات التي لا بدّ منها في هذا المجال، وهو المطّلع ـ عن طريق الوحي ـ على ما ينتظر هذا الوليد الجديد من دور قيادي هامّ، والمأمور بالإعداد لهذا الدور، وذلك ببناء شخصية هذا الوليد بناءً فذّاً يتناسب مع المهام الجسام التي تؤهله للاضطلاع بها على صعيد هداية الاُمّة وقيادتها . إن كلمة الرسول صلى الله عليه وآله للإمام الحسن عليه السلام:« أشبهت خَلقي وخُلقي» تعدّ وسام الجدارة والاستحقاق لذلك المنصب الإلهي الذي هو وراثة الرسالة وخلافة النبي صلى الله عليه وآله بعد خلافة الامام علي بن أبي طالب عليه السلام .
جاء عن أنس بن مالك أنّه قال: دخل الحسن على النبي صلى الله عليه وآله فأردت أن اُميطه عنه، فقال: « ويحك يا أنس! دع ابني وثمرة فؤادي، فإنّ من آذى هذا آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله ». وكان الرسول صلى الله عليه وآله يُقَبّل الإمام الحسن عليه السلام في فمه ويُقَبّل الإمام الحسين عليه السلام في نحره،
يوم المباهلة :
وفد بعض أساقفة نصارى نجران على النبىّ صلى الله عليه وآله وناظروه في عيسى، فأقام عليهم الحجة فلم يقبلوا، ثم اتفقوا على المباهلة أمام الله على أن يجعلوا لعنة الله الخالدة وعذابه المعجّل على الكاذبين . ولقد سجّل القرآن الكريم هذا الحادث العظيم في تاريخ الرسالة الإسلامية بقوله تعالى : (إنّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثمّ قال له كن فيكون ، الحقّ من ربِّك فلا تكن من الممترين، فمن حاجَّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءناونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ). فلمّا رجعوا الى منازلهم قال رؤساؤهم «السيّد والعاقب والأهتم» : إن باهَلنا بقومه باهلناه، فإنه ليس نبيّاً، وإن باهَلنا بأهل بيته خاصة لم نباهله، فإنه لا يُقدِم الى أهل بيته إلاّ وهو صادق، فخرج اليهم صلى الله عليه وآله ومعه عليّ وفاطمة والحسنان عليهم السلام فسألوا عنهم، فقيل لهم : هذا ابن عمّه ووصيّه وختنه علي بن أبي طالب، وهذه ابنته فاطمة، وهذان ابناه الحسن والحسين، ففرقوا فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله: نعطيك الرضا فاعفنا من المباهلة، فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وآله على الجزية وانصرفوا. ولقد أجمع المفسّرون على أنّ المراد بأبنائنا : الحسن والحسين.
وقال الزمخشري : وفيه دليل ـ لا شيء أقوى منه ـ على فضل أصحاب الكساء.
حضور الحسنين عليهما السلام بيعة الرضوان :
لقد حضر الحسنان عليهما السلام بيعة الرضوان، واشتركا في البيعة مع رسول الله صلى الله عليه وآله، وعرف ذلك عند المؤرّخين .
الحسن والحسين إمامان :
روي عن النبىّ صلى الله عليه وآله أنّه قال:«الحسن والحسين إمامان قاما أوقعدا». رغم أنّه لم يكن عمرهما حينئذ قد تجاوز الخمس سنوات، وبذا يكون للحديث أهميته وعمق دلالته في معناه، ونجد الإمام الحسن عليه السلام يستدلّ بهذا القول على من يعترض عليه في صلحه مع معاوية.
المرحلة الثانية:في عهد ابيه عليه السلام
لقد تميز دور الإمام السبط عليه السلام في عهد ابيه عليه السلام وفي ايام خلافته على وجه التحقيق بالخضوع التام لابيه قدوة واماما وقد كان يتعامل معه لا كأبن له فحسب, وانما كجندي مطيع, بكل ما تحمله كلمة الجندية من مضامين الطاعة والانضباط, الواعية المدركة لمسؤولياتها. ومن اجل ذلك فقد كان دور الإمام السبط عليه السلام طوال الايام الحاسمة التي عايشها والده الإمام علي عليه السلام يتجلى في تجسيد مفهوم الانقياد لامامه وملهمه عليه السلام. وهذه بعض مهامه في هذا الشوط من حياته:
أ- عندما تعرض معسكر الإمام علي عليه السلام إلى العدوان على اثر تمرد طلحة والزبير في البصرة, وقيام حركة البغاة في الشام بقيادة معاوية بن أبي سفيان... احتاج الإمام عليه السلام إلى اسناد جماهير الكوفة للذود عن الحق, واخماد الفتنة التي اججها روادها, وقد اختار الإمام علي عليه السلام نجله الحسن عليه السلام هذه المهمة... لشحذ همم أهل الكوفة وحملهم على دعم الموقف الإسلامي الاصيل, الذي يمثله علي عليه السلام , فاستجاب الإمام الحسن عليه السلام لطلب ابيه وغادر إلى الكوفة بصحبة عمار بن ياسر, وهو يحمل كتاب علي عليه السلام إلى أبي موسى الاشعري عامله على الكوفة يبلغه فيه باستغنائه عن خدماته, بسبب تحريضه الناس على القعود عن نصرة علي عليه السلام وعدوله عن الحق المبين. وما ان بلغ السبط عليه السلام الكوفة إلا وانهالت عليه الجموع معلنة الولاء والنصرة, فألقى فيهم خطابا ايقظ من خلاله الهمم, وبعث النشاط وحفز النفوس على حمل راية الجهاد. وقد نجح الإمام السبط عليه السلام في استنفار الجماهير لنصرة الحق, والذود عن الرسالة, ودولتها الكريمة.
ب- انتهت معركة الجمل في البصرة وسرعان ما تحركت قوى أهل الشام بقيادة معاوية حتى اخذت مواقعها في صفين احيط علي عليه السلام بنبأ تحرك الحزب الاموي, فأطلع جنده على الامر واستشارهم فيه, فأظهروا الطاعة والإنقياد لأمير المؤمنين عليه السلام , وفي الاثناء وقف الإمام الحسن عليه السلام خطيبا بين الجماهير موقظا للهمم باعثا العزم والنشاط في النفوس: ( الحمد لله لا اله غيره وحده لا شريك له واثني عليه بما هو اهله... انا مما عظم لله عليكم من حقه واسبغ عليكم من نعمه ما لا يحصى ذكره ولا يؤدي شكره, ولا يبلغه صفة ولا قول, ونحن انما غضبنا لله ,فإنه منّ علينا بما هو اهله ان نشكر فيه آلاءه وبلاءه ونعماءه قولا يصعد إلى الله فيه الرضا, وتنتشر فيه عارفة الصدق, يصدق الله في قولنا, ونستوجب فيه المزيد من ربنا, قولاً يزيد ولا يبيد, فانه لم يجتمع قوم قط على امر واحد الا اشتد امرهم واستحكمت عقدتهم فاحتشدوا في قتال عدوكم: معاوية وجنوده فإنه قد حضر, ولا تخاذلوا فإن الخذلان يقطع نياط القلب, وان الاقدام على الاسنة نجدة وعصمة لانه لم يمتنع قوم قط الا رفع الله عنهم العلة وكفاهم جوائح الذلة وهداهم إلى معالم الملة...).
وهكذا انصب بيان الإمام السبط عليه السلام على توثيق اواصر الوحدة ورص الصفوف وجمع الكلمة لمواجهة الحزب الذي يقوده معاوية وحفنة من النفعيين.
الشطر الثاني
المرحلة الاولى:البيعة له بالخلافة حتى الصلح
بدأ الشوط الثاني من دور الإمام عليه السلام في دنيا الإسلام بعهد ابيه له بالامامة, فعلى اثر تعرضه للاعتداء الاثيم الذي ارتكبه ابن ملجم وآخرون, هبت الكوفة إلى المسجد فزعة مذهولة لهول المصاب الأليم, فوقف السبط عليه السلام بين تلك الكتل البشرية الهائلة, يوجه اول بيان له بعد رحيل القائد العظيم عليه السلام: (... لقد قبض في هذه الليل رجل لم يسبقه الاولون بعمل , ولم يدركه الآخرون بعمل, لقد كان يجاهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله فيقيه بنفسه,وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يوجهه برايته فيكنفه جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله, لا يرجع حتى يفتح الله على يديه, ولقد توفي في هذه الليلة التي عرج فيها عيسى ابن مريم عليه السلام وقبض فيها يوشع بن نون وصي موسى عليه السلام وما خلّف صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه). الى هنا توقف الإمام الحسن عليه السلام عن الاسترسال بخطبته حيث ارسل دموعه مدراراً, بعد ان تمثلت له صورة الراحل العظيم عليه السلام واعماله ومواقفه الخالدة. وشاركه الحاضرون في البكاء... ثم استأنف بيانه قائلا: (ايها الناس, من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني, فأنا الحسن بن علي, انا ابن النبي صلى الله عليه وآله, وانا ابن البشير النذير, وانا ابن الداعي إلى الله بإذنه, وانا ابن السراج المنير, وانا من أهل البيت عليه السلام الذي كان جبريل ينزل الينا, ويصعد من عندنا, ومن أهل البيت عليهم السلام الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا, وانا من أهل بيت افترض الله مودتهم على كل مسلم فقال تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وآله : ( قل لا أسألكم عليه اجرا إلا المودة في القربى, ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت عليه السلام. وبهذا طرح الإمام السبط عليه السلام مواصفات القائد الراحل عليه السلام كما طرح مؤهلاته هو, ومكانته في دنيا الإسلام والمسلمين, وكونه الأوْلى بقيادة سفينة المسلمين إلى حيث الحق الالهي, دون سواه من البشر.
المرحلة الثانية: من الصلح حتى استشهاده
هذه اهم الأحداث الأليمة التي ألمت بالإمام السبط عبر مواجهته للزحف الأموي الغادر:
خيانة قائده على خط النار ـ عبيد الله بن العباس ـ والتحاقه بمعاوية، ومعه ثلثا الطليعة التي كلفت بمواجهة العدو الزاحف مما أثار موجةً من البلبلة والاضطراب في معسكر الإمام عليه السلام وهوا حرج ساعاته.
ان القوات العسكرية التي يقودها الإمام السبط عليه السلام ذاته، كانت تتوزعها الشعارات والأهواء والمصالح والأفكار.
إغداق معاوية بالأموال الوفيره على زعماء القبائل وأصحاب التأثير في المجتمع العراقي بسخاء منقطع النظير.
اهتمام السبط بحقن دماء الأمة وحفظ دماء المخلصين فيها على وجه الخصوص.
قوة العدو، وتمتع جيشه بروح انضباطية عالية، بالنظر لتوفر عامل الطاعة، واختفاء التخريب بين صفوفه، خلافا للعراق الذي استبد به الانشقاق من خلال الشعارات، والأفكار والأهواء، والمصالح المتضاربة، التي تمزق جيش الإمام عليه السلام وتضعف من مقاومته.
تمتع الحسن عليه السلام بروح ايمانية من الطراز الاول – كما رأينا في ابعاد شخصيته – فهوالمطهر من الرجس بصريح القرآن الكريم, وهو احد اركان العترة المباركة, بصريح قول رسول الله صلى الله عليه وآله فيه, فكان ينأى عن المكر والغدر.
فكانت هذه الروح المتعلقة بالله تعالى, والمستلهمة منه ومن شرعه الكريم اين تسير والى اين تسير, تُحتِّم على السبط عليه السلام ان لا يتورط في حرب تسيل بها الدماء وتزهق فيها الارواح فضلا عن ان شروط النجاح فيها –بالمفهوم الإسلامي- غير متوافرة بحال, كما رأينا في الوضع العام لأتباعه وجنده, وهذا مخالف لواقع معاوية الذي يهمه ان تسيل الدماء وتزهق النفوس, مادامت الغاية لديه ان يظل حاكما على المسلمين, تجبى له الاموال, ويتلذذ بالنعيم الدنيوي والسلطان الزائل وقصر الخضراء.. وحين رأى الإمام إستقطاب معاوية للناس اراد ان يكشف للناس حقيقة معاوية عن كثب, الأمر الذي يتم إذا انفرد معاوية بالحكم وأستأثر بإدارة شؤون الأُمة, لترى الأُمة طبيعة هذا الحكم وتكتشف البون الشاسع بينه وبين صورة التطبيق المثالية ايام امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وليتحمل الذين اطاعوا معاوية ورفعوه على الأعناق مسؤولية هذه المأساة التاريخية التي خسرت فيها الأُمة قيادة أهل البيت عليهم السلام وإمامتهم الرائدة... لا في فترة وجودهم المبارك بل استمرت آثاره السلبية تتوالى على الامة جيلا بعد جيل حتى اصبح منهج الإسلام المقدر له ان يسود وان يحكم.. تراثا تاريخيا في بطون الكتب.
محاولات الاغتيال الاثيمة التي تعرض لها الإمام عليه السلام:
فلقد تعرض الإمام لمحاولات اثيمة لاغتياله عدَّ منها المؤرخون ثلاثا:
احداها: حين رماه شخص بسهم وهو يصلي فلم يفلح في ايذائه.
ثانيها: حين طعنه رجل في خنجر اثناء الصلاة.
وثالثها: في المحاولة الثالثة كانت نجاته باعجوبة, فقد هجمت عليه عصابة من الغوغاء, وانتهبوا فسطاطه, واخذوا مصلاه من تحته وفي تلك الاثناء هجم عليه الجراح بن سنان الاسدي وطعنه بمغوله –سيف دقيق- في فخذه وجرحه جرحا بالغا, بلغ عظم الفخذ, فاستسلم الإمام عليه السلام للفراش بعد تلك المحاولة ونزل عند عامله على المدائن سعد بن مسعود الثقفي للعلاج..
بنود الصلح
وهذه اهم بنود الوثيقة التي ابرمها الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية:
اولا- ان يتولى ادارة شؤون الامة معاوية بن أبي سفيان, شريطة ان يلتزم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله .
ثانيا- ان يتولى الإمام الحسن عليه السلام مهام القيادة في الامة بعد وفاة معاوية, فان كان اجل الحسن عليه السلام قد حل حينئذ فالحسين عليه السلام يتولى الامر.
ثالثا- ان يمنح الناس حق التمتع بالحرية والاستقرار سواء أكانوا عربا ام غير عرب من أهل الشام ام من أهل العراق وان لا يؤاخذوا على مواقفهم السابقة من الحكم الاموي.
وقال عليه السلام لمالك بن ضمرة عندما كلمه بشأن الوثيقة مع معاوية:
(اني خشيت ان يجتث المسلمون عن وجه الارض, فأردت ان يكون للدين داع).
وقال عليه السلام مخاطبا ابا سعيد:
(يا ابا سعيد علة مصالحتي لمعاوية, علة مصالحة رسول الله صلى الله عليه وآله لبني ضمرة, وبني اشجع ولاهل مكة حين انصرف من الحديبية).
استشهاد الإمام المجتبى
تؤكد الروايات أن الحسن توفي مسموماً، سمته زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس بإغراء من معاوية بن أبي سفيان، لما عزم على البيعة ليزيد ولم يكن شيء اثقل عليه من الحسن بن علي عليه السلام، وبعد أن وعد جعدة بتزويجها بولده يزيد، وبأن يدفع لها مائة ألف درهم. ولكن معاوية بعد تنفيذ هذه الخطة أعطاها المال، ولم يف لها بتزويجها بولده، قائلاً: إنا نحب حياة يزيد، ولولا ذلك لوفينا لك بتزويجه.
وقد اعتل الإمام الحسن عليه السلام بعد أن سقته جعدة بنت الأشعث أكثر من شهر وكان خلال هذه الفترة لا يكف عن أداء رسالته فكان عليه السلام يجمع أصحابه ويوصيهم ويعلمهم بالرغم من أن السم أخذ يمزق أحشاءه.
وقال عليه السلام: (سقيت السم مرتين وهذه الثالثة) وفي رواية عبد الله البخاري أن الحسن قال (يا أخي إني مفارقك ولاحق بربي وقد سقيت السم ورميت بكبدي في الطشت وأنني لعارف بمن سقاني ومن أين دهيت وأنا أخاصمه إلى الله عز وجل).
فقال له الحسين عليه السلام: ومن سقاكه.
قال عليه السلام: وما تريد به، أتريد أن تقتله. إن يكن هو فالله أشد نقمة منك وإن لم يكن هو فما أحب أن يؤخذ بي بريء).
مكان الدفن
توفي الإمام الحسن مسموماً بالمدينة في شهر صفر سنة 50 للهجرة ودفن بالبقيع المقبرة العامة بعد أن كان أوصى أخاه الحسين عليه السلام بأن يدفنه إلى جنب جده النبي صلى الله عليه وآله، وإن حيل بينه وبين ذلك فيدفنه بالبقيع، وأن لا يريق في أمره دماً. وعندما أراد الحسين عليه السلام دفنه بجنب جده صلى الله عليه وآله، تجمع بنو أمية وأنصارهم وعلى رأسهم مروان بن الحكم، ومنعوه من ذلك، وكادت الفتنة أن تقع بينهم وبين بني هاشم الذين أصروا على دفنه مع جده، وشهر الفريقان السلاح،
ولكن الإمام الحسين عليه السلام قطع النزاع وقضى على الفتنة، ونفذ وصية أخيه ودفنه بالبقيع.
وكان عمره يوم وفاته ثمان وأربعين سنة وقيل ست وأربعين سنة.
فسلام عليه يوم ولد ويوم عاش من الإسلام وبه وإليه ويوم جاهد وكافح من أجل إعلاء كلمته وبنى صروحه الشامخة عالية ورفع رايته خفاقة مشرقة، ويوم مات شهيداً ويا لها من شهادة مشرقة تعطر بها التاريخ واكتسى بها أروع حلله.
اوصاف الامام المجتبى(ع)
كان سلام الله عليه أشبه الناس من رأسه إلى صدره بجدّه رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يكن أحد في زمانه أشبه بالنبي صلى الله عليه وآله منه، وكان وجهه الشريف أبيض مشربا حمرة، أدعج العينين بمعني سوادهما مع سعتهما، وسهل الخدين بمعنى ملاسمتهما وعدم حزونتهما، رقيق الوجه، كث اللحية، ذا وفرة كأنَّ عنقه ابريق فضة، عظيم الكراديس(وهما عظمان ألتقيا في المفصل بعيد ما بين المنكبين) وربعة(وهوالرجل المتوسط الذي ليس بالطويل ولا القصير) بخلاف ابيه أمير المؤمنين عليه السلام فإنه الى القصر أقرب منه الى الطول.
والحاصل ان الحسن عليه السلام كان مليحا جدا، بل من أحسن الناس وجها، وكان حسن البدن، جعد الشعر، يختصب بالسواد، والخلاصة انه عليه السلام كان مضرب المثل في الحسن والجمال، حتى قيلت في حسنه روايات كثيرة.
الجانب العلمي
هذا طرف من الجانب العلمي الذي روته سيرة الإمام الحسن عليه السلام كأمثلة عن غزارة علم الإمام, أو اكتمال معرفته:
كتب اليه الحسن البصري, يسأله عن القضاء والقدر، فأجابه الإمام السبط عليه السلام: ( اما بعد فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره, ان الله يعلمه فقد كفر, ومن احال المعاصي على الله فقد فجر، ان الله لم يطع مكرها ولم يعص مغلوبا ولم يهمل العباد سدى من المملكة بل هو المالك لما ملكهم والقادر على ما عليه اقدرهم, بل امرهم تخييراً ونهاهم تحذيراً فإن ائتمروا بالطاعة لم يجدوا عنها صاداً وان انتهوا إلى معصية فشاء ان يمن عليهم, بأن يحول بينه وبينها فعل, وان لم يفعل فليس هو الذي حملهم عليها جبرا ولا ألزموها كرها, بل مَنّ عليهم بأن بصرهم وعرفهم وحذرهم وامرهم ونهاهم لا جبرا لهم على ما امرهم به فيكونوا كالملائكة, ولا جبرا لهم على ما نهاهم عنه ولله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم اجمعين..)
وهكذا وبعبارة وجيزة يوضح الإمام عليه السلام قضية هي من اكثر قضايا الفكر تعقيدا وعمقا حتى انها لشدة عمقها ضل فيها الكثير من رجال الفكر, بل نشأت عنها تيارات متطرفة كالأشاعرة والمعتزلة حول التفسير العقائدي السليم والذي يكشف عنه قول الإمام المعّبر عن العمق والاصالة في الفهم والمعرفة الإسلامية... الامر الذي يُشعر بارتباط الإمام السبط عليه السلام بمنابع الرسالة الصافية وارتياده من مفاهيمها الاصيلة.
قيل له: ما الزهد؟
قال: الرغبة في التقوى والزهادة في الدنيا.
قيل : فما الحلم؟
قال: كظم الغيظ وملك النفس.
قيل ما السداد؟
قال: دفع المنكر بالمعروف.
قيل فما الشرف؟
قال: اصطناع العشيرة وحمل الجريرة.
قيل: فما النجدة؟
قال: الذب عن الجار, والصبر في المواطن, والاقدام عند الكريهة.
قيل: فما المجد؟
قال: ان تعطي في الغرم, وان تعفو عن الجرم.
قيل: فما المروءة؟
قال: حفظ الدين واعزاز النفس ولين الكنف وتعهد الصنيعة وأداء الحقوق والتحبب إلى الناس...
سأل رجل شامي الإمام السبط عليه السلام: كم بين الحق والباطل؟
قال السبط عليه السلام: اربعة اصابع, فما رأيت بعينك فهو الحق وقد تسمع بأذنك باطلا كثيرا.
قال الشامي: كم بين الايمان واليقين؟
قال السبط عليه السلام: اربعة اصابع؟ الايمان ما سمعناه واليقين ما رأيناه.
قال: كم بين السماء والارض. قال عليه السلام: دعوة المظلوم.
قال: الشامي: كم بين المشرق والمغرب. قال عليه السلام
مسيرة يوم للشمس).
ومن تراثه الفكري الزاخر قوله عليه السلام: (ايها الناس انه من نصح لله واخذ قوله دليلا هدى للتي هي اقوم. ووفقه الله للرشاد وسدده للحسنى فإن جار الله آمن محفوظ وعدوه خائف مخذول, فاحترسوا من الله بكثر الذكر, واخشوا الله بالتقوى وتقربوا إلى الله بالطاعة, فإنه قريب مجيب, قال الله تبارك وتعالى: ( ... وإذا سألك عبادي عني فإني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان, فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون), فاستجيبوا لله, وآمنوا به, فإنه لا ينبغي لمن عرف عظمة الله ان يتعاظم فان رفعة الذين يعلمون عظمة الله ان يتواضعوا والذين يعرفون ما جلال الله ان يتذللوا له وسلامة الذين يعلمون ما قدرة الله ان يستسلموا له, ولا ينكروا انفسهم بعد المعرفة, ولا يضلوا بعد الهدى, واعلموا علما يقينا أنكم لن تعرفوا التقى , حتى تعرفوا صفة الهدى ولن تمسكوا بميثاق الكتاب, حتى تعرفوا الذي نبذه, ولن تتلوا الكتاب حق تلاوته حتى تعرفوا الذي حرفه فإذا عرفتم ذلك عرفتم البدع والتكلف ورأيتم الفرية على الله والتحريف ورأيتم كيف يهوى من يهوى ولا يجهلنكم الذين لا يعلمون التمسوا ذلك عند اهله فإنهم خاصة نور يستضاء بهم وائمة يقتدى بهم, بهم عيش العلم وموت الجهل وهم الذين اخبركم حلمهم عن جهلهم, وحكم منطقهم عن صحتهم وظاهرهم عن باطنهم لا يخالفون الحق ولا يختلفون فيه وقد خلت لهم من الله سنة. ومضى فيهم من الله حكم, ان في ذلك لذكرى للذاكرين, واعقلوه اذا سمعتموه, عقل رعاية, ولا تعقلوه عقل رواية, فإن رواة الكتاب كثيرة, رعاته قليل والله المستعان).
وسئل عن السياسة يوما فاجاب عليه السلام:
( هي ان ترعى حقوق الله وحقوق الاحياء وحقوق الاموات فأما حقوق الله: فأداء ما طلب, والاجتناب عما نهى, واما حقوق الاحياء فهي ان تقوم بواجبك نحو اخوانك ولا تتأخر عن خدمة امتك ان تخلص لولي الامر ما اخلص لأمته, وان ترفع عقيرتك في وجهه اذا ما حاد الطريق السوي.
اما حقوق الاموات: فهي ان تذكر خيراتهم وتتغاضى عن مساوئهم فان لهم ربا يحاسبهم.
هذه نبذة من علومه وقبسات من انوار معرفته وكمال عقله الذي حباه الله به, ذكرناها كنماذج من الارث الفكري الزاخر الذي تركه الإمام السبط عليه السلام لاجيال الامة الإسلامية بامتدادها التاريخي.
الجانب الخلقي
هذا الجانب من شخصية الإمام السبط عليه السلام حين نتناوله بالدراسة لم نكن لنقصد بحال ان الائمة الهداة عليهم السلام يتباينون في هذا الجانب أو سواه من عناصر الشخصية الإسلامية المثلى, فهم سواء في ذلك, وحين نسلط الضوء على الجانب الاخلاقي من شخصية الإمام الحسن السبط عليه السلام فإنما نعني بذلك عرض نماذج من اخلاقه واسلوب تعامله مع الناس, وتمشيا مع خطتنا هذه نذكر طرفا من اخلاقه المثلى, لكي تكون مثلا يُتحذى ومنهجا يُقتدى:
تواضعه
أ- روت كتب السيرة انه عليه السلام مرّ على جماعة من الفقراء قد وضعوا على وجه الارض كسيرات من الخبز, كانوا قد التقطوها من الطريق وهم يأكلون منها, فدعوه لمشاركتهم في اكلها, فأجاب دعوتهم قائلاً: (ان الله لا يحب المتكبرين). ولما فرغ من مشاركتهم, دعاهم لضيافته, فأغدق عليهم المال واطعمهم وكساهم.
ب- وروي عنه انه عليه السلام مر على صبية يتناولون طعاما, فدعوه لمشاركتهم فأجاب الدعوة, ثم دعاهم إلى داره واجزل لهم العطاء.
ج- وورد انه كان جالسا في مكان وعندما عزم على الانصراف دخل المكان فقير, فحياه الإمام السبط عليه السلام ولاطفه ثم قال له: ( انك جلست على حين قيام منا, أفتأذن لي بالانصراف؟)
فأجاب الرجل: نعم يا أبن رسول الله. والحديث يكشف عن حسن المعاشرة بالاضافة إلى التواضع.
إحسانه لمن أساء إليه
أ- روي انه وجد شاة له قد كسرت رجلها فقال لغلام له:
- من فعل هذا؟
- انا.
- لِمَ ذاك؟
- لاجلب لك الهم والغم.
فتبسم السبط عليه السلام وقال له: لأسرك. فأعتقه واجزل له العطاء.
ب- وروي ان شاميا ممن غذاهم معاوية بن أبي سفيان بالحقد على آل الرسول صلى الله عليه وآله, رأى الإمام السبط عليه السلام راكبا, فجعل يلعنه والحسن عليه السلام لا يرد عليه, فلما فرغ الرجل, اقبل الإمام عليه ضاحكاً وقال: (ايها الشيخ, اظنك غريبا ولعلك شبهت؟ فلو استعتبتنا اعتبناك, ولو سألتنا اعطيناك, ولو استرشدتنا ارشدناك, ولو استحملتنا حملناك وان كنت جائعا أشبعناك, وان كنت عريانا كسوناك, وان كنت محتاجا اغنيناك, وان كنت طريدا آويناك, وان كان لك حاجة قضيناها لك, فلو حركت رحلك الينا وكنت ضيفا إلى وقت ارتحالك كان أعود عليك, لان لنا موضعاً رحباً وجاهاً عريضاً ومالاً كبيراً).
فلما سمع الرجل الشامي كلامه بكى, ثم قال: اشهد انك خليفة الله في ارضه, الله اعلم حيث يجعل رسالته, كنت انت وابوك ابغض خلق الله اليَّ والان انت وابوك احب خلق الله اليَّ.
ثم استضافه الإمام عليه السلام حتى وقت رحيله, وقد تغيرت فكرته وعقيدته ومفاهيمه عن أهل البيت عليهم السلام .
سخاؤه
لعل ابرز صفات الإمام السبط عليه السلام واكثرها جلاء من بين اخلاقه السامية: السخاء، فهدف المال لديه ان يكسو عريانا, أو يغيث به ملهوفا, أو يفي دين غارم, أو يرد به جوع جائع, وقد قيل له مرة: لأي شئ لا نراك ترد سائلا؟
قال عليه السلام
اني لله سائل وفيه راغب وانا استحي ان اكون سائلا وارد سائلا وان الله عودني عادة: ان يفيض نعمه عليّ وعودته ان افيض نعمه على الناس فأخشى ان قعطت العادة ان يمنعني العادة).
وهذه نماذج من كرمه السابغ:
جاءه اعرابي سائلا: فقال
اعطوه ما في الخزانة) وكان فيها عشرة الاف درهم.
فقال له الاعرابي: يا سيدي هلا تركتني ابوح بحاجتي وانشر مدحتي, وكأن الإمام عليه السلام يجيبه:
نحن اناس نوالنا خضل
يرتع فيه الرجاء والامل
تجود قبل السؤال انفسنا
خوفا على ماء وجه من يسل
لو علم البحر فضل نائلنا
لغاض من بعد فيضه خجل
اشترى الإمام السبط عليه السلام بستاناً من الانصار بأربعمائة الف درهم, ثم بلغه انهم احتاجوا إلى الناس, فرد البستان دون مقابل.
تلك هي بعض شمائل الإمام عليه السلام وبعض مواقفه السخية مع ابناء الامة والتي كان لها ابعد الاثر في تجسيد الخلق الإسلامي الرفيع.
الجانب الروحي
ان الاعداد الاصيل, الذي توفر للامام السبط عليه السلام قد وفر لكيانه الروحي سموا شاهقا فكان تقربه إلى الله وانشداده اليه سبحانه امراً يهز القلوب ويخشع له الوجدان.
وهذه اضمامة من هذه المظاهر التي تكشف هذا الجانب من شخصيته.
فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: ان الحسن بن علي عليهما السلام كان اعبد الناس في زمانه وازهدهم وافضلهم.
وورد في روضة الواعظين: ان الحسن عليه السلام كان إذا توضأ ارتعدت مفاصله واصفر لونه, فقيل له في ذلك, فقال : حق على كل من وقف بين يدي رب العرش, ان يصفر لونه وترتعد مفاصله...
وعن الإمام الصادق عليه السلام: ان الحسن بن علي عليهما السلام حج خمسا وعشرين حجة ماشيا, وقاسم الله تعالى ماله مرتين وقيل ثلاث مرات.
وعن علي بن جذعان وأبي نعيم في حلية الاولياء وطبقات ابن سعد: ان الحسن عليه السلام خرج من ماله مرتين, وقاسم الله ماله ثلاث مرات حتى انه كان ليعطي نعلا ويمسك نعلا ويعطي خفا ويمسك خفا...
وكان اذا بلغ باب المسجد يرفع رأسه وهو يقول: الهي ضيفك ببابك, يا محسن قد اتاك المسئ فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم.
وكان عليه السلام اذا ذكر الموت بكى , اذا ذكر القبر بكى واذا ذكر القيامة والعرض على الله يشهق شهقة يغشى عليه منها.
وكان عليه السلام اذا قرأ القرآن ومر بآية فيها: (يا ايها الذين آمنوا..) قال لبيك لبيك اللهم لبيك...
اما صدقاته وانفاقه في سبيل الله, فحسبك فيه خروجه من ماله من اجل الله مرتين, ومقاسمته اياه ثلاث مرات.
السبط(ع) في الكتاب والسنة
للحسن السبط عليه السلام كما لسائر أهل البيت عليهم السلام, مكانة عظمى في كتاب الله تعالى وسُنة رسوله صلى الله عليه وآله.
فهذا القرآن الكريم, دستور الأُمة ومعجزة الاسلام الخالدة يحمل بين طياته الآيات البينات التي تنطق بمكانة الحسن عليه السلام واهل البيت عند الله تعالى ورسالته. منها:
1ـ آية التطهير: (انما يريد الله ليُذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). (الاحزاب-33)
فقد ورد في سبب نزولها ان النبي صلى الله عليه وآله دعا بعباءة خيبرية, وجلّل بها علياً عليه السلام وفاطمة وحسنا وحسينا, ثم قال: (اللهم ان هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا). فنزلت آية التطهير, استجابة لدعاء المصطفى محمد صلى الله عليه وآله. وهكذا تحمل الآية الكريمة شهادة الله تعالى بطهارة أهل البيت عليه السلام ونأيهم عن الرجس, وكونهم الاسلام الحي المتحرك.
2ـ آية المباهلة: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين). (آل عمران – 61)
ففي اسباب نزول هذه الآية الكريمة قال المفسرون وأولوا العلم القرآني إنها نزلت عندما اتفق نصارى نجران مع رسول الله صلى الله عليه وآله ان يبتهل كلا الطرفين إلى الله تعالى, ان يهلك من كان على الباطل في دعوته واعتقاده, وخرج الرسول صلى الله عليه وآله بأهل بيته: علي عليه السلام وفاطمة والحسن والحسين, دون سواهم من البشر للمباهلة, وحين راى النصارى الوجوه الزكية التي خرج بها الرسول صلى الله عليه وآله لمباهلتهم اعتذروا للرسول صلى الله عليه وآله عن مباهلته واذعنوا لسلطان دولته بدفعهم الجزية... وانت ترى ان الآية الكريمة عبرت عن الحسنين عليهما السلام بالابناء, وعن محمد وعلي بأنفسنا, أما فاطمةعليها السلام, فقد مثلت نساء المسلمين جميعا في ذلك, كما وردت بلفظ(نساءنا) الامر الذي يشير بصراحة إلى ما يحظى به أهل بيت الرسالة عليهم السلام من مقام كريم عند الله ورسوله صلى الله عليه وآله.
2ـ آية المودة: ( .. قُل لا أسألكم عليه اجرا الا المودة في القربى). (الشورى – 23).
قال المفسرون ان الآية نزلت في علي عليه السلام وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ففي الصحيحين ومسند احمد بن حنبل وتفسير الثعلبي, عن أبي عباس : قال لما نزلت: قل لا أسألكم عليه اجرا إلا المودة في القربى. قالوا: يا رسول الله سل الله من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وإبناهما.
واذ نكتفي بهذا القدر اليسير من الايات , تؤكد مكانة الحسن السبط عليه السلام واهل البيت عليهم السلام جميعا عند الله تعالى يحسن بنا ان نشير إلى بعض النصوص التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وآله بشأن الحسن عليه السلام ومكانته الرفيعة في دنيا الرسالة الاسلامية, ورسولها القائد صلى الله عليه وآله:
روي البخاري ومسلم عن البراء قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله والحسن بن علي عليهما السلام على عاتقه, وهو يقول: (اللهم اني احبه فأحبه).
روي الترمذي عن ابن عباس انه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله حاملا الحسن بن علي عليهما السلام , فقال رجل نعم المركب ركبت يا غلام, فقال النبي صلى الله عليه وآله : ونعم الراكب هو.
عن الحافظ أبي نعيم عن أبي بكر قال: كان النبي صلى الله عليه وآله يصلي بنا فيجيء الحسن عليه السلام وهو ساجد, وهو اذ ذاك صغير فيحل على ظهره ومرة على رقبته, فيرفعه النبي صلى الله عليه وآله رفعا رقيقا, فاذا فرغ من الصلاة, قالوا: يا رسول الله انك تصنع بهذا الصبي شيئا لا تصنعه بأحد؟ فقال صلى الله عليه وآله: (إن هذا ريحانتي).
عن انس بن مالك قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله: ايّ أهل بيتك احب اليك؟ قال: (الحسن والحسين).
وعن عائشة قالت: ان النبي صلى الله عليه وآله كان يأخذ حسناً فيضمه اليه ثم يقول: ( الله ان هذا ابني, وأنا احبه, فأحبه واحب من يحبه).
وعن جابر بن عبد الله, قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ( من سره ان ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر الحسن بن علي).
عن يعلي بن مرة قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وآله وقد دعينا إلى طعام فإذا الحسن عليه السلام يلعب في الطريق فأسرع النبي صلى الله عليه وآله امام القوم ثم بسط يده فجعل يمر مرة هاهنا, ومرة هاهنا يضاحكه حتى أخذه فجعل احدى يديه في رقبته والاخرى على رأسه ثم اعتنقه فقبله, ثم قال: حسن مني وانا منه احب الله من احبه.
وعن الغزالي في الاحياء ان النبي صلى الله عليه وآله قال للحسن: اشبهت خلقي وخلقي.
هذا غيض من فيض, ومن شاء الاستزادة فليراجع ينابيع المودة للقندوزي الحنفي, والفضائل الخمسة من الصحاح الستة للفيروزآبادي. ومسند احمد بن حنبل, وتذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي وغيرها.
وهكذا تتجلى مكانة الحسن السبط عليه السلام في دنيا الاسلام, من خلال الكتاب العزيز والسنة الشريفة...
من حكم الامام(ع)
أسلم القلوب ما طهر من الشّبهات.
أسمع الأسماع ما وعى التذكير وانتفع به.
اجعل ما طلبت من الدنيا فلم تظفر به بمنزلة ما لم يخطر ببالك.
إذا أضرّت النّوافل بالفريضة فاتركوها.
أشدّ من المصيبة سوء الخلق.
إن لم تطعك نفسك فيما تحملها عليه ممّا تكره، فلا تطعها فيما تحملك عليه ممّا تهوى.
إنّ خير ما بذلت من مالك ما وقيت به عرضك، وإن من ابتغاء الخير اتقاء الشرّ.
إنّ مروّة القناعة والرّضا أكبر من مروّة الإعطاء، وتمام الصنيعة خير من ابتدائها.
إنّ من طلب العبادة تزكّى لها.
أوصيكم بتقوى الله، وإدامة التفكّر، فإنّ التفكّر أبو كلّ خير وأمّه.
البخل جامع للمساوىء والعيوب، وقاطع للمودّات من القلوب.
بالعقل تدرك الدّران جميعا، ومن حرم العقل خسرهما جميعا.
تجهل النّعم ما أقامت، فاذا ولّت عرفت.
ترك الزّنا، وكنس الفناء، وغسل الإناء، مجلبة للغناء.
الفرصة سريعة الفوت، بطيئة العود.
كفاك من لسانك ما أوضح لك سبيل رشدك من غيّك.
كلّ معاجل يسأل النّظرة، وكل مؤاجل يتعلّل بالتّسويف.
كن في الدّنيا ببدنك، وفي الآخرة بقلبك.
لا تعاجل الذّنب بالعقوبة، واجعل بينهما للاعتذار طريقا.
لا حياة لمن لا دين له.
لا مروّة لمن لا همّة له.
لا يغشّ العاقل من استنصحه.
ما تشاور قوم إلا هدوا إلى رشدهم.
المزاح يأكل الهيبة، وقد أكثر من الهيبة الصامت.
من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياك فألقها في نحره.
من قلّ ذلّ. وخير الغنى القنوع. وشرّ الفقر الخضوع.
يتولّد من احتمال الأذى، البلوغ إلى الغايات.
اليقين معاذ السّلامة.
قيل له عليه السلام: من أعظم النّاس قدرا؟ فقال: من لم يبال بالدّنيا في يدي من كانت.
لا يعرف الرأي إلا عند الغضب.
الخير كلّه في صبر ساعة واحدة، تورث راحة طويلة، وسعادة كثيرة.
أهل المسجد زوّار الله، وحقّ على المزور التحفة لزائره.
اشعار الامام المجتبى (ع)
قدم لنفسك
قدّم لنفسك ما استعطت من التّقى
إنّ المنية نازل بك يا فتى
أصبحت ذا فرح كأنك لاترى
أحباب قلبك في المقابر والبلى
* * *
حان الرحيل
قل للمقيم بغير دار إقامة
حان الرحيل فودّع الأحبابا
انّ الذين لقيتهم وصحبتهم
صاروا جميعاً في القبور ترابا
* * *
الدنيا
ذري كدر الدنيا فإنّ صفاءها
تولّى بأيام السرور الذّواهب
وكيف يعزّ الدهر من كان بينه
وبين الليالي محكمات التجارب
* * *
فيم الكلام
فيم الكلام؟ وقد سبقت مبرّزا
سبق الجواد من المدى المتنفس
والصلح تأخذ منه ما رضيت به
والحرب يكفيك من انفاسها جرع
* * *
عزمت تصبرا
لئن ساءني دهر عزمت تصبّراً
وكلّ بلاء لا يدوم يسير
وان سرّني لم أبتهج بسروره
وكل سرور لا يدوم حقير
* * *
عاجلتنا
عاجلتـنا فـاتاك وابل برّنا
طلاّ ولـوأمهلتنا لم نقصر
فخذ القليل وكن كأنّك لم تبع
مـا صنته وكأنّنا لم نشتر
* * *
حين يسأل
إذا ما أتـاني سائل قلت مرحباً
بـمن فضله فرض عليّ معجل
ومن فضله فضل على كلّ فاضل
وأفضل أيـام الفتى حين يسأل
* * *
السخي والبخيل
خلقت الخلائق من قدرة
فمنهم سخيّ ومنهم بخيل
فأمّا السخيّ ففي راحة
وأما البخيل فحزن طويل
* * *
لوعلم البحر
نحن أناس نوالنا خضل
يرتع فيه الرجاء والأمل
تجود قبل السؤال أنفسنا
خوفاً على ماء وجه من يسل
لوعلم البحر فضل نائلنا
لغاض من بعد فيضه خجل
* * *
قال العيون
قال العيون وما أردن
من البكاء على عليّ
وتقبلنّ من الخليّ
فليس قلبك بالخليّ
* * *
كسرة وكفن
لكسرة من خسيس الخبز تشبعني
وشربة من قراح الماء تكفيني
وطمرة من دقيق الثوب تسترني
حياً وان متّ تكفيني لتكفيني
* * *
السخاء فريضة على العباد
ان السخاء على العباد فريضة
لله يقرأ في كتاب محكم
وعد العباد الاسخياء جنانه
وأعدّ للبخلاء نار جهنّم
من كان لا تندى يداه بنائل
للراغبين فليس ذاك بمسلم
اربعون حديثا في فضائل سيدنا الحسن والحسين
بسم الله الرحمن الرحيم
1ـ عن البراء قال رأيت النبي صلى الله عليه وآله والحسن بن علي ع على عاتقه يقول اللهم إني أحبّه فأحبّه
2ـ عن الحاكم النيسابوري بإسناده عن أبي حازم عن أبي هريرة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو حامل الحسين بن علي ع وهو يقول اللهم إني أحبّه فأحبّه
وقال الحاكم عن هذا الحديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقد روي بإسناد في الحسن مثله وكلاهما محفوظان
3ـ وفي رواية أخرى للحاكم بإسناده عن أبي هريرة قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه الحسن والحسين هذا على عاتقه وهذا على عاتقه وهو يلثم هذا مرة وهذا مرة حتى انتهى إلينا فقال له رجل يارسول الله إنك تحبهما ؟ فقال نعم من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني
ثم علّق الحاكم قائلاً هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
4ـ عن ابن عباس قال لما نزلت لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى قالوا يارسول الله ومن قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال علي وفاطمة وابناهما
5ـ عن أبي بكرة قال سمعت النبي صلى الله عليه وآله على المنبر والحسن ع إلى جنبه ينظر إلى الناس مرة وإليه مرة ويقول ابني هذا سيّد ولعلّ الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين
وفي رواية الترمذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله إنّ ابني هذا سيّد يصلح الله على يديه فئتين عظيمتين
ثم علّق قائلاً هذا حديث حسن صحيح
6ـ عن يعلى بن مرة قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله فدعينا إلى طعام فإذا الحسين يلعب في الطريق فأسرع النبي صلى الله عليه وآله أمام القوم ثم بسط يديه فجعل إحدى يديه في ذقنه والأخرى بين رأسه وأذنيه ثم اعتنقه فقبله ثم قال حسين مني وأنا منه أحب الله من أحبه الحسن والحسين سبطان من الأسباط
وعلّق الحاكم على هذا الحديث قائلاً أنه صحيح ووافقه الذهبي في التلخيص وأخرجه الترمذي مختصراً وقال عنه حديث حسن
7ـ عن أنس ابن مالك قال لم يكن أحد أشبه بالنبي صلى الله عليه وآله من الحسن بن علي ع
8ـ ومن حديث ابن سيرين عن أنس قال كان الحسن والحسين أشبههم برسول الله صلى الله عليه وآله
9ـ حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد الطيوري الحلبي بسنده عن الحارث عن علي ع قال كان الحسن أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله مابين الذقن إلى الرأس وكان الحسين أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله من الذقن إلى القدم وفيهما شبه رسول الله صلى الله عليه وآله
10ـ عن أنس بن مالك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول نحن ولد عبد المطلب سادة أهل الجنة أنا وحمزة وعلي وجعفر والحسن والحسين والمهدي
11ـ عن سلمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله للحسن والحسين عليهما السلام من أحبهما أحببته ومن أحببته أحبه الله ومن أحبه الله أدخله جنات النعيم ومن أبغضهما أو بغى عليها أبغضته ومن أبغضته أبغضه الله ومن أبغضه الله أدخله عذاب جهنم وله عذاب مقيم
12ـ عن أبي إسحاق قال قال علي ع ونظر إلى ابنه الحسن أو الحسين ع فقالإن ابني هذا سيّد كما سمّاه النبي صلى الله عليه وآله وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم يشبهه في الخلق
وفي رواية الطبري عن حذيفة بن اليمان أن النبي صلى الله عليه وآله قال لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً من ولدي اسمه كاسمي فقال سلمان من أيّ ولدك يارسول الله ؟ قال من ولدي هذا وضرب بيده على الحسين عليه السلام
13ـ عن حذيفة قال رأينا في وجه رسول الله السرور يوماً من الأيام فقلنا يارسول الله لقد رأينا في وجهك السرور قال وكيف لا أسر وقد أتاني جبريل عليه السلام فبشرني أن حسناً وحسيناً سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما أفضل منهما
وفي لفظ آخر وأبوهما خير منهما
وعلّق الحاكم على هذا الحديث قائلاً هذا حديث صحيح بهذه الزيادة ولم يخرجاه
14ـ عن زيد بن أرقم قال قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي وفاطمة والحسن والحسين أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم
15ـ عن عبد الله بن عمران أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال إن الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا
وقد صحح الألباني هذا الحديث وأخرجه الترمذي قائلاً عنه هذا حديث حسن صحيح
16ـ وعن ام المؤمنين عائشة رض قالت خرج النبي صلى الله عليه وآله غداة وعليه مِرْطٌ مُرَحَّل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا
وفي لفظ آخر اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا
17ـ عن جابر بن عبد الله قال بينما رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم بعرفات وعلي تجاهه إذ قال له رسول الله صلى الله عليه وآله أدن مني ياعلي خلقت أنا وأنت من شجرة صنع جسمك من جسمي خلقت أنا وأنت من شجرة فأنا أصلها وأنت فرعها والحسن والحسين أغصانها فمن تعلّق بغصن منها أدخله الله الجنة
18- عن ميناء بن ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف أنه قال ألا تسألون قبل أن تشاب الأحاديث بالأباطيل قال رس