الحديث التاسع: رعاية مشاعرها عن المِسوَر بن مَخرَمَةَ قال: إن عليا خطب بنت أبي جهل فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم
إن فاطمة بضعة منى وأنا أتخوف أن تفتن في دينها وإني لست أحرم حلالا ولا أحل حراما لكن الله لا تجتمع بنت رسول الله.
وبنت عدو الله عند رجل واحد أبدا).
رواه أحمد والشيخان وأبو داود وابن ماجه
الحديث العاشر عظم مكانتها عن عمر بن الخطاب عنه عليه الصلاة والسلام
إن فاطمة وعليا والحسن والحسين في حظيرة القدس في قبة بيضاء سقفها عرش الرحمن).
رواه ابن عساكر بإسناد ضعيف جدا بل قيل بوضعه
الحديث الحادي عشر الحفاظ عليها عن المسور بن مخرمة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر
إن
بني هاشم بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم على بن أبي طالب فلا اذن لهم ثم لا آذن لهم ثم لا آذن لهم إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم وإني لست أحرم حلالا ولا أحلل حراما.
ولكن الله لا تجتمع بنت رسول وبنت عدو الله أبدا).
رواه الشيخان زاد في رواية
فإنما فاطمة بضعة مني يرييني ما رابها ويؤذيني ما أذاها).
الحديث الثاني عشر: الحرص على فعل ما يرضيها عن سرير بن عقلة قال: خطب علي بنت أبي جهل فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: عن حسبها تسألني قال: لا ولكن أتأمرني بها قال: لا فاطمة بعضة مني ولا أحسب إلا أنها تحزن أو تجزع! فقال علي: لا آتي بما تكرهه.
الحديث الثالث عشر: عن أسماء بنت عميس قالت: خطبني على فبلغ ذلك فاطمة فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: إن أسماء متزوجة عليا.
قال: ما كان لها أن تؤذى الله ورسوله.
رواه الطبراني
الحديث الرابع عشر توفير الهدوء النفسي لها عن ابن عباس أن عليا خطب بنت أبي جهل فقال النبي صلى الله عليه وسلم
إن كنت تزوجتها فرد علينا ابنتنا.
والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله تحت رجل).
وراه الطبراني في معاجيمه
الحديث الخامس عشر رضي الله لرضاها وغضبه لغضبها: عن علي - رضي الله عنه - قال:
رواه الطبراني بإسناد حسن تعليمه إياها وتأديبه وتهذيبه لها
الحديث السادس عشر سيدة نساء المؤمنين يوم القيامة: عن فاطمة الزهراء قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم
يا فاطمة أما ترضين أن تأتي يوم القيامة سيدة نساء المؤمنين).
رواه الديلمي
الحديث السابع عشر استجابتها لله ورسوله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام
يا فاطمة: اشترى من الله ولو بشق تمرة) رواه الديلمي أيضا
صبرنا على مرارة الدنيا عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يا فاطمة اصبري على مرارة الدنيا).
رواه ابن لال في المكارم اختصاصه بها واهتمامه بشأنها وتوجيهه لها
الحديث التاسع عشر حسن اختيار الزوج لها: عن عكرمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يا فاطمة إني ما أليت أن أنكحتك خير أهلي).
رواه ابن سعد عنه مرسلا
الحديث العشرون متابعتها بالتوجيه النبي الكريم: عن أبي هريرة رضي الله عنه.
عنه عليه الصلاة والسلام.
أنه قال
يا فاطمة ما لي لا أسمعك بالغداة والعشي تقولين: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين).
رواه الخطيب
الحديث الحادي والعشرون دعوتها إلى تحمل المسئولية: عن أبي هريرة عنه عليه الصلاة والسلام قال
يا فاطمة بنت محمد اشترى نفسك من النار فإني لا أملك لك من الله شيئا).
رواه البيهقي
الحديث الثاني والعشرون الثناء على زوجها عن ابن مسعود قال
أصابت فاطمة صبيحة العرس رعدة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا فاطمة زوجك سيد في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين).
الحديث الثالث والعشرون عن أنس عنه عليه الصلاة والسلام: يا فاطمة ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به أن تقولي
يا حي يا قيوم برحمتك استغيث فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله).
الحديث الرابع والعشرون حسن لقاء الرسول صلى الله عليه وسلم لها: عن أم سلمة قالت: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي إذ قال الخادم
إن عليا وفاطمة بالباب فقال: قومى فتحى عن أهل بيتي فدخل علي وفاطمة ومعهما الحسن والحسين فأخذ الصبيين فوضعهما في حجره واعتنق عليا بإحدى يديه وفاطمة بالأخرى فقبل فاطمة وقبل عليا).
رواه أحمد وغيره
الخامس والعشرون رعايته لأبنائها: عن زينب بنت أم سلمة أن المصطفى دخل عليه الحسن والحسين وفاطمة فجعل الحسن من شق والحسين من شق وجعل فاطمة في حجره وقال: رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد).
رواه الطبراني وغيره
الحديث السابع والعشرون ولد فاطمة ومكانتهم: فاطمة الزهراء قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
كل بني لآدم ينتمون إلى عصبة إلا ولد فاطمة فأنا وليهم وأنا عصبتهم).
رواه الطبراني وأبو يعلى الحديث الثامن والعشرون من أحب آل البيت فهو معهم: عن على عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
أنا وفاطمة على مجتمعون ومن أحبنا يوم القيامة نأكل ونشرب حتى يفرق بين العباد فبلغ ذلك رجلا من الناس فقال: كيف بالعرض
رواه الطبراني وفي إسناده من لا يعرف الحديث التاسع والعشرون مسئوليتها عن نفسها عن حذيفة عنه عليه الصلاة والسلام قال
يا فاطمة بنت رسول الله أعملي لله خيرا فإني لا أغني عنك من الله شيئا يوم القيامة).
رواه البزار تنويهه صلى الله عليه وسلم بذكرها الحديث الثلاثون سيدة نساء العالمين وسيدة نساء المؤمنين: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يا فاطمة أما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين وسيدة نساء المؤمنين).
رواه الحاكم
الحديث الحادي والثلاثون: عن علي - مرفوعا -(إذا كان يوم القيامة نادى مناد من وراء الحجب: يا أهل الجمع غضوا أبصاركم عن فاطمة بنت محمد حتى تمر!).
رواه الحاكم وتمام وغيرهما
الحديث الثاني والثلاثون عظم مكانتها عند ربها عن أبي هريرة - مرفوعا - إذا كان يوم القيمة نادى مناد من بطنان العرش
أيها الناس غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة إلى الجنة).
رواه أبو بكر الشافعي
الحديث الثالث والثلاثون موكبها حين تمر على الصراط عن أبي أيوب الأنصاري - مرفوعا - إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: يا أهل الجمع نكسوا رؤوسكم وغضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة بنت محمد على الصراط فتمر مع سبعين ألف جارية من الحور العين كمر البرق.
الحديث الرابع والثلاثون كيف تمر على الصراط عن عائشة - مرفوعا -(إذا كان يوم القيامة نادى مناد معشر الخلائق طأطئوا رؤوسكم حتى تجوز فاطمة بنت محمد فتمر عليها ريطتان خضراوان).
رواه الطبراني والحاكم وأبو نعيم
الحديث الخامس والثلاثون أول من يدخل الجنة عن علي قال
أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أول من يدخل الجنة أنا وفاطمة) رواه ابن سعد
الحديث السادس والثلاثون أفضل نساء أهل الجنة: عن ابن عباس - مرفوعا - أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد
رواه أحمد والترمذي بإسناد صحيح قال الحافظ ابن حجر: هذا نص صريح قاطع للنزاع في تفضيل خديجة على عائشة لا يحتمل التأويل.
الحديث السابع والثلاثون تبادل المودة والحنان بينها وبين أبيها: عن أبي ثعلبة الحسيني قال
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى ركعتين ثم ثنى بفاطمة ثم يأتي أزواجه.
فقدم من سفر فصلى ركعتين ثم أتى فاطمة فتلقته على باب القبة فجعلت تلتهم فاه وعينيه وتبكى.
قال: ما يبكيك قالت: أراك شعثا أيضا قد اخلولقت ثيابك!! فقال لها: لا تبكي فإن الله عز وجل بعث أباك بأمر لا يبقى على ظهر الأرض نبت ولا مدر ولا حجر ولا وبر ولا شعر إلا أدخل الله به عزا وذلا).
رواه الطبراني وأبو نعيم
عظم مكانتها عند أبيها
عن ثوبان
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر آخر عهده إتيان فاطمة وأول من يدخل عليه إذا قدم فاطمة).
رواه أحمد والبيهقي
الحديث التاسع والثلاثون أين هي من الميزان(عن ابن عباس عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: أنا ميزان العلم وعلى كفتاه والحسن والحسين خيوطه والأئمة من أمتى عموده وفاطمة علاقته توزن فيه أعمال المحبين لنا والمبغضين لنا).
رواه الديلمي
الحديث الأربعون اسمها على باب الجنة عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(ليلة عرج بن إلى السماء رأيت مكتوبا على باب الجنة بالذهب: لا إله إلا الله محمد رسول الله علىٌّ حبيب الله الحسن والحسين صفوة الله).
فاطمة أمة الله).
رواه الديلمي - وحكم بعضهم بوضعه.
الحديث الحادي والأربعون الكلمات التي تلقاها آدم (عن ابن عباس قال: سألت المصطفى عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه فقال: سأل بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين).
الحديث الثاني والأربعون سيدة نساء عالمها عن عمران بن حصين أن نبي الله صلى الله عليه وسلم عاد فاطمة وهي مريضة فقال لها: كيف عيناك يا بنية أما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين قالت: فأين مريم بنت عمران قال: تلك سيدة نساء عالمها وأنت سيدة نساء عالمك والله لقد زوجك سيدا في الدنيا
رواه الحاكم عن عائشة
الحديث الثالث والأربعون خير نسائها عن علي - رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
خير نسائها مريم وخير نسائها فاطمة).
رواه الترمذي
الحديث الرابع والأربعون خير نساء عالمها عن عروة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
مريم خير نساء عالمها وفاطمة خير نساء عالمها).
رواه الحارث بن أسامة
الحديث الخامس والأربعون سيدة نساء أهل الجنة عن أبي سعيد قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من مريم بنت عمران.
رواه أبو نعيم
الحديث السادس والأربعون سيدات أهل الجنة بعد مريم عن ابن عباس - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
سيدات أهل الجنة بعد مريم بنت عمران فاطمة وخديجة ثم بنت مزاحم).
رواه الطبراني في الكبير والأوسط بسند رجاله رجال الصحيح
الحديث السابع والأربعون سيدة نساء المؤمنين: عن عائشة قالت: اجتمعت نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت فاطمة تمشى وما تخطىء مشيتها مشية أبيها.
فقال: مرحبا يا بنتي فأقعدها عن يمينه فسارها بشيء فبكت ثم سارها فضحكت فقلت له أخبريني بما سارك.
قالت: ما كنت لأفشى عليه سرا فلما توفى قلت لها: أسألك بما لي عليك من الحق لما أخبرتني بما سارك.
قالت: أما الآن فنعم.
سارني قال: إن جبريل يعارضني بالقرآن في كل سنة مرة وإنه عارضني العام مرتين ولا أرى ذلك إلا اقتراب أجلي فاتقى الله واصبري فنعم السلف أنالك فبكيت.
ثم سارني وقال
أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين فضحكت).
رواه الشيخان
الحديث الثامن والأربعون سيدة نساء أهل الجنة عن أم سلمة قالت
دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة عام الفتح فناجاها فبكت ثم حدثنا فضحكت فلما توفى سألتها قالت: أخبرني أنه يموت فبكيت ثم أخبرني أني سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم بنت عمران فضحكت).
الحديث التاسع والأربعون أول بيته لحوقا به
عن عائشة - رضي الله عنها - حدثتني فاطمة قالت: أسر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة مرة وأنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا قد حضر أجلي وإنك أول بيتي لحوقا بن ونعم السلف أنالك! قالت: فبكيت.
قال: ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة أو نساء المؤمنين! فضحكت! رواه الشعبي عن مسروق
الحديث الخمسون أشدهم شبها برسول الله صلى الله عليه وسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت
ما رأيت أحد أشبه كلاما وحديثا برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة كانت إذا دخلت قام إليها فقبلها ورحب بها وأخذ بيديها وأجلسها في مجلسه وكانت هي إذا دخل عليها قامت إليه فقبلته وأخذت بيده وأجلسته مكانها.
فدخلت عليه في مرضه الذي توفى فيه فأسر إليها فبكت ثم أسر إليها فضحكت فقلت: كنت أحسب لهذه المرأة فضلا على
فلما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها عن ذلك قالت: أسر لي أنه ميت فبكيت ثم أسر لي أني أول أهله لحوقا به فضحكت).
رواه ابن حبان ولا تنافي بين هذا الحديث وما قبله من الأخبار.
فلعل تعدد صدور ذلك منه لها وبكاؤها وضحكها لم يكن لمجموع الخبرين وإلا لما استقل به أحدهما كما استقل به حديث عائشة فهو دليل على أنه لموته فقط لا لكل واحد منهما وإلا لما ضحكت للثاني.
الباب الرابع في خصائصها ومزاياها على غيرها رضي الله عنها
خصائصها ومزاياها على غيرها وهي كثيرة
روى أحمد والحاكم والطبراني عن أبي سعيد الخدري - بإسناد صحيح مرفوعا -(فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم).
وفي رواية صحيحة
إلا ما كان من مريم بنت عمران) فعلم أنها أفضل من أمها خديجة وما وقع في الأخبار مما يوهم أفضليتها فإنما هو من حيث الأمومة فقط.
وعن عائشة - على الصحيح - بل الصواب.
قال السبكي: الذي نختاره وندين الله به: أن فاطمة أفضل! ثم خديجة! ثم عائشة! قال: ولم يخف عنا الخلاف في ذلك ولكن إذا جاء نهر الله بطل نهر العقل! قال الشيخ شهاب الدين بن حجر الهيتمي: ولوضوح ما قاله السبكي تبعه عليه المحققون.
وممن تبعه عليه: الحافظ أبو الفضل بن حجر فقال في موضع: هي مقدمة على غيرها من نساء عصرها ومن بعد هن مطلقا.
وأما قول ابن القيم: إن أريد بالتفضيل كثرة الثواب عند الله فذاك أمر لا يطلع عليه فإن عمل القلوب أفضل من عمل الجوارح.
وإن أريد كثرة العلم فعائشة.
وإن أريد شرف الأصل ففاطمة لا محالة وهي فضيلة لا يشاركها فيها غير أخواتها.
وإن أريد شرف السيادة فقد ثبت النص لفاطمة وحدها.
وما امتازت به عائشة من فضل العلم لخديجة ما يقابله وأعظم! وهي أنها أول من أجاب إلى الإسلام ودعى إليه وأعان على إبلاغ الرسالة بالنفس والمال والتوجه فلها مثل أجر من جاء بعدها إلى يوم القيامة.
قال: وقيل انعقد الإجماع على أفضلية فاطمة فأين ما عدا مريم مريم أفضل منها إن قلنا بما عليه القرطبي في طائفة من أنها(نبية) وكذا على قول تقدم نبوتها بقوة الخلاف وبقصده استثناءها.
أعنى مريم في عدة أحاديث من بعضها.
بل روى ابن عبد البر عن ابن عباس مرفوعا
سيدة نساء العالمين مريم ثم فاطمة ثم خديجة ثم آسية).
قال القرطبي: وهذا حديث حسن يرفع الإشكال من أصله.
وقول الحافظ بن حجر
إنه غير ثابت).
إن أراد به نفي الصحة الاصطلاحية فمسلم فإنه حسن لا صحيح.
ونص على ذلك الحافظ الجبل ولفظه عن ابن عباس مرفوعا(سيدات نساء أهل الجنة بعد مريم بنت عمران فاطمة وخديجة ثم آسية بنت مزاحم امرأة فرعون) رواه الطبراني في الأوسط وكذا الكبير بنحوه.
قال الحافظ الهيثمي: ورجال الكبير رجال الصحيح.
لكن قال بعضهم: لا أعدل ببضعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا وممن صار إلى ذلك: المقريزى والسيوطى.
أفضليتها على نساء هذه الأمة: أما نساء هذه الأمة فلا ريب في تفضيلها عليهن مطلقا بل صرح غير واحد أنها وأخوها إبراهيم أفضل من جميع الصحابة حتى الخلفاء الأربعة.
وذهب الحافظ بن حجر أنها أفضل من بقية أخواتها لأنها ذرية المصطفى دون غيرها من بناته فإنهن متن في حياته فكن في صحيفته ومات في حياتها فكان في صحيفتها! قال: وكنت أقول ذلك استنباطا إلى أن وجدت الإمام ابن جرير الطبرى نص عليه: فأخرج عن طريق فاطمة بنت الحسين بن على بن جدتها فاطمة قالت
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما وأنا عند عائشة فناجاني فبكيت ثم ناجاني فضحكت فسألتني عائشة عن ذلك فقلت: لا أخبرك بسره فلما توفى سألتني فذكرت الحديث في معارضة جبريل له بالقرآن مرتين وأنه قال: أحسب أني ميت في عامى هذا وأنه لم ترزأ امرأة من نساء العالمين مثلها.
فلا تكوني دون امرأة منهن صبرا فبكيت فقال: أنت سيدة نساء أهل الجنة فضحكت).
ما أخرجه الطحاوي: وأما ما أخرجه الطحاوي وغيره من حديث عائشة في قصة مجىء زيد بن حارثة بزينب بنت المصطفى.
قال النبي صلى الله عليه وسلم(هي أفضل بناتي أصيبت في).
فأجاب عنه بعض الأئمة - بفرض ثبوته - بأن ذلك كان متقدما ثم وهبه الله فاطمة من الأحوال السنية والكمالات العليا ما لم يطاولها فيه أحد من نساء هذه الأمة مطلقاً.
على أن البزار روى عن عائشة أنها قالت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة
هي خير بناتي أنها أصيبت بي).
وعليه فلا حاجة للجواب المتقدم بنصه الصريح على أفضليتها مطلقا.
الثانية أنه يحرم التزويج عليها والجمع بينها وبين ضرة قال المحب الطبري: قد دلت الأخبار - أي المارة - على تحريم نكاح علي على فاطمة حتى تأذن.
ويدل عليه قوله تعالى
وَما كانَ لَكُم أَن تُؤذوا رَسولَ اللَهِ) لكن تبين من كلام جمع متقدمين من أئمتنا الشافعية أن ذلك من خصائص بناته لا من خصائص فاطمة فقط.
وممن صرح به الشيخ أبو علي في شرح التلخيص: فقال: يحرم التزويج على بناء النبي أي من ينسب إليه بالنبوة.
لكن استوجه الحافظ ابن حجر أنه خاص بفاطمة لأنها كانت أصيبت بأمها وأخواتها واحدة فواحدة فلم يبق من تأنس به ممن يخفف عنها ألم الغيرة وفيه نظر.
كما في الفتاوى الظهيرية الحنفية.
قالت المولدات: طهرت من نفاسها بعد ساعة لئلا تفوتها صلاة ولذلك سميت الزهراء!! ومن جزم بذلك من أصحاب الشافعية: المحب الطبريى وأورد فيه حديثين: أنها حوارء آدمية طاهرة مطهرة لا تحيض ولا يرى لها دم في طمث ولا في ولادة.
لكن الحديثان المذكوران رواهما الحاكم وابن عساكر عن أم سليم زوج أبي طلحة.
وهما موضوعان كما جزم به ابن الجوزى وأقره على ذلك جمع منهم: الجلال السيوطي مع شدة عليه.
الرابعة أنها كانت لا تجوع روى البيهقي في الدلائل عن عمران بن حصين قال
كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت فاطمة فوقفت بين يديه فنظر إليها وقد ذهب الدم من وجهها وغلبت عليها الصفرة من شدة الجوع فرفع يده حتى وضعها على صدرها في موضع القلادة وفرج بين أصابعه ثم قال: اللهم مشبع الجماعة ورافع الوضيعة ارفع فاطمة بنت محمد).
قال عمران: فسألتها بعد.
وعنه أيضا: إني لجالس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت فاطمة فقامت بحذائه مقابلة.
فقال
ادنى يا فاطمة).
فدنت دنوة ثم قال: ادنى فدنت حتى قامت بين يديه.
قال عمران: فرأيت صفرة قد ظهرت على وجهها وذهب الدم فبسط رسول اله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه ثم وضع كفه بين ثدييها فرفع رأسه فقال
الله مشبع الجوعة وقاضي الحاجة ورافع الوضيعة لا تجع فاطمة بنت محمد).
فرأيت صفرة الجوع قد ذهبت عن وجهها وظهر الدم.
ثم سألتها بعد فقالت
ما جعت بعد ذلك أبدا).
رواه الطبراني في الأوسط.
وفيه عقبة بن حميد وفقه ابن حيان وغيره وضعفه بعضهم وبقية رجاله موثقون.
وروى أحمد عن أنس (أن بلالا أبطأ عن صلاة الصبح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حبسك
قال: مررت بفاطمة تطحن والصبى يبكى.
فقلت: إن شئت كفيتك الرحى وكفيتني الصبى وإن شئت كفيتك الصبى وكفيتني الرحى! قالت: وكفيتني الرحى! قالت: أنا أرفق بابني منك! فذلك الذي حبسني.
ورواه الطبراني بسند حسين عن فاطمة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاها يوما فقال
أين ابناي).
يعني الحسن والحسين.
قالت: أصبحنا وليس في بيتنا شيء يذوقه ذائق فقال على: أذهب بهما فإني أخاف أن يبكيا عليك وليس عندك شيء! فذهب بهما إلى فلان اليهودي فتوجه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدهما في سربه بين يديهما فضل من تمر.
فقال يا علي: ألا تنقلب بابني قبل الحر! قال: أصبحنا ولي عندنا شيء فلو جلست يا رسول الله حتى أجمع لفاطمة بعض تمرات.
فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اجتمع لفاطمة شيء من تمر فجعله في حجره
الخامسة يقال إنها لم تغسل بعد الموت وإنها غسلت نفسها لما رواه الإمام أحمد في مسنده وابن سعد في طبقاته عن سلمى قالت: اشتكت فاطمة شكوها التي قبضت فيه! فكنت أمرضها فأصبحت يوما وخرج علي لبعض حاجته فقالت: يا أمة اسكبي لي عسلا فسكبت لها عسلا فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل ثم قالت: أغطيني ثيابي الجدد فلبستها ثم قالت: قربى فراشي وسط البيت فاضطجعت واستقبلت القبلة وجعلت يدها تحت خدها وقالت: يا أمة: إني مقبوضة وقد تطهرت فلا يكشفني أحد! فقبضت مكانها فجاء على فأخبرته فقال: لا والله لا يكشفها أحد فدفنها بغسلها ذلك.
حديث غريب وإسناده جيد ولكن فيه ابن اسحق وقد ضعفه وله شواهد ومرسل وهو: ما رواه عبد الله بن محمد بن عقيل: أن فاطمة لما حضرتها الوفاة أمرت عليا فوضع لها غسلا فاغتسلت وتطهرت ودعت بثياب كفنها فأتيت بثياب غلاظ خشنة فلبستها ومست من
فقلت له: هل علمت أحدا فعل ذلك قال نعم كثير بن العباس وكتب في أطراف أكفانه: يشهد كثير بن العباس: أنه لا إله إلا الله.
وقد أنكر الحافظ بن حجر في القول المسدد في الذب عن مسند أحمد علي ابن الجوزى في حكمه عليه بالوضع وقال كثيرون: غسلها زوجها علي أو أسماء بنت عميس وصلى على عليها ودفنها ليلا بوصية منها في محل فيه ولدها الحسن تحت محرابها.
وكان موتها بعد المصطفى صلى الله عليه وسلم بعد ستة أشهر على الصحيح.
وقيل بثمانية وقيل بثلاثة وقيل بشهرين ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من رمضان سنة أحدى عشرة.
قال الذهبي: والصحيح أن عمرها أربع وعشرون سنة.
وقيل: أحدى وعشرون.
وقيل: ست وعشرون وقيل: ست وعشرون وقيل: تسع وعشرون.
وقيل: ثلاث وثلاثون وقيل: خمس وثلاثون.
وقال عبد الله بن الحارث: مكثت بعد أبيها ستة أشهر وهي تذوب وما ضحكت بعده أبدا!!
وروى الطبراني بسند رجاله موثوقون - لكن فيه انقطاع - عن جعفر بن محمد: مكثت فاطمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر ما رئيت ضاحكة)
الحديث.
أول من غطى نعشها في الإسلام
قال جمع: وهي أول من غطى نعشها في الإسلام.
روى ابن سعد عن أم جعفر أن فاطمة قالت لأسماء بنت فيصفها: إني أستقبح ما يصنع بالنساء!! يطرح على المرأة الثوب فيصفها.
فقالت: ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة فدعت بجريدة رطبة فحسيتها ثم طرحت عليها ثوبا.
فقالت فاطمة: ما أحسن هذا!! إذا أنا مت فغسليني أن وعلى ولا يدخلن أحد علينا ثم اصنعي بي هكذا.
فلما توفيت صنع بها ما أمرت به.
انقراض نسب الرسول إلا من فاطمة قال العلماء: انقرض نسب الرسول صلى الله عليه وسلم إلا من فاطمة لأن أمامة بنت بنته زينب تزوجت
قال الزبير بن بكار ثم انقرض عقب زينب.
الباب الخامس فيما روته من الأخبار وأنشأته من الأشعار
روايتها للحديث
اعلم أنها لسرعة موتها لم ترو من الأحاديث إلا قليلا.
ذكروا أن جميع ما روته لا يبلغ عشرة أحاديث فمن ذلك
حديث المسارة) المار و(حديث القول عند دخول المسجد).
رواه الترمذي وابن ماجه من رواية فاطمة الصغرى عنها مرسلا.
وقد ثبت أيضا له من طريق آخر عن فاطمة عن أبيها الحسين عنها.
وحديث
ألا يلومن امرؤ إلا نفسه يبيت وفي يده رمح مخمر).
وحديث
ترك الوضوء مما مسته النار).
أخرجه أحمد من رواية الحسن بن الحسن عنها مرسلا.
وحديث
ساعة الإجابة في يوم الجمعة وأنها إذا تدلت الشمس للغروب).
أخرجه البيهقي في الشعب وأخرج أحمد عن محمد بن علي.
قال: كتب إلى عمر بن عبد العزيز أن أفتح له وصية فاطمة فكان في وصيتها: الستر الذي يزعم الناس أنها أحدثته وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها فلما رآه رجع.
وأخرج الطبراني عن فاطمة بنت رسول الله.
أنها أتت بالحسن والحسين غليه في شكواه الذي توفى فيه فقالت: يا رسول الله هذان ابناك فورثهما شيئا قال
أما الحسن فله هيبتي وسودَدى).
(وأما الحسين فله جودى وجراءتي فإن ابتليتم فاصبروا فإن العاقبة للمتقين).
وأخرج عن أبي مليكة قال
كان فاطمة تنقر الحسن وتقول: بني شبه رسول الله إنه ليس شبيها لعلى).
(كيف طابت نفوسكم أن تحثوا التراب على رسول الله).
وأخرج ابن عساكر عن جابر بن سعيد قال: أخبرتني فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها رأت في نومها أنا نكحت أبا بكر فنكح علي أسماء بنت عميس وكانت بنت عميس تحت أبي بكر فمات أبو بكر وفاطمة فنكح على أسماء بنت عميس.
ما ينسب إليها من الشعر: ومما ينسب إليها من الشعر قولها ترثى أباها كما في سيرة اليعمري:
اِغبَرَّ آفاقُ السَماءِ وَكُوِّرَت ** شَمسُ النَهارِ وَأَظلَمُ العَصراتِ
فَالأَرضُ مِن بَعدَ النَّبِيِّ كَئيبَةً ** أَسَفاً عَلَيهِ كَثيرةُ الرَجفانِ
فَليَبكِهِ شَرقُ البِلادِ وَغَربُها ** وَليَبكِهِ مَضَرُ وَكُلُّ يَماني
وَليَبكِهِ الطَودُ المُعظِمِ جَوُّهُ ** وَالبَيتِ ذو الأَستارِ وَالأَركانِ
يا خاتِمَ الرُملِ المُبارَكِ ضَوؤُهُ ** صَلى عَلَيكَ مَنزِلِ الفُرقانِ رواية طاهر بن يحيى العلوى وابن الجوزى: وروى طاهر بن يحيى العلوى وابن الجوزى في الوفاء عن علي
لما دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت فاطمة فوقفت على قبره وأخذت قبضة
وقيل بل هو لعلى:
ما عَلَىَّ مِن شَمَّ تُربَةَ أَحمدٍ ** أَلّا يَشُمُ مَدى الزَمانِ غَوالِيا
صُبَّت عَلَيَّ مَصائِبٌ لَوأَنَّها ** صُبَّت عَلى الأَيّامِ عُدن لَيالِيا
ما تمثلت به من الشعر:
وروى أنها تمثلت بشعر فاطمة بنت الأحجم:
قَد كُنتَ لي جَبَلاً أَلوَذُ بِظِلِّهِ ** فَتَرَكتَني أَمشي لِأَجرَدَ ضاحي
قَد كُنتِ ذاتَ حَميَةٍ ما عِشتَ لي ** أَمشي البَرازَ وَكُنتَ أَنتَ جَناحي
فَاليَومَ أَخضَعُ لَلَّذليلِ وَأَتقى ** مِنهُ وَأَدفَعُ ظالِمي بِالراحِ
وَإِذا دَعَت قُمرِيَّةٌ شَجَناً لَها ** لَيلاً عَلى فَنَنٍ دَعَوتُ صِياحي
ما رواه الثعلبي: وروى الثعلبي بإسناده: أن الحسن والحسين مرضا فعادهما المصطفى في ناس فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت فنذر على وفاطمة: إن شفيا أن يصوما ثلاثا.
فشفيا ولا شيء عندهم فاقترض علي من يهودى آصعا فصنعت فاطمة طعاما وقدمته له عند فطره فوقف بالباب سائل فاستطعمهم فقال على:
أَما تَرينَ البائِسِ المِسكين ** قَد قامَ بِالبابِ لَهُ حين
يَشكو إَلى اللَهِ وَيَستَكين ** يَشكو إِلَينا جائِعُ حَزين
كُلُ اِمرِىء بِكَسبِهِ رَهين ** وَفاعِلُ الخَيراتِ يَستَعين
مَوعِدُهُ جَنَّةٌ عَلِيين ** حرَمَها اللَهُ عَلى الضَنين
وَلِلبَخيلِ مَوقِفٌ مَهين ** تَهوى بُهِ النار إِلى سِجّين فقالت فاطمة:
أَمرُكَ سَمعٌ يابنَ عَمِّ ** وَطاعَةٌ ما بيَ مِن لَومٍ وَلا وِضاعَة
عُذّيتُ بِاللُبِ وَبِالبَراعَة ** أُطعِمُهُ وَلا أُبالي الساعَة
أَرجوا إِذا أَنفَقتُ مِن مَجاعَة ** أَنَّ ألحَق الأَخيار وَالجَماعَة
* وأدخل الخلد ولى شفاعة * فأعطى الطعام ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا الماء فصنعت مثله فوقف بالباب يتيم فاستطعم فقال على رضي الله عنه:
يا فاطِمَة بِنتُ السَيّد الكَريم ** بِنتُ نَبِيِّ لَيسَ بِالزَنيم
يُساقُ في النارِ إِلى الجَحيم ** شَرابُهُ الصَديدُ وَالحَميم فقالت فاطمة:
إِنّي لأُعطيهُ وَلا أَبالي ** وَأَوثِرُ اللَهُ عَلى عِيالي
أَمسوا جِياعاً وَهُم أَشبالي ** أَصغَرُهما يَقتُل في القِتال
بَكرُبَلاءُ يَقتُل في اِغتِيال ** للقاتِل الوَيلُ مَع الوِبال
تَهوى بِهِ النار إِلى سَفال ** مُصَفَّد اليَدَينِ بِالأَغلالِ
* لِقَولِهِ زادَت عَلى الأَكيال *
فأعطى الطعام وأمسكوا يومين وليلتين لم يذوقوا شيئا إلا الماء القراح فوقف بالباب أسير فاستطعم فقال على:
فاطِمَة بِنتُ النَبِي أَحمَد ** بِنتُ نَبي سَيِّد مُسَوَّد
هذا أَسير للنَبي المُهتَدى ** مُكَبَّل في غُلِّهِ المِقيد
يَشكوا إِلَينا الجوعُ وَالتَشَدُّد ** مَن يُطعِمُ اليَومَ يَجِدُهُ في غَد
عِندَ العَلي الواحِد المُوَحَد ** ما يَزرَع الزارِع سَوفَ يُحصَد
فأجابته فاطمة قائلة:
لَم يَبقَ مِمّا جِئتُ غَير صاعٍ ** قَد دُمِيِّت كَفى مَع الذّراع
اِبناى وَاللَهُ مِنَ الجِياع ** أبوهُما بِمُحتَدِّهِ صناع
يَصنَعُ المَعروفُ بِاِبتِداع ** عَبل الذِراعينِ طَويلِ الباعِ
* وَما عَلى رَأسي مِن قِناعٍ * فأعطوه الطعام ومكثوا ثلاثا لا يذوقون الأكل وقد قضوا نذرهم أخذ على الحسين وأقبل لعلى المصطفى وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع فقال المصطفى
ما أشد ما يسوؤني مما أرى بكم انطلق بنا إلى ابنتي فاطمة).
فما رآها وقد لصق بطنها بظهرها وغارت عينها لشدة الجوع قال: واغوتاه!! يموت أهل بيت محمد جوعاً! فنزل قول الله تعالى
يوفون بالنذر) إلى قوله
إِنَّما نُطعِمُكُم لِوَجهِ اللَهِ).
وهذا حديث كذب موضوع.
فقد قال الحكيم الترمذي: هذا من الأحاديث التي تنكرها القلوب وهو حديث مسروق مفتعل لا يروج إلا على أحمق جاهل غبي.
وأورده ابن الجوزى في الموضوعات بزيادة على ذلك وقال: هذا لا يشك أحد في وضعه.
وممن جزم بوضعه الذهبي وزين الدين العراقي والحافظ بن حجر العسقلاني وغيرهم ممن كان يؤمن بالله واليوم الآخر لا يحل لهم نسبة ذلك للمصطفى ولا إلى فاطمة ولا إلى علي وحاشا بلاغتهم من هذه الألفاظ الركيكة والعبارات المنحطة الوضيعة والله سبحانه وتعالى أعلم.
تم بحمد الله.
فضائل السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها
قال الإمام محب الدين الطبري في "ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى "(1/42 فما بعدها) في فضائل السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها :"ذكر ما جاء في سيادتها وأفضليتها :
قد تقدم في الذكر قبله طرف من ذلك وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خط رسول الله e في الأرض أربعة خطوط وقال :تدرون ما هذا ، فقالوا :الله ورسوله أعلم ، فقال رسول الله e أفضل نساء أهل الجنة: خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمدe ،ومريم ابنة عمران ،وآسية ابنة مزاحم إمرأة فرعون ) خرجه أحمد وأبو حاتم .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله e أفضل نساء أهل الجنة : خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمدe، ومريم بنت عمران ،وآسية بنت مزاحم إمرأة فرعون ) .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله e : ( أفضل نساء أهل الجنة بعد مريم بنت عمران: فاطمة ،وخديجة ،وآسية بنت مزاحم إمرأة فرعون ) خرجهما أبو عمر .
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله e : ( فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من مريم ابنة عمران عليها السلام ) أخرجه الحافظ الدمشقي .
وعن أنس رضي الله عنه عن النبي e قال حسبك من نساء العالمين :مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ،وفاطمة بنت محمدe ،وآسية إمرأة فرعون ) خرجه أحمد والترمذي ."
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي e عاد فاطمة وهي مريضة فقال لها كيف تجدينك يا بنية . قالت : إني وجعة وإني ليزيدني أني ما لي طعام آكله .فقال:يا بنية أما ترضين أنك سيدة نساء العالمين . فقالت :يا أبت فأين مريم بنت عمران . قال : تلك سيدة نساء عالمها وأنت سيدة نساء عالمك أما والله لقد زوجتك سيدا في الدنيا والآخرة ) خرجه أبو عمر وخرجه الحافظ أبو القاسم الدمشقي في فضل فاطمة عن عمران مستوفي ولفظه : قال :"خرجت يوما فإذا أنا برسول الله e قائم فقال لي: يا عمران إن فاطمة مريضة فهل لك أن تعودها ،قال : قلت :فداك أبي وأمي وأي شرف أشرف من هذا ، قال :فانطلق رسول الله e وانطلقت معه حتى أتى الباب فقال : السلام عليكم أدخل ؟ قالت :وعليكم السلام أدخل .فقال e :أنا ومن معي . قالت : والذي بعثك بالحق نبيا ما علي إلا هذه العباءة ، قال : ومع رسول الله e ملاءة خلقة فرمى بها إليها فقال :شدي بها رأسك ففعلت ثم قالت:أدخل ،فدخل ودخلت معه فقعد عند رأسها وقعدت قريبا منه فقال : أي بنية كيف تجدينك ؟ قالت :والله يا رسول الله إني لوجعة وأنه ليزيدني وجعا إلى وجعي أني ليس عندي ما آكل ، قال :فبكى رسول الله e وبكت وبكيت معهما فقال لها : أي بنية تصبري مرتين أو ثلاثا ،ثم قال لها :أي بنية أما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين .قالت : يا ليتها ماتت وأين مريم بنت عمران ؟ قال لها : أي بنية تلك سيدة نساء عالمها ،وأنت سيدة نساء عالمك ،والذي بعثني بالحق لقد زوجتك سيدا في الدنيا والآخرة لا يبغضه إلا منافق".
عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي e قال أربع نسوة سيدات سادات عالمهن :مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم ،وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد e ،وأفضلهن عالما :فاطمة ) خرجه الحافظ الثقفي الأصبهاني .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله e قال خير نساء العالمين أربع : مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ،وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد e )خرجه أبو عمر ."
" ذكر إثبات فضلها بأبيها وأقاربها أصلا وفرعا "
عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله e لفاطمة رضي الله عنها نبينا خير الأنبياء وهو أبوك ، وشهيدنا خير الشهداء وهو عم أبيك حمزة ، ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث شاء وهو ابن عم أبيك جعفر ، ومنا سبط هذه الأمة الحسن والحسين وهما ابناك ، ومنا المهدي ) خرجه الطبراني في معجمه ".
"ذكر ما جاء أنها أصدق الناس لهجة :
عن عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين قالت ما رأيت أحدا كان أصدق لهجة من فاطمة إلا أن يكون الذي ولدها e )أخرجه أبو عمر .
ذكر طهارتها من حيض الآدميات :
تقدم في أول باب ذكر تسميتها فاطمة طرف من ذلك ، وعن أسماء قالت : قبلت أي ولدت فاطمة بالحسن فلم أر لها دما ، فقلت : يا رسول الله إني لم أر لها دما في حيض ولا في نفاس ،فقال e أما علمت أن ابنتي طاهرة مطهرة لا يرى لها دم في طمث ولا ولادة ) خرجه الإمام علي بن موسى الرضا .
ذكر أنه ولي ولادتها أربع :حواء، ومريم ،وآسية ،وكلثم :
روى الملا في سيرته أن النبي e قال أتاني جبريل بتفاحة من الجنة فأكلتها وواقعت خديجة فحملت بفاطمة ، فقالت : إني حملت حملا خفيفا فإذا خرجت حدثني الذي في بطني ، فلما أرادت أن تضع بعثت إلى نساء قريش ليأتينها فيلين منها ما يلي النساء ممن تلد فلم يفعلن وقلن :لا نأتيك وقد صرت زوجة محمد e ،فبينما هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة عليهن من الجمال والنور مالا يوصف فقالت لها إحداهن :أنا أمك حواء ،وقالت الأخرى :أنا آسية بنت مزاحم ،وقالت الأخرى :أنا كلثم أخت موسى ،وقالت الأخرى :أنا مريم بنت عمران أم عيسى جئنا لنلي من أمرك ما يلي النساء .قالت :فولدت فاطمة فوقعت حين وقعت على الأرض ساجدة رافعة أصبعها)".
"ذكر ما ظهر لها من الكرامة على الله عز وجل وأنها أعزالناس عليه e ومغفرة الله لها وإجرائها في مجرى مريم بنت عمران :
عن أبي سعيد رضي الله عنها قال : قال علي عليه السلام ذات يوم فقال :يا فاطمة هل عندك من شئ تغدينه ،قالت : لا والذي أكرم أبي بالنبوة ما أصبح عندي شئ أغديكه ولا أكلنا بعدك شيئا ولا كان لنا شئ بعدك منذ يومين الا شئ أؤثرك به على بطني وعلى ابني هذين .قال :يا فاطمة ألا أعلمتني حتى أبغيكم شيئا .قالت :إني أستحي من الله أن أكلفك مالا تقدر عليه ، فخرج من عندها واثقا بالله حسن الظن به فاستقرض دينارا ، فبينا الدينار في يده أراد أن يبتاع لهم ما يصلح لهم إذ عرض له المقداد في يوم شديد الحر قد لوحته الشمس من فوقه وآذته من تحته فلما رآه أنكره فقال : يا مقداد ما أزعجك من رحلك هذه الساعة ؟ قال : يا أبا حسن خل سبيلي ولا تسألني عما ورائي ، وقال : يا ابن أخي إنه لا يحل لك أن تكتمني حالك .قال : أما إذا أبيت فو الذي أكرم محمدا بالنبوة ما أزعجني من رحلي إلا الجهد ولقد تركت أهلي يبكون جوعا فلما سمعت بكاء العيال لم تحملني الأرض فخرجت مغموما راكبا رأسي فهذه حالتي وقصتي فهملت عينا علي بالبكاء حتى بلت دموعه لحيته ثم قال :أحلف بالذي حلفت به ما أزعجني غير الذي أزعجك ولقد إقترضت دينارا فهاك وأؤثرك به على نفسي فدفع له الدينار ورجع حتى دخل على النبي e فصلى الظهر والعصر والمغرب فلما قضى النبي e صلاة المغرب مر بعلي في الصف الأول فغمزه برجله فسار خلف النبي e حتى لحقه عند باب المسجد ثم قال : يا أبا الحسن هل عندك شيء تعشينا به فأطرق علي لا يحر جوابا حياء من النبي e قد عرف الحال الذي خرج عليها فقال له النبي e : إما أن تقول لا فننصرف عنك أو نعم فننصرف معك، فقال له :حبا وتكريما إذهب بنا وكأن الله سبحانه وتعالى قد أوحى إلى نبيه e أن تعش عندهم فأخذ النبي e بيده فانطلقا حتى دخلا على فاطمة عليها السلام في مصلاها وخلفها جفنة تفور دخانا فلما سمعت كلام النبي e خرجت من المصلى فسلمت عليه وكانت أعز الناس عليه فرد عليها السلام ومسح بيده على رأسها ، وقال :كيف أمسيت عشينا غفر الله لك وقد فعل فأخذت الجفنة فوضعتها بين يديه فلما نظر علي ذلك وشم ريحه رمى فاطمة ببصره رميا شحيحا فقالت : ما أشح نظرك وأشده سبحان الله هل أذنبت فيما بيني وبينك ما استوجب به السخطة .قال :وأي ذنب أعظم من ذنب أصبتيه اليوم أليس عهدي بك اليوم وأنت تحلفين بالله مجتهدة ما طعمت طعاما يومين فنظرت إلى السماء فقالت :إلهي يعلم ما في سمائه ويعلم ما في أرضه إني لم أقل إلا حقا .قال :فأنى لك هذا الذي لم أر مثله ولم أشم مثل رائحته ولم آكل أطيب منه فوضع النبي e كفه المباركة بين كتفي علي ثم هزها وقال :يا علي هذا ثواب الدنيار وهذا جزاء الدينار وهذا من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ثم استعبر النبي e باكيا وقال :الحمد لله كما لم يخرجكما من الدنيا حتى يجريك في المجرى الذي أجرى فيه زكريا ويجريك يا فاطمة في المجرى الذي أجرى فيه مريم كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا ."خرجه الحافظ الدمشقي في الأربعين الطوال .
شرح قوله في أول الحديث قال عليه السلام ذات يوم فقال يا فاطمة ) هو من القيلولة .ولوحته الشمس إذا غيرت لونه وكذلك ألاحته . ولم يحر أي :يرجع والحور الرجوع ومنه ( إنه ظن أن لن يحور ) . والنظر الشحيح :هو الذي لا يملأ العين منه ـوالله أعلم ـمن الشح البخل وهو نظر الغضب .واستعبر :من العبرة وهي تحلب الدمع تقول :عبرت عينه واستعبرت أي دمعت ."
قال الشاعر محمد إقبال يمتدح سيدتنا فاطمة بنت سيدنا رسول صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها وعن زوجها وأبنائها :
نسـبُ المسيـحِ بَنى لمـريـمَ سيـرةً
بقيـت على طـول المـدى ذكراها
والمجـد يشـرق مـن ثـلاث مطالـع
فـي مهـد فاطمـة فمـا أعـلاها
هي بنت من؟ هي زوج من؟ هي أم من؟
من ذا يدانـي في الفخـار أبـاها
هي ومضـة من نور عيـن المصطفى
هادي الشعـوب إذ تــروم هداها
هـو رحـمـة للعـالميـن، وكعـبـة
الآمـال فـي الدنيـا وأخـراهــا
من أيقـظ الفِـطَـرَ النيـام بروحــه
وكـأ نـه بعـد البِلـى أحيـاهــا
وأعـاد تـاريـخ الحـيـاة جـديـدة
مثل العرائـس في جـديد حــلاها
سيدة نساء أهل الجنة
سعدت السيدة خديجة بنت خويلد بمولد ابنتها فاطمة وكانت فرحة أبيها غامرة فهى أصغر بناته وأشبه الناس به . وكلما مرت الأيام ازداد تعلق الأبوين بها ، حتى غدت طفلة يانعة . جميلة الملامح والشكل ، تلقى عطفاً وحناناً من أبوابها ، وتنعم بتدليل أخواتها الثلاث ، زينب الكبرى ورقية وأم كلثوم وشاء الله أن يموت إخواها القاسم وعبد الله وهما فى مهد الصبا ، فأصبحت فاطمة ريحانة البيت الكريم وزهرته اليانعة ، وتفتحت عيناها على أبيها وهو موضع إجلال من أهل مكة جميعاً ، لكرم خلقه ، وصدق حديثه ، وشدة أمانته وسرعة نجدته واعتزازه بنفسه .
افتقدت فاطمة أباها أياماً ، وكانت شديدة التعلق به ، فسألت أمها خديجة عنه :
لقد مرت عدة أيام دون أن أرى أبى . فأين ذهب؟ هل غادر مكة ؟
إن لم يغادر مكة ، لكنه معتكف فى غار حراء يخلو بنفسه ، ويعبد الله فى صفاء ، وأنا أذهب إليه بين فترة وأخرى بالزاد والطعام ، وأطمئن عليه .
خذينى معك وأنت ذاهبة إليه .
لا .. أنت صغيرة والطريق إلى أبيك شاقة وعرة .
وكم يمكث هناك فى الغار البعيد ؟
لقد تعود أن يظل هناك شهراً من كل عام للخلوة والعبادة .
وظلت فاطمة تنتظر بصبر أن تنقضى تلك الأيام التى حرمتها من رؤية أبيها الحبيب ، ولم تكف عن السؤال عنه ، حتى فوجئت بأن أباها يدخل على أمها وهو فزع مروع ، يرجف فؤاده وهو يقول لها : زملونى . زملونى ، فقامت خديجة فغطته ولفتة بالثياب حتى هدأت نفسه وذهب عنها الخوف ، وأخبرها بما حدث له فى الغار ، حيث نزل عليه الوحى من السماء ، وقرأ عليه قوله تعالى : {اقرأ باسم ربك الذى خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ وربك الأكرم الذى علم بالقلم على الإنسان ما لم يعلم}.
كانت فاطمة فى الخامسة من عمرها حين نزل الوحى على أبيها صلى الله عليه وسلك ذكية العقل سريعة البديهة ، تعقل بعضاً مما يدور حولها ، فقد تغيرت الحياة فى بيتها ، ورأت أباها وهو يبدأ أول مراحل دعوته. وكان أهل بيته هم أول من آمن به وصدق برسالته . أسلمت أمها خديجة وآمنت برسالة أبيها ، وكانت أول من دخل فى الإسلام من الرجال والنساء وأسلم ابن عمر أبيها على بن أبى طالب وكان صبياً لم يتجاوز العاشرة من عمره ، ويعيش معهم فى بيتهم الكريم ، وأسلمت أخواتها البنات.
وشيئاً فشيئاً بدأ بيت أبيها يستقبل الداخلين فى الإسلام . كانوا أفرادا قليلة ، على رأسهم أبو بكر الصديق أول من آمن من الرجال ، وعثمان ابن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن وقاص وطلحة بن عبيد الله وأدركت فاطمة أن أباها قد صار نبياً ، أرسله الله لهداية الناس ، وأنزل عليه قرآنا يتلى . وكلما تقدمت بها الأيام زاد إدراكها وفهمها لما حولها . فقد تضاعف عدد المسلمين والمسلمات ، وصار يجتمعون فى دار الأرقم بن أبى الأرقم يعبدون الله سراً ، ويعلمهم النبى صلى الله عليه وسلم الإسلام ويربيهم على أخلاق القرآن .
ومرت ثلاث سنوات على ذلك الحادث الجليل الذى لا تزال تتذكره جيداً . وأبوها صلى الله عليه وسلم يدعوا الناس سراً حتى فشا الإسلام بمكة وتحدث الناس به ، ثم أمره الله تعالى بالجهر بالدعوة فامتثل النبى صلى الله عليه وسلم ودعا قريشا فاجتمعوا ، وقال لهم : (( يا معشر قريش . اشتروا أنفسكم ، لا أغنى عنكم من الله شيئاً .. يا بنى عبد مناف , لا أغنى عنكم من الله شيئا .. يا عباس بن عبد المطلب ، لا أغنى عنك من الله شيئا .. ويا صفية عمة رسول الله لا أغنى عنك من الله شيئا .. ويا فاطمة بنت محمد سلينى ما شئت من مالى ، لآ أغنى عنك من الله شيئاً )).
كانت فاطمة فى الثامنة من عمرها حين اختصها النبى صلى الله عليه وسلم دون اخواتها بهذا النداء الكريم .. وكأنها حين سمعت أباها يناديها قالت : لبيك يا أحب والد وأكرم داع.
وعايشت فاطمة أباها فى دعوته ودأبه فى تبليغ رسالة الإسلام .. كان يلقى عنتاً وإيذاء من أهل مكة فإذا جاء إلى البيت تلقفته زوجته خديجة فشدت من أزره ، وبشت فى وجهه وقوت من عزيمته على ماصلة الدعوة .. كان ذلك يبعث فى فاطمة روحاً جديدة من التحدى .. على الصبر والمقاومة .. على تحمل الإيذاء .. أب تعرض للمحن والشدائد بسبب الدعوة .. وأم تعينه على مواصلة الطريق مهما كانت العقبات .. كانت هذه المواقف الخالدة زاد فاطمة فى التربية فى بيت النبوة . فتحملت وجاهدت فى سبيل الدعوة وهى لا تزال على أبواب الصبا .
ولما رأت قريش أن الإسلام يكسب أرضا جديدة كل يوم ويكثر أنصاره عزمت على التخلص من النبى صلى الله عليه وسلم وبلغ أبو طالب هذا الأمر فجمع بنى هاشم وبنى عبد المطلب وأمرهم بأن يحموا النبى صلى الله عليه وسلم من القتل فأجابوه لذلك حتى الكفار منهم حمية للرحم والقرابة ، وأدخلوا النبى صلى الله عليه وسلم فى شعبهم ومنعوه ممن أرادوا قتله .. فلما علمت قريش بما صنعه أبو طالب اجتمعوا وكتبوا فيما بينهم وثيقة ظالمة تعهدوا فيها ألا يتعاملوا مع بنى هاشم فى بيه أو شراء أو زواج حتى يسلموا إليهم النبى صلى الله عليه وسلم ليقتلوه ، وعلقوا الوثيقة فى جوف الكعبة .
ودام هذا الحصار اللعين ثلاث سنوات ، عانى فيه النبى صلى الله عليه وسلم وزوجته وبناته معاناة شديدة ، وكان لا يصل إلى المحاصرين فى الشعب من الطعام إلا شئ يسير يقيم حياتهم ، وبعيدا عن عيون المشركين .. كانت محنة قاسية تحملها بيت النبوة صلى الله عليه وسلم فى صبر جميل من دون ضجر أو تأفف. ففى سبيل الله يهون كل شئ .. وستعذب كل شئ ولو كان مرا .
كبرت فاطمة وكبر معها إيمانها ، وصهرتها المحن والشدائد التى كان يلقاها أبوها محمد صلى الله عليه وسلم ... ولم يكد ينتهى الحصار الظالم الذى فرضه المشركون على بنى هاشم حتى توفى أبو طالب عم النبى صلى الله عليه وسلم وكان نعم العون والنصير ، فحزن النبى صلى الله عليه وسلم عليه حزناً شديداً .. وبعد أشهر قليلة من وفاة أبى طالب توفيت زوجته خديجة بنت خويلد .. وكانت وفاتها زلزالاً شديداً أصاب بيت النبى ، وكسى أرجاؤه بالحزن على المصاب الفاجع .. فقد النبى صلى الله عليه وسلم بها الأنيس والنصير ، والعقل والحكمة .. والعطف والمودة ، والثبات والصبر ، وفقد بناتها الحنان الدافق ، والأمومة الراعية ، وكانت فجيعة فاطمة فيها طاغية .. فقد افتقدتها وهى لا تزال شابة صغيرة لم تتجاوز الخامسة عشر من عمرها ، وهى أحوج ما تكون إليها .
وحاولت الشابة الصغيرة أن تحل محل أمها ، فتعهدت أباها بالرعاية والاهتمام ، ووقفت إلى جواره كما كانت تفعل أمها من قبل .. جاءها أن عقبة بن أبى معيط سفيه مكة ألقى على أبيها وهو ساجد فى ساحة الكعبة سل جزور وهو ما يخرج من ولد الناقة كالمشيمة لود المرأة به قذر ودماء فتضاحك المشركون من هذا الفعل الأحمق ، ومال بعضهم على بعض من كثرة الضحك ، فأسرعت فاطمة إلى أبيها الذى ظل ساجداً فى صلاته لم يتحرك فأخذت ما على ظهره من القاذورات ، ثم أقبلت على رؤوس المشركين فسبتهم ووبختهم فى شج