وقد غضبت للدين بـاسـط كـفه وللعرب العربـاء ذلـّت خـدودها وللعز في مصــر يرد سـريـره وللملك في بغـداد إن ردّ حــكمه سوام رتــاع بين جهـل وحيـرة كأن قد كـشفت الامـر عن شبهاته وفـاض وما مد الـفرات ولم يجز فلا حمـلت فرسان حرب جيـادها ولا عذب الماء القراح لــشـارب الا إن يــوما هاشــميا أظـلهم كيـوم يزيـد والـسبـايا طـريدة وقد غصّت البـيداء بالعيس فـوقها فما في حـريم بـعدها من تـحرج فان يتـخرم خير سبطـي مــحمد الا سـائلوا عنه الـبتول فتخـبروا واولى بـلـوم مـن امـية كلـهـا اناس هم الـداء الدفيـن الذي سرى هم قد حوا تلـك الزناد التـي روت وهم رشـحوا تـيما لارث نبيــهم على اي حـكم الله إذ يـأفـكـونـه وفي اي دين الوحي والمصطفى له ولـكـن امـرا كـان ابرم بـينهـم بأسيـاف ذاك البـغـي اول سـلها وبالحـقـد حقـد الجـاهلـية انـه وبـالثار في بــدر أريقت دماؤكم اليـهن في الآفـاق كالمتـظلم وللفترة العمياء في الزمن العمي الى ناعب بالبـين ينـعق أسحم الى عضد في غير كف ومعصم وملك مضاع بيـن ترك وديـلم فلم يضطهـد حق ولـم يتهضم لوارده طـهر بـغيـر تيــمم اذا لم تزرهم من كمـيت وأدهم وفي الأرض مروانية غير أيـم يطير فراش الهام من كل مـجثم علـى كل موار الـملاط عثمثم كرائـم أبنـاء النـبي المـكرم ولا هتك ستر بـعدها بمحـرم فـان ولـيّ الثار لـم يتـخرم اكـانت له أمّا وكـان لـها ابنم وان جـلّ امـر عن ملام ولوم الى رمم بالطـف منكم واعظـم ولو لم تشبّ الـنار لم تـتضرم وما كان تيــمي اليه بمـنتمي احل لـهم تقـديم غيـر الـمقدّم سقوا آلـه مـمزوج صاب بعلقم وان قال قوم فلـتة غـير مبـرم أصيب عليٌ لا بسـيف ابن ملجم الى الآن لم يظـعن ولـم يتصرم وقيد اليكم كــل أجـرد صـلدم
________________________________________
(77)
ويأبى لـكم من أن يطل نجـيعهـا قليل لقـاء البيـض إلا مـن الظبا سبقتم الى المـجـد القديم بأسـره اذا مـا بـناء شــاده الله وحـده بكم عز ما بين البــقيع ويثـرب فلا برحت تترى عليكم من الورى واقسم انـي فـيك وحـدي لشيعة وعندي عـلى نأي المـزار وبعده اذا اشـأمت كـانت لبانة معـرق فتوّ غضـاب من كمي ومعلم قليل شراب الكاس إلا من الدم وبؤتم بعادي عـلى الدهر أقدم تهـدمت الدنيا ولـم يتـهـدم ونـسّك ما بين الحطيم وزمزم صلاة مــصّل أو سلام مسلّم وكنت ابرّ الـقائلـين بمقـسم قصائد تشرى كالجمان المـنظم وإن أعرقت كانت لبانة مشـئم
________________________________________
(78)
محمد بن هانئ بن محمد بن سعدون الاندلسي :
ولد بقرية سكون من قرى مدينة اشبيلية سنة 320 أو 326 هـ وقتل في رجب سنة 362 وعمره 36 سنة ، كان أبوه هانئ من قرية من قرى المهدية بافريقية وكان أيضا شاعراً أديبا فانتقل إلى الاندلس فولد له محمد المذكور بمدينة اشبيلية ونشأ بها واشتغل وحصل له حظ وافر من الأدب وعمل الشعر ومهر فيه وكان حافظا لأشعار العرب وأخبارهم وكان اكثر تأدبه بدار العلم في قرطبة حتى برع بكثير من العلوم لا سيما علم الهيئة ، شعره طافح بالتشيع كقوله :
لي صارم وهو شيعي كحامله اذا المعز معز الـدين سلّـطه يكاد يسبق كرّاتي الى البطل لم يرتقب بالمنايا مدة الأجل
وله في القصيدة التي أولها :
تقول بنو العباس هل فتحت مصر وقد جاوز الاسكــندرية جوهـر فقل لبني العباس قد قضى الأمر تطالعه البشرى ويـقدمه النصر
ويقول فيها :
فكل إمامي يجيء كأنما على خده الشعرى وفي وجهه البدر
________________________________________
(79)
ومن روائعه :
ولم أجد الانسان الا ابن سعيه وبالهمة العلياء يرقى إلى العلى ولم يتأخــر مَن اراد تقـدّماً فمن كان أسعى كان بالمجد أجدرا فمن كان أعلى همة كـان أظهرا ولـم يتـقدم مـن أراد تأخـرا
وقال :
عجبت لقوم أضلوا السبيل فما عرفوا لاحق لما استنار وما خـفى الرشـد لكـنما وقد بيّن الله أين الهـدى ولا أبصروا الرشد لمابدا أضلّ الحلوم اتباع الهوى
وقال ابن خلكان :
ليس في المغاربة من هو افصح منه لا متقدميهم ولا متأخريهم بل هو اشعرهم على الاطلاق وهو عند المغاربة كالمتنبي عند المشارقة اقول وفيه قال القائل :
ان تكن فارساً فكن كـعلي كل من يدعى بما ليس فيه أو تكن شاعراً فكن كابن هاني كذّبــته شواهد الامـتـحان
وقال يمدح المعز لدين الله وقيل ان هذه القصيدة أول ما أنشده بالقيروان وانه امر له بدست قيمته ستة آلاف دينار ، فقال له يا امير المؤمنين مالي موضع يسع الدست اذا بسط فأمر له ببناء قصر فغرم عليه ستة آلاف دينار وحمل اليه آلة تشاكل القصر والدست قيمتها ثلاثة آلاف دينار. وفي آخر القصيدة يذكر الامام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام :
هل من أعقّة عالج يبرين ولمن ليال ما ذممنا عهدنا أم منهما بقر الحدوج العين مذكنّ إلا أنهـن شجــون
________________________________________
(80)
المــشرقـات كأنهــن كواكـب بيـض ومـا ضحـك الصباح وانها أدمى لها المرجـان صفــحة خـده أعدى الحمـام تـأوُّهي مـن بعـدها بانوا سراعا للـهـوادج زفــــرة فكأنمـا صبغوا الضــحى بقـبابهم ماذا على حــلل الشقــيق لو انها لاعـطّــشن الروض بـعدهم ولا أأعيــر لحظ العيـن بهجـة منظر لا الـجـو جو مشرق ولو اكـتسى لا يبعـــدنّ اذ العـبير لـه ثرى ايـام فـــيه العبـقـري مـفوّف والزاعبــية شّــرع والمشرفيّـ والعهــد من ظـمياء اذ لاقـومها عـهدي بذاك الــجو وهو أسـنّة هل يدنيــني منه أجرد ســابح ومهنّد فيه الفــرنـد كــأنــه عضب المضارب مقـفر من اعين قد كـان رشـح حديده أجـلا وما وكأنـما يلقى الـضريبة دونــه هذا معــدّ والخــلائق كلــها هذا ضمير النـشــأة الأولى التي من أجل هذا قـــدّر المقدور في وبذا تلـــقّى آدم مــن ربــه يا أرض كـيف حملت ثنـي نجاده والناعـمات كانهـن غــصون بالمسك من طرر الحـسان لجون وبكى عليها اللؤلـؤ المــكنون فكأنـه فيــما سجـعن رنـين مـما رأيـن وللـمطي حنــين أو عـصفرت فيه الخـدود جفون عن لابسيها فـي الـخدود تبـين يرويــه لي دمـع عـليه هَتون وأخونـهم إنــي اذا لخــؤون زهرا ولا الـماء المعـين معـين والـبان دوح والشـموس قطيـن والسـابري مضـاعف مـوضون ـة لمّع والـ مقربـات صـفـون خزر ولا الحـرب الزبـون زبون وكناس ذاك الـخشف وهو عـرين مـرح وجائلـة الـنســوع أمون درٌ لــه خـلف الغـرار كمـيـن لكنّه مـن أنـفــس مــسكـون صاغت مضاربه الـرقاق قيــون بـاس المعز أو اسمه الـمخـزون هـذا الـمعزّ مـتـوجا والـديـن بـدأ الإلـه وغـيـبها المـكنـون أم الــكتــاب وكوّن التـكويـن عفـوا وفاء ليونـس اليـقطــين بل انـت تلـك تـموج منك متون
________________________________________
(81)
حاشا لما حمـلت تحـمـل مثله لو يلتقي الطوفـان قبـل وجوده لو أنّ هذا الدهر يبطش بطـشه الروض مـا قد قيـل في أيامـه والمسك ما لثَم الثـرى من ذكره مـلـك كـما حدّثت عنـه رأفة شيم لو أن اليـم اعطـي رفـقها تالله لا ظـل الـغــمام معـاقل ووراء حق ابن الرسـول ضراغم الـطالـبـان المشرفيـّة والقـنا وصواهل لا الهضب يوم مغـارها جَنب الـحمام ومـا لهــنّ قوادم فلهن من وَرَق اللجــين تـوجس فـكأنهـا تحـت النضار كـواكب عُرفت بســاعة سبـقها لا انّـها وأجلّ عـلم الـبرق فيـها أنهــا في الغـيث شبـه من نداك كأنمـا أما الـغنى فـهو الـذي أوليـتنـا تطأ الجـياد بــنا الــبدور كأنها فالفـيء لا متـنـقل والـحوض لا انظر الى الدنــيا باشفـاق فقــد لو يستطيع البحر لاسـتعدى علـى أمـدده أو فاصـفح لـه عن نـيله وأذن لـه يغـرق أميــّة مــعلنا وأعـذر أميـّة ان تغـصّ بريقـها أرض ولكن الـسمـاء تعــين لم يُنج نوحا فلـكه المـشحـون لم يعقب الحـركات منـه سكون لا إنــه وردٌ ولا نســريـن لا إنّ كـــل قــرارة دارين فالخمـر ماء والـشراسة لـين لم يلتقـم ذا الـنون فيه الـنون تأبى عليه ولا النجوم حـصون اسـد وشهـباء السلاح منـون والمــدركان النصر والتمكين هضب ولا البيد الحزون حزون وعلا الـربود وما لهـن وكون ولهن من مقل الظباء شفــون وكـأنها تحت الحديـد دجـون علقـت بها يـوم الرهان عيون مرّت بجانحتــيه وهي ظنون مسَحت على الانـواء منك يمين فكأن جودك في الــخلود رهين تحت السـنابك مرمر مـسنون مـتكدّر والـمـن لا مــمنون أرخصت هذا العلق وهو ثميـن جـدوى يديك وإنــه لقـميـن فلـقد تخـوّف أن يـقال ضنين مــا كــل مأذون له مـأذون فالـمهل ما سُقيـته والغـسـلين
________________________________________
(82)
ألقـت بأيـدي الذل ملقى عمرها قد قاد أمـرهم وقلــّد ثغــرهم لتحكـمنّك أو تزايـل معـصـما أوَ لم تشنّ بـها وقائــعك التـي هل غير أخرى صيلـم إن الـذي بل لو ثنيت إلى الخلـيج بعـزمة لو لم تكن حزما أنـاتـك لم يكـن قد جـاء أمر الله واقـترب المدى ورمى إلى البلـد الأمين بطرفـه لم يدر ما رجم الـظنـون وإنـما كذبت رجال ما أدّعت من حـقكم أبنـي لؤيّ اين فضـل قديمـكم ناز عتـم حـق الوصــيّ ودونه نـاضلتموه على الخـلافة بـالتي حرّفتـموها عن أبي السبطين عن لو تتّقـون الـله لـم يطـمح لها لكنّكم كــنتم كأهل العـجل لـم لو تسألـون الـقبر يـوم فرحتم ماذا تريد من الكتاب نـواصـب هي بغيـة أظللـتموها فارجعـوا ردّوا عليـهم حكـمهم فعـليـهم البيت بيــت الله وهـو معظّـم والستر ستر الغيب وهو محجب النور انـت وكـل نور ظلــمة لو كان رأيـك شائعـا في أمـّة بالـثوب إذ فغـرت له صفّين منهم مـهين لا يـكـاد يـبين كف ويشخب بالدمـاء وتــين جفلت وراء الهند منها الصـين وقاك تـلك بأختــها لضـمين سرت الـكواكب فيه وهي سفين للنار في حــجر الزنـاد كمين من كلّ مطّلع وحـان الحــين ملـك على سـرّ الاله أمـيـن دفع الـقضاء الـيه وهو يـقين ومن المـقال كأهـلـه مأفـون بل اين حـلم كالجبـال رصين حرم وحجر مانــع وحـجون ردّت وفيكم حدّهـا المــسنون زمع وليس مـن الهجان هجين طرف ولم يشـمخ لها عرنـين يحـفظ لموسى فيهـم هـارون لأجـاب أنّ محـمدا محـزون وله ظـهور دونهـا وبطـون في آل يـاسين ثوت ياسـيـن نزل البيـان وفيـهم التـبيـين والـنور نـور الله وهو مبيـن والسر سـر الله وهـو مصون والفـوق انت وكل قـدر دون علموا بما سيـكون قـبل يكون
________________________________________
(83)
أو كان بشرك في شعاع الشمس لم أو كان سخطـك عدوة في اليم لم لم تـسكن الدنيـا فـواق بكـيـّة الله يقـبل نسـكنا عنـا بـمــا فرضان من صوم وشـكر خـليفة فارزق عبادك منـك فضل شفاعة لـك حـمدنـا لا إنه لك مفخــر قـد قال فيك الله ما أنا قائل الله يعلم أن رأيك فـي الــورى ولانت أفـضل من تشير بجـاهه يكسف لها عند الشروق جبين تحمله دون لهاتـه الـتنيـن إلا وأنت لخـوفهـا تأمـين يُرضيك من هدي وانت معين هذا بهذا عنـدنا مـقــرون واقرب بهم زلفى فانـت مكين ما قـدرك المنثور والموزون فكأن كـل قـصـيدة تضمين مأمون حــزم عنـده وأمين تحت المـظلّة باللـواء يميـن
ومن مشهور شعره قصيدته التي يمدح بها المعز لدين الله ويذكر فتح مصر على يد القائد جوهر وقد أنشدها بالقيروان :
تقول بنو العباس هل فُتحت مصر وقد جاوز الاسكـندرية جــوهر وقد أوفدت مصر اليـه وفـودها فما جاء هذا اليوم إلا وقـد غدت فلا تكثروا ذكر الزمان الـذي خلا أفي الجيش كنتم تمترون رويـدكم وقد أشرفت خـيل الإله طـوالـعا وذا ابن بنـي الله يطلـب وتــره ذروا الورد في ماء الفـرات لخيله أفي الشمس شك انها الشمس بعدما ومـا هـي إلا آيـة بـعـد آيـة فكونوا حصيدا خامدين أو ارعووا فقـل لبني العباس قد قُضي الأمر تطالــعه البشرى ويقدمه النصر وزيد الى المعقود من جسرها جسر وأيديـكم منـها ومن غيرها صفر فذلك عصر قد تـقضى وذا عصر فهذا القنا العرّاص والجحفل المجر على الديـن والدنيا كما طلع الفجر وكان حـريّ لا يضيـع لـه وتر فلا الضحل منه تمنعون ولا الغمر تجلّت عيانا ليس من دونهـا ستر ونذر لكم إن كان يغـنيكـم النذر الى ملـك في كفه الموت والنشر
________________________________________
(84)
اطيـعوا امــاما للأيمـّة فاضـلاً ردوا ساقيا لا تـنـزفـون حياضه فان تتبعوه فهــو مولاكــم الذي وإلا فـبعـدوا للـبعيـد فـبيـنـه افي ابـن ابي السبطين أم في طليقكم بني نثـلـة مـا أورث الله نثــلة وأنى بـهذا وهي أعـدت بـرقّـها ذروا الناس ردوهم الى من يسوسهم اســرتم قـروما بالـعراق اعـزّة وقد بزكم ايـامكم عُــصب الهدى ومـقـتــبل ايـامـه متـهـلّـل أدار كما شاء الــورى وتحـيزت تعالوا الــى حكـام كـل قـبيـلة ولا تعدلوا بالـصيد من آل هـاشـم فجيئوا بمـن ضـمّت لؤي بن غالب أتدرون متن أزكى اللبريّـة مـنصبا ولا تذروا علــيا معـتد وغيـرها ومن عجب ان اللـسان جـرى لهم فـبادوا وعـفـى الله آثار ملـكهم ألا تلكم الأرض العريضة اصبـحت فقد دالـت الـدنيـا لآل مـحمــد ورد حقوق الطالبـيين مـَن زكـت معز الهدى والديـن والرحم التــي كما كانـت الأعمال يفـضلها الــبر جـمومـا (1) كما لا ينزف الأبحر الدر له بـرسـول الله دونــكم الـفـخر وبينــكم ما لا يقـرّ بـه الـدهــر تنـزّلت الآيـات والــسور الـغـر وما ولـدت هـل يسـتوي العبد والحر أباكم فـايـاكم ودعوى هـي الـكفـر فما لكم فـي الامـر عـرف ولا نـكر فقد فُـكّ مـن اعناقـهم ذلـك الأسـر وانصـار ديـن الله والبـيض والسمر اليه الشباب الغض والزمـن النـضـر على السبعة الأفـلاك أنـملـه الـعشر ففي الأرض اقــبال وانـديـة زهـر ولا تتركوا فـهرا ومـا جمـعت فهـر وجيئــوا بـمن ادت كنــانة والنضر وأفـضلــها ان عُدّد البـدو والحضـر ليُعرف مـنكم مـن له الــحق والأمر بذكر على حين انقضـوا وانقضى الذكر فلا خبر يلقــاك عنــهم ولا خــُبر وما لبني العـباس فـي عـرضها فـتر وقد جرّرت أذيالها الدولــة البـكــر صـنائــعه في آلـه وزكـا الذخــر بـه اتـصـلت أسبـابـها ولـه الـشكر
________________________________________
1 ـ الجموم : الماء الكثير.
________________________________________
(85)
مـن انتاشهم في كل شـرق ومغرب فــكل إمـامي يـجيء كـأنـمـا ولمـا تـولت دولـة النصب عنهم حقوق أتت من دونـها أعصر خلت فجرد ذو التاج المقـاديــر دونهـا فانقذها مـن بُـرثن الـدهر بعـدما وأجرى على ما أنزل اللـه قسـمها فدونكـموها أهل بـيـت محمــد فقد صـارت الدنـيا اليكم مصيرها إمام رأيــت الدين مرتبـطا بـه أرى مــدحه كـالمـدح لله إنـه هو الوارث الدنـيا ومـن خلقت له وما جهل المنصور في المهد فضله رأى أن سيسمى مالك الأرض كلها وما ذاك أخذا بـالفراسـة وحدها ولكـن مـوجـوداً من الأثر الذي وكنـزا مـن الـعلم الربوبي انـه فبشّر به البيت المحرم عــاجـلاً وهـا فـكأن قد زاره وتجـانفـت هل البـيت بيـت الله إلا حـريمه منازلـه الأولـى اللواتي يشــقنه وحيث تـلقّى جدّه القدس وانتحـت فان يتمنّ البيت تـلك فقـد دنـت فبدّل أمناً ذلك الـخوف والـذعـر على يده الشعرى وفي وجهـه البدر تولى العمى والجهل واللؤم والـغدر فما ردّها دهر علــيه ولا عصـر كما جردت بيض مـضاربـها حمر تواكلها القِرس المنيـّب والهِــصر (1) فلم يتـخرّم منـه قلّ ولا كــثـر صفت بـمعزّ الـدين جمـّاتها الكدر وصار له الحمد المضاعـف والاجر فطاعته فوز وعـصيـانـه خسـر قـنوت وتـسـبيح يـُحَطّ به الوزر من الناس حتى يلتـقي القُطر والقُطُر وقد لاحـت الاعـلام والـسمة البَهر فلما رآه قــال ذا الـصمـد الـوتر ولا أنه فــيها الى الـظن مـضطر تلقاه عن حبــر ضنـين به خـُبـر هو العلم حقـا لا الـقيـافة والزجـر اذا أوجف التـطواف بـالناس والنفر به عن قـصور الملك طـيبة والسـر وهل لغريـب الـدار عـن اهله صبر فليس له عنهـــنّ مغـدى ولا قصر له كلمات اللـه والســر والـجهـر مواقيتها والعسر مـن بعــده اليـسر
________________________________________
1 ـ القرس : البعوض ، المنيب : ذو الناب. الهصر : الأسد.
________________________________________
(86)
وإن حنّ من شــوق الـيك فانـّه ألست ابن بانيـة فلو جئـته انجلت حبيب الى بطحاء مـكّة موســم هناك تضيء الارض نورا وتلتقي وتدري فروض الحج من نافـلاته شهدت لقـد اعززت ذا الدين عزّة فأمضيت عزما ليس يـعصيك بعده أهنيك بالـفـتح الذي انـا نـاظر فلم يبق الا البرد تـترى ومـابأى وما ضـر مصرا حين ألقت قيادها وقد حبّرت فيها لـك الخطب التي فلم يُهـرَق فيـهـا لـذي ذمّـة دم غدا جوهر فيــها غمامة رحـمة كأني به قد سـار في الـقوم سيرة ستحسدها فيـه المشــارق انــه ومن اين تـعدوه سيـاسة مثــلها وثـقـّف تثقيف الـردينـي قـبلها ولـيس الذي يــأتي بأوّل ما كفى فما بمـداه دون مجــد تخــلف سنـنت له فيـهم من الـعدل سـنّة على ما خلا من سنّة الوحي اذ خلا وأوصيته فيهم برفـقـك مــردفا وصاة كما أوصى بـهـا الله رسله وبينتها بالكتب مــن كـل مـدرج يقول رجال شاهــدوا يوم حـكمه ليوجد من رياك فـي جـوّه نـشـر غواشيه وابيضّت منـاسـكه الـغبر تحيّي معّدا فيه مكّـة والــحجــر دنوا فلا يستبعــد السفر الـسفــر ويمتاز عنــد الامة الخير والشــر خشـيت لها أن يستبد بـه الكبـــر مــن الناس إلا جاهـل بك مغتــر اليـه بـعيـن ليس يغمضها الكفــر عـليك مـدى أقصى مواعيده شهــر اليـك امـد النيـل أم غالـه جــزر بـدائعهـا نـظـم والفاظهـا نثـــر حـرام ولـم يحمل على مسلم أُصــر يقـي جـانبيهـا كـل نائبــة تعـرو تودّ لـهــا بغـداد لو أنهــا مصـر سواء اذا مـا حلّ في الأرض والقطـر وقد قلصت في الحرب عن ساقه الازر ومـا الطــرف الا أن يهذّبـه الضمر فشــدّ بـه مــلك وسـدّ بـه ثغـر ولا بـخطــاه دون صالحــة بهـر هـي الآية المجلى ببرهانهــا السحـر فأذيـالهـا تضفــو علــيهم وتنجـر بـجودك معــقودا به عهــدك البـر ولـيس بـأذن انت مسمعهــا وقــر كأن جميــع الخير في طـيه سطــر بنـا تعمـر الدنـيا ولو أنهــا قفــر
________________________________________
(87)
بـذا لا ضيـاع حللّوا حرماتهـا فحسبكـم يا اهل مصـر بعدلـه فذاك بيـان واضـح عن خلـيفة رضـينا لكم يا أهل مصـر بدولة لكم أسـوة فينا قـديمـا فـلم يكن وهل نحن الا معشـر من عفاتـه فكـيف مواليـه الذيـن كأنّهــم لبسنـا بـه ايـام دهــر كأنّهـا فـيا ملكا هـدي الملائـك هـديه ويـا رازقا من كـفّه منشـأ الحيا الا إنمـا الايـام أيـامـُك التـي لك المجد منها يا لك الخير والعلى لقد جُدت حتى ليس للمـال طالب فليس لمن لا يرتقي النجـم همـّة وددت لـجيل قد تقـدّم عصـرهم ولو شهـدوا الايـام والعيش بعدهم فلو ســمع التثويبَ من كان رمّة لناديت مـن قد مات حيّ بــدولة وأقطاعها فاستصفى السهل والوعر دليلاً على العدل الذي عنه يفترّوا كثيـر سواه عنـد معروفـه نزر اطاع لنا في ظلّها الامن والـوفر بأحـوالنا عنكم خفـاء ولا ستـر لنا الصافنات الجرد والعسكر الدثر سماء على العافين أمطارهـا البتر بهـا وسن أو مال ميلا بها السكر ولكـن نجـر الانبياء لـه نجـر وإلا فمـن اسـرارها نبع البـحر لك الشطرمن نعمائـها ولنا الشطر وتبقـى لنا منها الحـلوبة والـدر وأعطيـت حتى ما لـنفسـه قدر وليس لمن لا يستفيد الغنـى عـذر لو استأخروا في حلبة العمر اوكروا حدائق والآمال مـونقــة خضـر رفاتا ولبى الصوت من ضـمّه قبر تُقام لها الـموتى ويرتجـع العـمر
وقال يمدح يحيى بن علي الأندلسي :
فتكات طرفك أم سيوف أبيك أجلاد مرهــفة وفتك محاجر يا بنت ذا البرد الطويل نجاده قد كان يدعـوني خيالك طارقاً عيناك أم مغـناك موعدنا وفي وكؤوس خمر أم مراشف فيك ما انت راحمة ولا أهــلوك اكذا يجوز الحـكم فـي ناديك حتى دعاني بـالقنا داعيــك وادي الكرى القاك أو واديـاك
________________________________________
(88)
منعوك من سنة الكرى وسروا فلو ودعوك نـشوى ما سقـوك مدامة حسبوا الـتكحل في جفونك حلية وجلوك لــي اذ نحن غصنا بانة ولوى مقبـلك اللــثام وما دروا فضعي القناع فقبل خدّك ضرّجت يا خيله لا تـسخـطي عزمـاته ايها فمـن بيـن الأسنة والظـبى قد قلّـدتـك يـدُ الأمـير أعـنّةً وحمـاك اغـمار الـموارد انـه عوجي بجنح الليل فالمـلك الذي رب المذاكي والعـوالي شـرّعا هو ذلك الليث الغضنفر فانج من تلقاه فوق رحــاله وأقـبّ لا تأبـى له الا الـمكـارم يشجب بيت سـما بك والكـواكب جنّح كذبت نفوس الحاسـدين ظنونها ان السماء لدون ما تـرقى لـه عاودتَ من دار الخلافة مطلعـا ورأى الخـليفة منك بأس مهنـّد وغـدت بك الدنيا زبرجدة جلت يدك الحميدة قـبل جودك انـها صـدقت مفوّفة الايـادي انـما الشعر ما زرّت عليك جيـوبـه وألفتك فتك في صميم المـال لا عثروا بطـيف طارق ظنّوك لمـا تمايل عطـفك اتهموكِ تالله مـا بأكفهــم كحـلوكِ حتى إذا احتفل الهوى حجبوكِ أن قد لثمـت به وقُبّل فـوكِ رايات يحيى بالـدم المسفوك ولئن سخـطت فقلما يرضيك إن الملائكـة الكـرام تليـك لتخايلي وشـكا بمـا يتلـوك بالسيف من مهج العدى ساقيك يهدي النجوم الى العلى هاديك لكنه وتـر بغيـر شـريـك بطش على مهج الليوث وشيك تلقـاه فـوق حشيـّة وأريـك يأبى سنام المجد غيـر تمـوكِ من تحت أبنيــة له وسمـوكِ من آفك منهـم ومـن مـأفوكِ والنجـم أقـرب نهجك المسلوكِ فطلعت شمـسا غير ذات دلوكِ بيديه مــن روح الشعاع سبيكِ عن ثغر لـؤلؤة الـيك ضحوك يد مالك يقـضي عـلى مملوكِ يومـاك فيهــا درتـا دُرنوكِ من كـل موشـيّ البديع محوكِ ما حدّثـوا عن عروة الصعلوكِ
________________________________________
(89)
وأرى المـلوك إذا رأيتـك سوقة الغيث أولهــم ولـيس بمـعدم أجريتَ جودك في الزلال لشارب لا يعدمنّـك أعوجـي صعـّرت من سـابح مـنها اذا استحضرته قيد الظليم مــخبر عن ضـاحك لو تأخذ الحسـناء عنـه خصالها لو كان سنبــكه الدقيـق بكـفّها لك كـل قـرم لـو تقـدّم عمـرُه وقعـاتُ نصر في الأعادي حدّثت هل أنـت تارك نصل سيفك حقبة لو يستـطيع الـليل لاستعدى على لاقيتَ كلّ كتيبـةٍ وفـللتَ كــلّ وأرى عفاتك سوقـة كمـلوكِ والبحر منهم وهو غير ضريكِ وسبكته في العسجـد المسبوكِ عادات نصرك منه خدّ مليـك ربـذ (1) اليدين وسلهب محبوك من بــَيض أدحيّ الظليم تريك (2) ما طــال بثّ محبّها المفروكِ نظمت قلائـدها بغــير سلوكِ لم يلهج العَـدَويّ بالـيرمــوكِ عن يـوم بدر قبلـها وتبــوكِ في غـمده أم ليـس بالمـتروك مسراك تــحت قنـاعه الحُلوكِ ضريبـةٍ وألنت كـلّ عــريكِ
________________________________________
1 ـ ربذ اليدين : صنع اليدين خفيفهما. السلهب : الجواد عظم وطالت عضامه.
2 ـ الادحى : مبيض النعام في الرمل وأراد بالضاحك : الابيض. التريك : بيض النعام.
________________________________________
(90)
وقال يمدح المعز ويذكر ورود رسل الروم اليه بالكتب يتضرعون اليه في الصلح ويصف الاسطول الفاطمي الذي كان سيد البرح المتوسط يومذاك
ألا طرَقتـنا والـنجـوم ركـــودُ وقد أعجل الفجر الملمـع خطـوهـا سرت عاطلا غضبى على الدر وحده فما برحت إلا ومـن سلـك ادمعـي وما مــغزل أدمـاه دان بـريـرها بأحسـن منـها يــوم نصّت سوالفاً ألم يأتهـا أنّا كبرنـا عـن الــصبا فليـت مشيبـا لا يـزال ولـم أقـل ولـم ارَ مـثلـي مـاله من تجلــّد ولا كـالليـالـي ما لهـن مواثــق ولا كـالـمعـز ابن النـبي خـليفةً وما لسمـاء ان تـعـدّ نـجومهــا بأسيافه تـلك الـعواري نـصولهـا ومن خيله تلـك الـجوافـل انــها فيا ايهـا الشـانيه خلـتك صـاديـاً لغيرك سـقيا الـماء وهـو مـروّقُ وفي الحيّ ايقاظ ونحن هجود وفي اخريات الليل منه عمود فلم يدر نحر ما دهـاه وجيـد قلائد في لبّـاتـها وعـقـود تربّع ايــكا ناعـما وتـرود تريع الى اتـرابـها وتــحيد وانّا بلينا والزمــان جـديـد بكاظمـة ليت الشـباب يـعود ولا كجـفونـي ما لـهنّ جمود ولا كالغوانـي ما لهـن عهـود له الله بالفخر المــبين شهـيد اذا عـُدّ آبــاء لـه وجـدود الى الـيوم لم تعرف لهن غمود الى اليوم لم تُحطط لـهن لـُبود فانك عن ذاك المـعـين مـذود وغيرك ربُّ الـظلّ وهو مـديد
ادب الطف ـ المجلد الثاني ::: فهرس