أمدائح لي فيكَ أم تسبيحُ
لولاك ما غفرَ الذنوبَ مديحُ
حُدِّثْتُ أنَّ مَدَائِحي في المُصطفَى
كَفَّارة ٌ لِيَ وَالحَدِيثُ صَحِيحُ
أربحْ بمن أهدي إليه ثناؤه
إن الكريم لرابحٌ مربوحُ
يا نَفْسُ دُونَكِ مَدْح أحْمدَ إِنَّهُ
مسكٌ تمسكَ ريحه والروحُ
ونصيبكِ الأوفى من الذكرِ الذي
منه العَبيرُ لِسامِعِيهِ يَفوح
عَجَباً لهُمْ يُنْكِرُونَ نُبُوَّة
ً كرماً بكلِّ فضيلة ٍ ممنوحُ
الله فضلهُ ورجَّحَ قدرهُ
فَلْيَهْنِهِ التَّفضيلُ وَالتَّرْجِيح
إن جاء بعد المرسلينَ ففضلهُ
من بعده جاء المسيح ونوحُ
جاءوا بوحيهم وجاء بوحيه
فكأَنه بين الكواكِبِ يُوح
حارَتْ عقولُ الناسِ في أوْصافِه
وَتَبَلّدَتْ وَلها بها تَنْقِيحُ
أنَّى يُكَيِّفُها امرؤٌ وَيَحُدُّها
بالقولِ وهْيَ لِذَا الوُجُودِ الرُّوح
رَدتْ شهادَتَه أُناسٌ ما لهمْ
طَعْنٌ عليه بها ولا تَجْرِيحُ
ولقد أتى بالبيناتِ صحيحة
لو أن ناظر من عصاه صحيحُ
عَرَفوهُ مَعْرِفَة َ اليَقِينِ وأنْكَرُوا
إن الشقيَّ إلى الشقاء جموحُ
فأَبادَ مَنْ أَبْدى مُخَالَفَة لهُ
لَمْ يُعْرَفِ التَّحْسِينُ وَالتَّقْبِيح
وجلا ظلامَ الظلمِ لما أومضتْ
وَمَضَتْ لديْه صحائفٌ وَصَفِيح
شيئانِ لا يَنْفِي الضَّلالَ سِواهُما
نورٌ مفاضٌ أو دمٌ مسفوحُ
عجباً لهم لم ينكرون نبوَّة
ثَبَتَتْ وَلم يُنْفَخْ بآدَمَ رُوح
مالي اشتغلتُ بزجرهمْ فكأنني
بين الطوائفِ طارقٌ منبوحُ
لاتتعبنَّ بذكرهم قلباً غدا
ولهُ بِذِكْرِ مُحَمَّدٍ تَرْوِيحُ
وانشرْ أحاديثَ النبيِّ فكلُّ ما
ترويهِ من خبرِ الحبيبِ مليحُ
واذكر مناقبهُ التي ألفاظه
ا ضاقَ الفضاءُ بذكرها وَاللُّوح
أعجبتَ أن غدت الغمامة ُ آية
ً يُوحُوا إليهم ما عسَى أَنْ يُوحوا
أو أن أتت سرحٌ إليه مطيعة ٌ
فكأنما أتتِ الرياضَ سروحُ
ولِمَنْبَعِ المَاءِ المَعِينِ براحَة
ٍ راح الحصى وله بها تسبيحُ
أوْ أن يَحِنَّ إليه جِذْعٌ يابِسٌ
شَوْقا وَيَشْكُو بَثَّهُ وَيَنُوح
حتى دَنا منه النبيُّ وَمَنْ دَنا
منه نأى عن قلبه التبريحُ
وَبأَنْ يُكَلِّمَهُ الذِّرَاعُ وكيفَ لا
يُفْضِي إِليه بِسِرِّهِ وَيَبوح
وَبِأَنْ يَرَى الأَعْمَى وَتَنْقَلِبَ العَصا
سيفاً ويحيا الميتُ وهو طريحُ
وَبأَنْ يُغاثَ الناسُ فيه وقد شكَوْا
محلاً لوجه الأرضِ منهُ كُلُوحُ
وَبأنْ يَفِيضَ لهُ وَيَعْذُبَ مَنْهَلٌ
قد كانَ مُرًّا ماؤُه المَنْزُوحُ
يابردَ أكبادٍ أصابَ عطاشها
ماءٌ بِرِيقِ مُحَمَّدٍ مَجْدُوحُ
صَلّى عليه الله إنَّ صَلاَتَهُ
غَيْثٌ لِعِلاَّتِ الذُّنوبِ مُزِيحُ
أسرَى الإِله بِجِسْمِهِ فكأَنَّه
بَطلٌ على مَتن البُرَاق مُشِيحُ
وَدَنَا فلا يَدُ آمِلٍ مُمْتَدَّة
ٌ طَمَعاً وَلا طَرْفٌ إِليهِ طَموحُ
حتى إذا أوْحَى إليه الله ما
أوحى وحان إلى الرجوع جنوحُ
عاد البُراقُ به وثوبُ أديمهِ
ليلاً بماء حيائه منضوحُ
فَذَرُوا شَياطِينَ الأُلى كَفَرُوا به
يوموا إليهم ما عسى أن يوحوا
تالله ماالشبهات من أقوالهم
إلا كما يتحركُ المذبوح
كم بين جسمٍ عدَّلَتْ حركاتِه
روحٌ وعودٍ ميَّلته الريحُ
وَلاَ النَّبيُّ مُحَمَّدٌ وَعُلُومُه
عَقَدَ الإلهُ به الأُمورَ فَلمْ يَكُنْ
لسِواهُ إمْساكٌ وَلا تَسريحُ
ضلَّ الذينَ تألهوا أحبارهم
ليَحَرَّموا ويحللُوا ويبيحوا
يا أُمَّة َ المُخْتَارِ قد عُوفِيتُمُ
مما ابْتُلُوا وَالمُبْتَلَى مَفضوح
فاسْتَبْشِرُوا بِشِرا الإِله وَبَيْعِكُمْ
منه فميزانُ الوفاء رجيحُ
وَتَعوَّضوا ثَمَنَ النُّفوسِ مِنَ الهُدَى
فمِنَ الهُدَى ثَمَنُ النُّفُوسِ رَبِيحُ
يامن خزائنُ جُودهِ مملوءة ٌ
كَرَماً وبابُ عطائِه مَفْتُوحُ
نَدْعُوكَ عَنْ فَقْرٍ إِليكَ وحاجَة
ٍ ومجالُ فضلكِ للعفاة ِ فسيحُ
فاصفح عن العبدِ المسيءِ تكرماً
إن الكريمَ عن المسيءِ صفوحُ
وَاقبلْ رسولَ الله عُذْرَ مُقَصِّرٍ
هُوَ إنْ قَبِلْتَ بِمَدْحِكَ المَمْدُوحُ
في كلِّ وَادٍ مِنْ صِفاتِكَ هائمٌ
وَبِكلِّ بَحْرٍ مِنْ نَدَاكَ سَبُوح
يَرْتاحُ إنْ ذُكِرَ الْحِمى وعَقِيقه
وأراكُه وثُمامُه والشِّيح
شوقاً إلى حرمٍ بطيبة َ آمنٍ
طابَتْ بذلكَ رَوْضَة ٌ وضرِيحُ
إِني لأرْجُو أنْ تَقَرَّ بِقُرْبِه
عيني ويؤسي قلبي المجروح
فاكحل بطيفٍ منه طرفاً جفنُه
بدموعهِ حتى يراهُ قريحُ
فلقد حباني الله فيك محبة
ً قلبي بها إلا عليك شحيحُ
دَامَتْ عَلَيْك صلاتُه وسلامُه
يَتْلُو غَبُوقَهُمَا لَدَيْك صَبُوحُ
ما افْتَرَّ ثغْرٌ للأزاهِرِ أَشْنَبُ
وانْهَلَّ دَمْعٌ للسَّحَابِ سَفُوحُ
جَنابكِ منه تُسْتَفَادُ الفَوائدُ
ولِلناسِ بالإحسَانِ منكِ عوائدُ
فَطُوبَى لِمَن يَسْعَى لِمَشْهَدِكِ الذي
تكَادُ إلى مَغْنَاهُ تَسْعَى المَشَاهِدُ
إِذَا يَمَّمَتْهُ القاصِدُونَ تَيَسَّرَتْ
عليهمْ وإنْ لم يسألوكِ المقَاصدُ
تَحَقَّقَتِ البُشْرَى لِمَن هُوَ رَاكِع
يُرَجِّي به فضلاً وَمَنْ هُوَ ساجِدُ
فعفَّرَتِ الشبانُ والشيبُ أوجها
ً بهِ والعَذارَى حُسَّرٌ والقَواعِدُ
هُوَ المَنْهَلُ العَذْبُ الكَثِيرُ زِحَامُهُ
فرِدْهُ فما من دون وردكَ ذائدُ
أتيتُ إليه والرجاءُ مُحلأٌ
فما عدتُ إلاَّ والمحلاَّ واردُ
فيالك من يأس بلغتُ به المنى
وعُسْرٍ لأَقْفَالِ اليَسارِ مَقالِدُ
ألذُّ من الماءِ الزلالِ مواقعاً
عَلَى كَبِدِ الظَّمْآنِ وَالماءُ باردُ
سَلِيلَة َ خَيْرِ العالِمَينَ «نَفيسَة
ٌ» سَمَتْ بِكِ أعراقٌ وطابَتْ مَحاتِد
إذا جحدتْ شمس النهارِ ضياءها
فَفَضْلُكِ لم يَجْحَدُهُ في الناسِ جاحِدُ
بآبائِكِ الأطهارِ زُيِّنَتِ العُلاَ
فحبَّاتُ عقدِ المجدِ منهم فرائدُ
ورثتِ صفاتِ المصطفى وعلومهُ
فَفضْلُكُمَا لولاَ النُّبُوَّة ُ وَاحِدُ
فلم ينبسط إلا بعلمك عالم
وَلمْ يَنْقَبِضْ إِلاَّ بِزُهْدِكِ زاهِدُ
مَعارِفُ ما يَنْفَكُّ يفضى بِسِرِّها
إلى ماجدٍ من آل أحمدَ ماجدُ
يُضيُ محياهُ كأنَّ ثناءه
إلى الصُّبْحِ سارٍ أوْ إِلى النَّجْم صاعدُ
إذا ما مضى منهم إمامُ هدى ً أتى
إمامُ هدى ً يدعو إلى الله راشدُ
تَبَلَّجَ مِنْ نورِ النُّبُوَّة ِ وَجْهُهُ
فمنه عليه للعُيُونِ شوَاهِدُ
وفاضَتْ بِحَارُ العِلْم مِنْ قَطْرِ سُحْبِها
عليه فطابَتْ لِلْوِرادِ المَوارِدُ
رأى زينة الدنيا غروراً فعافها
فليس له إلا على الفضل حاسدُ
كأنَّ المعالي الآهلات بِغيْرِهِ
ربوعٌ خلتْ من أهلها ومعاهدُ
إِذَا ذُكِرَت أَعمالُه وَعُلومُه
أقرَّ لها زيدٌ وبكرٌ وخالدُ
وما يستوي في الفضلِ حالٍ وعاطلٌ
وَلا قاعِدٌ يومَ الوغَى وَمجاهِدُ
فقل لبني الزهراء والقول قربة ٌ يَكِلُّ لسانٌ فيهِمُ أوْ حصائدُ
أحَبَّكُمُ قلبي فأصبحَ مَنْطِقِي
يُجَادِلُ عنكم حِسْبَة ً ويُجالدُ
وَهل حُبُّكُمْ لِلنَّاسِ إلاَّ عَقِيدة
ٌ عَلَى أُسِّهَا في الله تُبْنَى القَواعِدُ
وإِنَّ اعتقاداً خالياً منْ مَحَبَّة
ٍ وودٍ لكم آل النبي لفاسدُ
وإِني لأَرْجُو أن سَيُلْحِقُنِي بِكُمْ
وَلائي فيَدْنُو المَطْلَبُ المُتَبَاعِدُ
فإِنَّ سَرَاة َ القَوْمِ منهم عَبيدُهمْ
وإن حروف النطق منها الزوائد
فدتكم أناس نازعوكم سيادة
ً فلم أدْرِ ساداتٌ هُمُ أَمْ أسَاوِدُ
أرادوا بكم كيداً فكادوا نفوسهم
بكم وعَلَى الأَشْقَى تَعودُ المكايِدُ
فإنْ حِيزَتِ الدُّنيا إِليهم فإنَّ مَنْ
نَفَى زَيْفَهَا سَلْماً إِليهم لناقِدُ
ولو أَنكم أبناؤُها ما أبَتْكُمْ
وَما كانَ مَوْلُودٌ لِيَأْباهُ وَالِدُ
إذَا ما تَذَكَّرْتُ القضايا التي جرتْ
أُقِضَّتْ عَلى جَنْبَيَّ منها المَراقِدُ
وجَدَّدَتِ الذِّكْرَى عَلَّي بَلاَبِلاً
أكابد منها في الدجى ما أكابدُ
أفي مثلِ ذاك الخطب ما سُلَّ مغمدٌ
ولا قامَ في نَصْرِ القَرابَة ِ قاعَدُ
تعاظمَ رزءاً فالعيون شواخصٌ
له دهشة ً والثاكلات سوامدُ
وطُفِّفَ يومَ الطَّفِّ كَيْلُ دِمائكم
إذ الدم جار فيه والدمع جامدُ
فيا فِتْنَة ً بَعدَ النبيِّ بها غَدَا
يهدََّم إيمانٌ وتبنى مساجدُ
وما فتنتْ بعد ابن عمران قومهُ
بما عبدوا إلا ليهلكَ عابد
كذاكَ أَرادَ الله منكُمْ ومِنهمُ
وليس له فيما يريدُ معاندُ
ولو لم يكن في ذاك محض سعادة
ٍ لكم دونهم لم يغمدِ السيفَ غامدُ
وأنتم أناسٌ أذهبَ الرجسُ عنهمُ
فليسَ لهم خَطْبٌ وإِنْ جَلَّ جاهِدُ
إِذا ما رَضُوا الله أوْ غَضِبُوا لهُ
تساوى الأداني عندهم والأباعدُ
وسيَّانِ من جمرِ العدا متوقدٌ
عَلَى بَهْرَمَانِ الصِّدْقِ منكم وخَامِدُ
وقدت عليكم بالمديحِ وكلكم
عليه كتابُ الله بالمَدْحِ وَافِدُ
وقد بينت لي هل أتى كم أتى بها
مكارمُ أخْلاَق لكم وَمَحَامِدُ
فلَوْلا تَغاضِيكم لنا في مديحِكم
لَرُدَّتْ علينا بالعيوبِ القصائدُ
وَلَمْ أَرْتَزِقْ مِنْ غيركم بِتِجَارَة
ٍ بضائعها عند الأنام كواسدُ
عمدتُ لقومٍ منهم فكأنني
عَلَى عَمَدٍ لا يرْجِعُ القَوْلَ عَامِدُ
أَأَطْلُبُ مِنْ قَوْمٍ سِواكُمْ مُساعِداً
وقد صَدَّهم حِرْمانُهُم أنْ يُساعِدُوا
ومن وجدالزند الذي هو ثاقبٌ
فلنْ يَقْدَحَ الزَّنْدَ الذي هوَ صالِدُ
وحسبي إذا مدح ابنه الحسن التي
لها كرمٌ: مجدٌ طريفٌ وتالدٌ
وإني لمهد من ثنائي قلائداً
إِليها حلاَلٌ هَدْيُها والقلائدُ
هي العروة الوثقى عي الرتبُ العلا
هي الغاية القصوى لمن هو قاصدُ
كأني إذا أَنشدْتُ في الناسِ مَدْحَها
لما ضلَّ من ذكر المكارمِ ناشدُ
أَسَيِّدَتي ها قد رَجَوْتُكِ مُعْلِناً
بما أنا مندر المناقبِ ناضدُ
وأعينُ آمالي إليكِ نواظرٌ
لما أنا من عادات فضلك عائدُ
وما أجدبتْ قومٌ أتى من لدنهمُ
لمرعى الأماني من جنابكِ رائدُ
ولولا ندى كفيكِ مااخضر يابسٌ
ولا اهتز من أرض المكارمِ هامدُ
إِلَى الله أَشْكُو يابنَة َ الحَسَنِ الذي
لَقِيتُ وَإِني إنْ شكَوْتُ لَحامدُ
وَمَالِي لا أَشْكُو لآلِ مُحمَّدٍ
خطوباً بها ضاقت عليَّ المراصدُ
ومَنْ لصُرُوفِ الدَّهْرِ عَنِّيَ صارفٌ
ومن لهموم القلب عني طاردُ
تسلط شيطانٌ من النفسِ غالبٌ
عَلَيَّ وَشَيْطانٌ مِنَ البُؤْسِ مارِدُ
فيا وَيْحَ قَلْبٍ ما تَزَالُ سماؤُهُ
بهالِشَيَاطِينِ الخُطوبِ مَقاعِدُ
فيا سامعَ الشَّكْوَى وَيَا كاشفَ البَلا
إِذَا نَزَلَتْ في العالَمِينَ الشَّدَائدُ
ويامن هدى الطفل الرضيع ولم تؤب
إِليهِ قُوَى عَقْلٍ وَلا اشْتَدَّ ساعدُ
ويامن سقى الوحش الظماء وقد حمت
مَوَارِدَهَا مِنْ أَنْ تُنالَ المَصَايدُ
ويامن يُزجى الفلك في البحر لطفه
وهنَّ جِوَارٍ بَلْ وَهُنَّ رَوَاكِدُ
ويامن هو السبعَ الطوابقَ رافعُ
ومن هو للأرضِ البسيطة ِ ماهدُ
ويا مَنْ تُنَادينا خَزَائِنُ فضلِهِ إلى رفدهِ إن أمسك الفضلَ رافدُ
فلا البَابُ من تِلْكَ الخزائن مُغْلَقٌ
ولاخيرَ من تلك الخزائنِ نافدُ
دعوناكَ من فقرٍ إليك وحاجة
ٍ وَكلٌّ بما يَلْقَاهُ لِلصَّبْرِ فاقِدُ
وأفضت بمافيها إليك ضمائرٌ
وأنتَ على مافي الضمائرِ شاهدُ
دعوناكَمضطرينَ ياربِّ فاستجب
فإِنكَ لم تُخْلَفْ لَدَيْكَ المواعِدُ
فليس لنا غوثٌ سواكَ وملجأٌ
نُراجِعُهُ في كَرْبِنَا وَنُعاوِدُ
فقدر لنا الخيرَ الذي أنت أهلهُ
فما أحدٌ عما تُقَدِّرُ حائدُ
وَصفْحاً عنِ الذَّنبِ الذي هوَ سائقٌ
لِناركَ إِلاَّ إنْ عَفَوْتَ وَقائد
وَصِلْ حَبْلَنَا بالمصطفى إنَّ حَبْلَهُ
لنا صِلَة ٌ يَا رَبِّ منكَ وعَائدُ
عليه صلاة ُ الله ما أُحْمِدَ السُّرَى
إليه وذلت للمطي فدافدُ
إلهي عَلَى كلِّ الأمورِ لَكَ الحمْدُ
فليس لما أوليت من نعمٍ حدُّ
لك الأمرُ من قبل الزمانِ وبعدهِ
ومالكَ قبلٌ كالزمانِ ولا بعدُ
وحُكْمكَ ماض في الخلائِق نَافذٌ
إِذا شئتَ أمراً ليس من كونِه بُدُّ
تُضلُّ وتهدي منْ تشَاءُ منَ الوَرَى
وما بِيد الإنْسَان غَيٌّ ولا رُشْدُ
دعوا معشر الضلال عنا حديثكم
فلا خطأٌ منه يجابُ ولا عمدُ
فلو أنكم خلقٌ كريمٌ مُسختمْ
بقَوْلِكُم لكن بمَنْ يُمْسَخُ القِرْدُ؟
أتانا حديثٌ ما كرهنا بمثلهِ
لكُمْ فِتْنَة ً فيها لمِثلِكُمُ حَصْدُ
غَنِيتُمُ عَنِ التأْويلِ فيه بظاهرٍ
وَمَن ترَكَ الصّمْصَامَ لم يُغَنِهِ الغِمْدُ
وَأَعْشى ضياءُ الحقِّ ضَعْفَ عُقُولِكمْ
وشمسُ الضُّحَى تَعْشَى بها الأَعيُنُ الرُّمْد
ولن تدركوا بالجهل رشداً وإنما
يُفرقُ بين الزيفِ والجيد النقدُ
وعظتم فزدتمْ بالمواعظِ نسوة
ً وليسَ يفيدُ القَدْحُ إن أَصْلَدَ الزَّنْد
وما لَيَّنتْ نار الحجازِ قلوبكمْ
وَقد ذابَ مِن حرِّ بها الحَجَرُ الصَّلْدُ
وَما هِيَ إلا عينُ نَارِ جَهنَّم
تَرَدَّدَ مِنْ أَنفاسِها الحرُّ وَالبَرْدُ
أتت بشواظٍ مُكفَهِرٍ نحاسهُ
فلوِّحَ منها للضحى والدجى جلد
فما اسودَّ من ليلٍ غدا وهو أبيضٌ
وَما ابيضَّ منْ صبْحٍ غَدا وَهْوَ مُسْوَدُّ
تُدَمِّرُ ما تأتي عليه كعاصفٍ
من الرِّيح ما إن يُستطاعُ لهُ رَدُّ
تَمُرُّ عَلَى الأرض الشديد اختلافُها
فَتُنْجِدُ غَوْراً أوْ يغورُ بها نَجْدُ
وَتَرْمِي إلى الجوِّ الصُّخورَ كأنما
بِباطِنهَا غيظٌ على الجَوِّ أوْ حِقْدُ
وتخشى بيوتُ النارِ حرَّ دُخانها
وَيَزْدَادُ طُغيانا بها الفُرسُ والهِنْدُ
فلو قَرُبَتْ مِنْ سَدِّ يأجُوجَ بَعْدَما
بَنَى منه ذُو القَرْنَيْنِ دُكَّ بها السَّدُّ
وَلَمَّا أساء الناسُ جِيرة َ ربِّهِمْ
ولمْ يَرْعَها منهم رئيسٌ وَلا وَغْدُ
أَراهم مَقاماً ليسَ يُرْعَى لِجَارِهِ
ذمامٌ ولم يحفظ لساكنه عهدُ
مدينة نارٍ أحكمت شرفاتها
وأبراجها والسورُ إذ أبدع الوقدُ
وقد أبصرتها أهل بصرى كأنما
هي البصرة الجاري بها الجزر والمدُّ
أضاءت على بعد المزار لأهلها
من الإبلِ الأعناقُ والليلُ مربدُ
أشارت إلى أن المدينة قصدُها
وَلله سِرٌّ أنْ فَدَى ابنَ خَلِيلِهِ
يروحُ ويغدو كلُّ هولٍ وكربة ٍ
على الناس منها إذ تروح وإذ تغدو
فلمَّا التَجَوْا للمصطفى وتَحرَّمُوا
بساحتهِ والأمرُ بالناسِ مشتدُّ
أتوا بشفيعٍ لا يردُّ ولم يكنْ
بِخَلْقٍ سوَاهُ ذلك الهَوْلُ يَرْتَدُّ
فأُطْفِئَتِ النارُ التي وَقَفَ الوَرَى
حيارى لديها لم يعيدوا ولم يبدوا
فإنْ حَدَثَتْ مِنْ بَعْدِها نارُ فِريَة
ٍ فما ذلك الشيءُ الفَرِيُّ وَلا الإِدُّ
فللَّه سِرُّ الكائناتِ وجَهْرُها
فكمْ حِكم تَخْفَى وَكَمْ حِكَم تَبْدُو
وقدماً حمى من صاحب الفيلِ بيتهُ
ولمَّا أَتى الحَجَّاجُ أَمْكَنَهُ الهَدُّ
فلا تنكروا أن يحرمَ الحرمُ الغنى
وساكنه من فخره الفقر والزهدُ
وقد فديت من ماله خير أمة
ٍ وَلو خُيِّروا في ذلِكَ الأمرِ لَمْ يُفدُوا
فَواعَجَباً حتى البِقاعُ كَريمَة
ٌ لها مثلُ ما للساكِنِ الجاهُ وَالرِّفْدُ
فإِن يَتَضَوَّعْ منه طِيبٌ بِطَيْبة
ٍ فما هو إلاَّ المندلُ الرطبُ والندُّ
وإن ذهبت بالنار عنه زخارفٌ
فما ضَرَّهُ منها ذَهابٌ وَلا فَقْدُ
أَلاَ رُبما زادَ الحَبيبُ مَلاَحَة ً
إذا شُقَّ عنه الدرعُ وانتثرَ العقدُ
وكم سُتِرَتْ لِلْحُسْن بالحَلْي مِنْ حُلًى
وكم جَسَدٍ غَطَّى مَحَاسِنَهُ البُرْدُ
وأهيبُ ما يُلقى الحسامُ مجرَدَّاً
ورَوْنَقُهُ أنْ يَظْهَرَ الصَّفْحُ وَالحَدُّ
وما تلكَ للإسلامِ إلا بواعثٌ
على أَنْ يجِلَّ الشَّوْقُ أوْ يَعْظُمَ الوَجْدُ
إِلى تُرْبَة ٍ ضَمَّ الأَمانَة َ والتُّقَى
بها والنَّدى والفضلَ من أحمدٍ لحدُ
إلى سَيِّدٍ لم تأْتِ أُنْثَى بِمِثْلِهِ
وَلاَ ضَمَّ حِجْرٌ مِثْلهُ لاَ وَلاَ مَهْدُ
ولم يمشِ في نعلٍ ولا وطىء َ الثرى
شبيهٌ له في العالمين ولا ندُّ
شَبوقد أُحْكِمَتْ آياتُهُ وتشابَهَتْ
فَلِلْمُبْتَدِي وِرْدٌ لِلمُنْتَهي وِرْد
وإن كان فيها كالنجوم تناسخٌ
فطالعُهَا سَعْدٌ وغاربُها سعْدُ
وإن قصرت عن شأوها كل فكرة
ٍ فليست يدٌ للأنجم الزهرِ تمتدُ
فلمَّا عَمُوا عنها وصَمُّوا أَراهمُ
سيوفاً لها برقٌ وخيلاً لها رعدُ
ومن لم يلن منه إلى الحق جانبٌ
بِقَولٍ أَلانَتْ جَانِبَيهِ القَنا المُلْد
وقد يُعجِزُ الدَّاءُ الدَّواءَ مِن امرِىء
ٍ ويشفيه من داء به الكي والفصدُ
فغالبهم قومٌ كأن سلاحهم
نيوبٌ وأظفارٌ لهم فهم أسدُ
ثقاتٌ من الإسلامِ إن يعدوا يفوا
وإن يسألوا يهدوا وإن يقصدوا يجدوا
وَأَمَّا مكانُ الصِّدقِ منهم فإِنه
مقالهُمُ وَالطّعْنُ والضَّرْبُ والوعْدُ
إِذا ادَّرَعُوا كانتْ عُيُونُ دُرُوعِهِمْ
قلوباً لها في الرَّوْحِ مِنْ بَأْسِهِم سَرْدُ
يشوقك منهم كل حلمٍ ونجدة
ٍ تَحَلَّتْ بِكلٍّ مِنْهما الشِّيبُ وَالمُرْدُ
بهاليلُ أما بذلهم في جهادهم
فأنفسهم والمالُ والنصحُ والحمدُ
فلله صديقُ النبيِّ الذي له
فضائلُ لم يدرك بعدٍّ لها حدُّ
وَمَنْ كانَ لِلْمُخْتَارِ في الغارِ ثانياً
وَجَادَ إلى أنْ صارَ ليسَ لهُ وَجْد
فإِنْ يَتَخَلَّلْ بالعباءَة ِ إنه
بذلك في خُلاَّتهِ العلمُ الفردُ
ومن لم يخف في الله لومة لائمٍ
وَلم يُعْيِهِ قِسْطٌ يُقامُ وَلا حَدُّ
ولا راعه في الله قتلُ شقيقهِ
ألا هكذا في الله فليكن الجَلدُ
ومنْ جَمَعَ القرآنَ فاجْتَمَعَتْ به
فضائلُ منه مثل ما اجتمعَ الزبدُ
وجهَّزَ جيشاً سار في وقت عسرة
ٍ تعذَّر من قوتٍ به الصاعُ والمدُّ
ومن لم يُعَفَّر كَرَّمَ الله وجهه
جبينٌ لغير الله منه ولا خدُّ
فَتَى الحَربِ شَيْخُ العِلْمِ والحِلْمَ والحِجَى
عَلِيُّ الذي جَدُّ النَّبيِّ لَهُ جَدُّ
ومَن كانَ مِنْ خيرِ الأَنامِ بِفَضْلِهِ
كهارونَ مِن موسَى وذلكمُ الجَدُّ
تَوَهَّمْتَ أَنَّ الخَطْبَ ليس لهُ زَنْد
وإن عجمت أفواهها عودَ بأسهِ
أَفادَتْكَ عِلْماً أَنَّ أفواهَها دُرْدُ
يُوَرِّدُ خديهِ الجلادُ وسيفهُ
فذَاكَ إِذَا شَبَّهْتَهُ الأَسَدُ الوَرْدُ
وعندي لكم آل النبي مودة
ٌ سَلَبْتُمْ بها قلبي وصارَ له عِنْدُ
على أنَّ تذكاري لما قد أصابكم
يُجدِّدُ أشجاني وإن قدم العهدُ
فِدًى لكُمُ قَوْمٌ شقُوا وَسَعِدْتُمُ
فدارُهمُ الدنيا ودارُكمُ الخُلْدُ
أترجونَ من أبناء هندٍ مودة
ً وَقَدْ أرضَعَتْهُمْ دَرَّ بِغضَتِها هِنْدُ
فلاَ قَبِلَ الرَّحْمنُ عُذْرِي عُداتِكم
فإِنهم لا يَنْتَهُونَ وإِنْ رُدُّوا
إليك رسول الله عذري فإنني
بِحُبِّكَ في قَوْلِي ألِينُ وَأَشْتَدُّ
فإن ضاع قولي في سواك ضلالة
ً فما أنا بالماضي من القول معتدُّ
وما امتد لي طرفٌ ولا لان جانبٌ
لِغَيْرِكَ إلا ساءني اللِّينُ والمَدُّ
أأشْغَلُ عَنْ رَيْحَانَتَيْكَ قَريحَتِي
بشيحٍ ورندٍ لا نما الشيح والرَّندُ
وأَدْعُو سِفاهاً غيرَ آلِكَ سادتي
وهل أنا إنْ وُفقتُ إلا لهم عبدُ
فلاراح معنياً بمدحي حاتمٌ
ولا عُنِيَتْ هندٌ بِحبِّي ولا دَعْدُ
ولا هيَّجت شوقي ظباءٌ بوجرة
ٍ ولا بعثتْ وصفي نقانقها الربدُ
ويا طِيبَ تَشْبِيبي بِطَيْبَة َ لاثَنَى
عنان لساني عنك غورٌ ولا نجدُ
فَهَبْ لي رسولَ الله قُرْبَ مَوَدَّة ٍ
تَقَرُّ بِهِ عَيْنٌ وتَرْوَى بِه كِبْد
وإني لأَرجو أنْ يُقَرِّبَنِي إِلَى
جَنابِكَ إِرْقالُ الرَّكائِبِ والوخْد
ولولا وثوقي منك بالفوزِ في غدٍ
لما لَذَّ لي يَوْماً شَرابٌ وَلاَ بَرْدُ
علَيْكَ صلاة ُ الله يُضْحِي بطيْبَة
ٍ لَدَيْكَ بها وفْدٌ ويُمْسِي بها وفْدُ
كَتَبَ المَشِيبُ بأَبْيَضٍ في أسْوَدِ
بغضاءَ ما بَيْني وبينَ الخُرَّدِ
خجلتْ عيونُ الحورحين وصفتها
وصحفَ المَشيبِ وقُلْنَ لِي: لا تَبْعَدِ
ولذاك أظهرتِ انكسارَ جفونها
دعدٌ وآذنَ خدُّها بتوردِ
ياجدَّة َ الشيبِ التي ما غادرتْ
لنفوسنا من لذة بمجدَّدِ
ذهبَ الشبابُوسوفَ أذهبُ مثلما
ذهبَ الشبابُ وما امرؤٌ بمخلِّدِ
إنَّ الفَناءَ لكلِّ حَيٍّ غايَة
ٌ محتومة ٌ إن لم يكن فكأن قدِ
وارحمتا لمصورٍ متطورٍ
في كلِّ طَوْرٍ صورة َ المُتَرَدِّدِ
قذفتْ به أيدي النوى من حالقٍ
سامي المحلِّ إلى الحضيضِ الأوهدِ
مُستَوْحِشٍ في أُنْسِهِ مُتعاهِدٍ
بحنينهِ شوقاً لأولِ معهدِ
منعتهُ أسبابٌ لديهِ رجوعهُ
فاشتاق للأوطان شوقَ مقيدِّ
يا لَيْتَهُ لوْ دامَ نَسْياً مالَهُ
من ذاكرٍ أو أنه لم يولدُ
حَمَلَ الهَوَى جَهْلاً بأَثْقالِ الهَوَى
مُسْتَنْجِداً بعزيمة ٍ لم تُنْجِدِ
ما إنْ يَزالُ بما تكلَّفَ حَمْلَهُ
في خطتي خسفٍ يروحُ ويغتدي
غَرضاً لأمْرٍ لا تَطيشُ سِهامُه
ومعرَّضاً لمعنفٍ ومفندِ
وخليفة ٍ في الأرضِ إلا أنه
مُتَوَعِّدٌ فيها وعيد الهُدْهُدِ
وَجَبَ السُّجودُ لهُ فلما أنْ عصى
قالتِ خطيئته له اركع واسجدِ
ونبت به الأوطان فهو بغربة
ٍ ما بين أعداءٍ يسيرُ وحسَّدِ
أنفاسه تُحصَى عليه وعلم ما
يفضى إليه غداله حُكمُ الغدِ
أبداً تراهُ واجداً أو عادماً
في حَيْرَة ٍ لَقْطَاتُها لم تُنْشَد
يُمسِي ويُصْبِحُ مُتْهِماً أَوْ مُنجِداً
لمِعَادِهِ معَ مُتْهِمٍ أوْ مُنجِد
يرمي به سهلاً ووعراً زاجراً
بَطْنُ المِسَنِّ به كَظَهْرِ المِبْرَدِ
متخوفاً منه المصير لمنزلٍ
مُسْتَوبَلِ المَرْعَى وبيء المَوْرِدِ
ما إن رأى الجاني به أعماله
إلاّ تمنى أنه لم يولدِ
حسبي له حب النبي وآلهِ
عِنْدَ الإِله وسيلَة ً لَمْ تُرْدَدِ
فإذا أجَبْتَ سؤَالَهُ في آلِهِ
سلْ تعط واستمدد فلاحاً تمددِ
وأْمَنْ إذا قامَ النبيُّ مَقَامَهُ الْـ
ـمحمود في الأمر المقيم المقعدِ
وتزوَّدِ التقوى فإن لم تستطعْ
فمِنَ الصلاة ِ على النبيِّ تَزَوَّدِ
صلَّى عليه الله إن صلاة َ مَنْ
إِلاَّ يَمُدُّ إليهِ راحَة َ مُجْتَدِي
واسمع مدائح آل بيت المصطفى
منى ودونكَ جمعها في المفردِ
صنو النبي أخو النبي وزيرهُ
ووليهُ في كل خطبٍ مؤيدِ
جَدُّ الإِمامِ الشَّاذِليِّ المُنْتَمي
شرفاً إليه لسيدٍ عن سيدِ
أسماؤهم عشرونَ دون ثلاثة
ٍ جاءت على نسقٍ كأحرفِ أبجدِ
لِعَلِيِّ الحَسَنُ انْتَمَى لِمُحَمَّد
عيسى وسرُّ محمدٍ في أحمدِ
واختار بطالٌ لوردٍ يوشعاً
وبيوسفٍ وافى قصيٌّ يقتدي
وبحاتمٍ فتحت سيادة ُ هرمزٍ
وغَدا تَمِيمٌ لِلْمَكَارِمِ يَهْتَدِي
وبِعبَدِ جَبَّارِ السمواتِ انْتَضَى
لِلْفَضْلِ عبدُ الله أيَّ مُهَنَّدِ
وأتى عليٌّ في العلا يتلوهم
فاختم به سور العلا والسؤودِ
أعْنِي أبا الحَسَنِ الإِمامَ المُجْتَبَى
مِنْ هَاشِمٍ والشَّاذِليَّ المَوْلِدِ
إن الإمامَ الشاذليَّ طريقهُ
في الفضلِ واضحة ٌ لعينِ المهتدي
فانقُلْ ولوْ قَدَماً عَلَى آثَارِهِ
فإذا فعلتَ فذاك آخذُ باليدِ
واسْلُكْ طرِيقَ مُحَمَّدِيِّ شرِيعَة ٍ
وَحَقِيقَة ٍ ومُحَمَّدِيِّ المَحْتِدِ
مِنْ كلِّ ناحِيَة ٍ سَنَاهُ يَلوحُ مِنْ
مصباحِ نورِ نبوة ٍ متوقدِ
فَتْحٌ أتى طُوفانُهُ بِمَعارِفٍ
تنُّورها جوديُّ كلِّ موحدِ
قد نالَ غَايَة َ ما يَرُومُ المُنْتَهِي
مِنْ رَبِّهِ ولهُ اجتهادُ المُبْتَدِي
مُتَمَكِّن في كلِّ مَشْهدِ دَهْشَة
ٍ أو وقفة ٍ مافوقها من مشهدِ
منْ لا مقام له فإن كمالهُ
لِلنَّاسِ يُرْجِعُه رُجُوعَ مُقَلِّدِ
قل للمحاولِ في الدنوِّ مقامهُ
ما العَبْدُ عندَ الله كالمُتَعَبِّدِ
وَالفضلُ ليسَ يَنالُهُ مُتَوَسِّلٌ
بتورعٍ حرجٍ ولا بتزهدِ
إن قال ذاك هو الدواءُ فقل له
كُحْلُ الصَّحِيحِ خِلاَفَ كُحْلِ الأرْمَدِ
يمَشي المُصَرِّفُ حيثُ شاء وغيْرُهُ
يمشِي بحُكْمِ الحَجْرِ حُكْمِ مُصَفَّدِ
من كان منكَ بمنظرٍ وبمسمعٍ
أَيُحَالُ منه عَلَى حدِيثٍ مُسْندِ
لِكلَيْهِمَا الحُسْنَى وَإنْ لم يَسْتَوُوا
في رُتْبَة ٍ فقدْ اسْتَوَوْا في الموْعِدِ
كلٌّ لِما شاء الإِله مُيَسَّرٌ
والناسُ بين مقربٍ ومشردِ
وإذا تحققت العناية ُ فاسترح
وإذا تخلفتِ العناية فاجهدِ
أَفْدِي عَلِيًّا في الوجودِ وَكلُّنَا
بِوُجودِهِ مِنْ كلِّ سوءٍ نَفْتَدِي
قُطْبُ الزَّمانِ غَوْثُهُ وإِمامُهُ
عينُ الوجودِ لسانُ سرِّ الموجدِ
سادَ الرِّجالَ فَقَصَّرَتْ عَنْ شَأْوِهِ
هممُ المؤوبِ للعلا والمسئدِ
فتلق ما يلقى إليك فنطقهُ
نُطْقٌ بِرُوحِ القُدْسِ أيُّ مُؤَيِّدِ
إما مررتَ على مكان ضريحهِ
وشممتَ ريح الندِّ من ترب ِالندِ
ورأيت أرضاً في الفلا مخضرة
ً مخضلة ً منها بقاعُ الفدفدِ
والوحْشُ آمِنَة ٌ لَدَيهِ كأَنَّها
حُشِرَتْ إِلى حَرمٍ بأَوَّلِ مَسْجِد
ووجَدْتَ تَعْظِيماً بِقَلْبِكَ لَو سَرَى
في جلمدٍ سجدَ الورى للجلمدِ
فقل السلام عليك يا بحر الندى الطـ
ـامي ويا بحر العلوم المزبدِ
يا وارِثاً بالفَرْضِ عِلْمَ نَبِيِّهِ
شرفاً وبالتعصيبِ غير مفندِ
الْيَوْمَ أحْمَدُ مِنْ عَليٍّ وارِثٌ
حظي عليًّ من وراثة أحمدِ
يُعْزَى الإمامُ إلَى الإِمامِ وَيقْتدِي
للمُقْتدي بِهُدَاهُ فضلُ المُقْتدي
والمرء في ميراثهِ أتباعهُ
فاقْدِرْ إذَنْ فضلَ النبيِّ مُحَمَّدِ
صَدَعَ الأسَى قَلْباً بِسَجْعِ مُغَرِّدِ
وسرى السرور إلى القوب فهزها
مَسْرَى النَّسيمِ إِلَى القَضيبِ الأَمْلَدِ
شَوْقاً لِمُرْسيَة ٍ رَسَتْ آساسَها
بِعَلِي أَبي العَبَّاسِ فَوْقَ الفَرْقَدِ
اليَوْمَ قامَ فَتَى عَلِيٍّ بَعْدَهُ
كيما يبلغَ مرشداً عن مرشدِ
فكأنَّ يُوشَعَ بعدَ موسى قائمٌ
بطريقه المثلى قيامَ مؤكدِ
فليقصِدِ المُسْتَمْسِكونَ بِحَبْلِه
دار البقاء من الطريق الأقصدِ
فإذا عزمت على اتباع سبيله
فَاسمَعْ كلامَ أخِي النَّصِيحَة ِ ترْشُدِ
فنظامُ أعمالِ التقى آدابها
فاصحب بها أهل التقى والسؤددِ
وتجنب التأويل في أقوال من
صاحبت من أهل السعادة تسعدِ
قد فرَّقَ التأوِيلُ بَيْنَ مُقَرَّبٍ
يَوْمَ السُّجُودِ لآدَمٍ ومُبَعَّدِ
وحذارِ أن يثقِ المريدُ بنفسهِ
وَاحْزِمْ فما الإِصلاحُ شَأْنُ المُفْسِدِ
فالوَصفُ يَبْقَى حُكْمُهُ مَعَ فَقْدِهِ
وَالمَرْءُ مَرْدُودٌ إِذَا لَمْ يُفْقَدِ
إن الضنينَ بنفسهِ في الأرضِ لا
يلوي على أحدٍ وليس بمصعدِ
ويظنُّ إِنْ رَكَدَتْ سفينَتُهُ عَلَى
أمْوَاجِها ورِياحها لَمْ تَرْكُدِ
فاصحب أبا العباسِ أحمد آخذاً
يَدَ عارِفِ بِهوَى النُّفُوسِ مُنَجِّدِ
فإذَا سقَطْتَ عَلَى الخَبيرِ بِدَائها
فَاصْبِرْ لِمُرِّ دَوَائِهِ وَتَجَلَّدِ
وإذَا بَلَغْتَ بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ مِنْ
عِلْمَيْهِ فانْقَعْ غُلَّة َ القَلْبِ الصَّدِي
فمَتى رأَى موسى الإِرادَة َ عِنْدَهُ
خِضْرُ الحقيقَة ِ نَالَ أقْصَى المَقْصِدِ
وإِذَا الفَتى خُرِقَتْ سَفِينَة ُ جِدَّهِ
لنجاتها وجدَ الأسى غيرَ الددِ
وتبدلت أبوا الغلام بقتلهِ
بأَبرَّ مِنْهُ لِوَالِدَيْهِ وأرْشَدِ
وَأُقِيمَ مُنْتَقَضُ الجِدَارِ وتَحْتَهُ
كَنْزُ الوُصُولِ إلى البقاءِ السَّرْمَدِي
فلْيَهْنِ جَمْعاً في الفِراقِ ووُصْلة
ً من قاطعٍ وترقياً من مخلدِ
مغرى ً بقتل النفسِ عمداً وهولا
يعطي إلى القودِ القيادِ ولا اليدِ
لله مقتولٌ بغير جناية
ٍ كَلِفٌ بِحُبِّ القاتِلِ المُتَعَمِّدِ
ما زالَ يَعْطِفُها عَلَى مَكْرُوهِها
حتَّى زَكَتْ وَصَفَتْ صعفاءَ العَسْجَدِ
وأحيبَ داعيها لردِّ مشردٍ
مِنْ أَمْرِها طَوعاً وَجمْعِ مُبَدَّدِ
لم تترك التقوى لها من عادة ٍ
ألفت ولا لمريضها من عوَّدِ
فليهنِ أحمدَ كيمياءُ سعادة ٍ
صحَّتْ فلا نارٌ عليه تغتدي
جعلتهُ لم يرَ للحقيقة ِ طالباً
إلا يمُّ إليه راحة َ مجتدي
ألفاظُهُ مَبْذُولة ٌ بَذْلَ الحَيَا
ومَصونَة ٌ صَوْنَ العَذارَى الخُرَّدِ
كلُّ يَرُوحُ بِشُرْبِ راحِ عُلُومِهِ
طَرِباً كَغُصْنِ البانَة ِ المُتأَوِّدِ
ضمنَ الوقارَ لها اعتدالُ مزاجها
فشَرَابُها لا يَنْبَغي لِمُعَرْبدِ
فَضَحَتْ مَعَارِفُها مَعارِفَ غَيْرِها
والزيفُ مفضوحٌ بنقدِ الجيِّدِ
كشفتْ له الأسماعُ عن أسرارها
فإِذَا الوُجودُ لِمقْلَتَيْهِ بِمَرْصَدِ
وأرتهُ أسبابَ القضاء مبينة
ً للمستَقيمِ بِعِلْمِها وَالمُلْحِدِ
تأبى علومكَ يافتى ً غيرَ التي
هيَ فَتْحُ غَيْبٍ فَتْحُهُ لَمْ يُسْدَدِ
قل للذِين تَكَلَّفُوا زِيَّ التقَى
وتَخَيَّرُوا لِلدَّرْسِ ألفَ مُجَلَّدِ
لا تَحْبَوا كُحْلَ العُيُونِ بِحِيلة
ٍ إِنَّ المَهَا لَمْ تَكْتَحِلْ بِالإِثْمِدِ
ما النحلُ ذللتِ الهداية ُ سُبلها
مثل الحميرِ تقودها للموردِ
من أملتِ التقوى عليه وأنفقتْ
يَدُهُ مِنَ الأكوانِ لا مِنْ مِزْوَدِ
وأَبِيكَ ما جَمَعَ المَعالِيَ وادِعاً
جمع الألوف من الحسابِ على اليدِ
إلا أبو العباسِ أوحد عصرهِ
أكْرِمْ به في عَصرِهِ مِنْ أوْحَدِ
أفْنَتْهُ في التَّوْحِيدِ هِمَّة ُ ماجِدٍ
شذَّتْ مقاصدها عن المتشددِ
ساحتْ رجالٌ في القِفارِ وإنه
لَيَسِيحُ في مَلَكُوتِ طَرْفٍ مُسْهَدِ
ولهُ سرائرُ في العُلا خَطَّارَة
ٌ خطارها وركابها لم تشددِ
فالمستقيم أخو الكرامة عندهُ
لا كلُّ من ركب الأسود بأسودِ
وأجلُّ حالِ معاملٍ تبعية ٍ
أُخِذَتْ إلى أدَبِ المُرِيدِ بِمِقْوَدِ
فأَتى مِنَ الطُّرْقِ القَرِيبِ مَنَالُها
وأتى سواهُ من الطريق الأبعدِ
سيفٌ من الأنصارِ ماضٍ حدُّهُ
فاضرِبْ بهِ في النَّائِبَاتِ وهَدِّدِ
أُثْني عليه بِباطنٍ وبِظاهرٍ
لاسرَّ منه بمغمدِ ومجردِ
مِنْ مَعْشَرٍ نَصَرُوا النبيَّ وسابَقوا
معه الرياح بكل نهدٍ أجردِ
وَثَنَوْا أَعِنَّتَهُمْ وقد تَرَكُوا العِدا
بالطعنِ بين مجدلٍ ومقددِ
من كل ذمرٍ كالصباحِ جبينهُ
ذربٌ بخوضِ المضلاتِ معوَّدِ
وبِكُلِّ أسْمرَ أزْرقٍ فُولاذُهُ
وبِكُلِّ أبيضَ كالنَّجِيعِ مُوَرَّدِ
شهد النهار لفضلٍ بمسددٍ
مِنْ رأيهِ ولِطاعِنٍ بمُسَدَّدِ
وتمخضت ظلم الليالي منهم
عن ركعٍ لا يسأمون وسجدِ
خَافَ العَدُوُّ مَغِيبهُمْ لِشُهُودِهمْ
والموتُ يَكْمُنُ في الحُسامِ المُغْمَدِ
الساتر والعوراتِ من قتلى العدا
يَوْمَ الحَفيظَة ِ بالقَنا المُتَقَصِّدِ
والطَّاعِنُو النَّجْلاَءَ يُدْخِلُ كَفَّهُ
في إثْرِها الآسي مكانَ المِرْوَدِ
سَلْ مِنْ سَلِيلِهمُ سُلوكَ سَبِيلِهمْ
يُرْشِدْكَ أحمدُ للطَّرِيقِ الأحمِد
مستمطراً بركاتهِ من راحة
ٍ أندى من الغيثِ السكوبِ وأجودِ
فَمَواهِبُ الرَّحمنِ بين مُصَوَّبٍ
منها لراجي رحمة ٍ ومصعدِ
يامن أمُتُّ له بحفظ ذمامهِ
وبِحُسْنِ ظنِّي فيهِ لِي مُسْتَعْبِدِي
مَوْلاَيَ دُونَكَ ما شَرَحْتُ بِوَزْنِه
وَرَوِيِّهِ قَلْبَ الكئيبِ الأكْمَدِ
فاقبل شهابَ الدينِ عذر خريدة
ٍ عَذْراءَ تُزْرِي بالعَذَارَى النُّهَّد
معسولة ٍ ألفاظها من كاملٍ
أبردْ حشى من ريقها بمبردِ
طلَعَتْ مَجَرَّة ُ فضلِها بِكَواكِبٍ
دُرِّيَّة ٍ مَحْفُوفَة ٍ بالأَسْعدِ
رامَ استراق السمعِ منها ماردٌ
لَمَّا أتَتْكَ فَلمْ يَجِدْ مِن مَقْعَدِ
من منهلٍ عذبٍ صفا سلساله
لا مِنْ صَرًى يَشْوِي الوجُوهَ مُصَرَّد
بَعَثَتْ إِليكَ بها بواعِثُ خاطِرٍ
مُتَحَبِّبٍ لِجَنابكُمْ مُتَودِّد
صادَفْتُ دُرَّا مِنْ صِفاتِكَ مُثْمَناً
فأعرتهُ منِّي صفاتِ منضِّدِ
جاءت تسائلك الأمان لخائفٍ
مِنْ رِبْقَة ٍ بِذُنُوبِهِ مُتَوَعد
فاضمَنْ لها دَرْكَ المعادِ ضمانَها
بالفَوْزِ عنكَ لِسامِع ولِمُنْشِد
فإذا ضمنتَ له فليس بخائفٍ
من مبرقٍ يوماً ولا من مرعدِ
جاهُ النبيِّ لِكُلِّ عاصٍ واسِعٌ
والفضلُ أجدرُ باقتراحِ المُجْتَدِي
أهلُ التُّقَى والعِلم أهلُ السُّؤْدُدِ
فأخو السيادة أحمدُ بن محمدِ
الصاحبُ ابن الصاحبِ ابن الصاحبِ الـ
ـحِبْرُ الْهُمَامُ السَّيِّدُ ابنُ السَّيِّدِ
لاتشركنَّ به امرأً في وصفهِ
فتكونَ قد خالفْتَ كلَّ مُوَحِّد
الشمس طالعة ٌ فهل من مبصرٍ
والحَقُّ مُتَّضِحٌ فهل من مُهتَدِي
إنَّ الفتى منْ سوَّدتهُ نفسهُ
بالفضلِ لامن سادَ غير مسوَّدِ
والناسُ مُخْتَلِفُوا المذاهِبِ في العُلا
والمذهبُ المختارُ مذهبُ أحمدِ
وفي علوم الأولين حقوقها
والآخرينَ وفاءَ من لم يجحدِ
فكأَنهُ فينا خليفة ُ آدمٍ
أوْ آدَمٌ لو أنهُ لم يولَدِ
أفضَى به علْمُ اليَقِين لعَيْنِه
ورآه حاسدهُ بعيني أرمدِ
كُشِفَ الغِطَاءُ لهُ فليسَ كحائرٍ
في دينهِ من أمرهِ مترددِ
قد كان يحكم في الأمور بعلمهِ
شهدَ المحقُّ لديهِ أم لم يشهدِ
لولا يخاطبنا بقدر عقولنا
جَاءتْ معارفْه بما لم نَعْهَدِ
ورِثَ النُّبُوَّة َ فَلْيَقُمْ كَقِيَامِهِ
مَنْ حَاوَلَ الميراثَ أو فَلْيَقْعُد
فلِسَانُهُ العَضْبُ الْحُسَامُ المُنْتَضَى
وبيانه بحرٌ خضمُّ المزبدِ
وبصيرة ٌ بالله يشرق نورها
ويُضِيءُ مثلَ الكَوْكَبِ المُتَوَقِّد
وخَلائِقٌ ما شابَها مَنْ شَانَها
فأَتتْ كماءِ المُزْنِ في قَلْبِ الصَّدِي
فَلِبَابِ زَيْنِ الدِّينِ أحمدَ فلْيَسِرْ
من كان بالأعذارِ غير مُقيَّدِ
هوَ كَعْبَة ُ الفضلِ الذي قُصَّادُهُ
قد حَقَّقُوا منه بُلوغَ المقصِد
لَمَّا ورَدْتُ عَلَى كَريمِ جَنَابِهِ
فوردتُ بحر الجودِ عذبَ الموردِ
لَمَّا وَرَأَيتُ وَجْهاً أَشْرَقَتْ أَنْوَارُه
فَأضاءَ مثلَ الكوكَبِ المُتَوَقِّد
أعْرَضْتُ عَنْ لهوِ الحَديثِ وَقُلْتُ يا
مَدْحَ الورَى عنِّي فمَا أَنَا مِنْ دَدِ
وعزمتُ في يومي على العملِ الذي
ألقاهُ لي نعْمَ الذخيرة ُ في غَدِ
مَدْحٌ إِذا أعمَلْتُ فيهِ مِقْوَلي
جَاهدْتُ عن دينِ الهُدَى بِمهَنَّدِ
أبقى له الذكرَ المخلدَ علمهُ
أنْ ليس في الدُّنْيَا امرُؤٌ بِمُخَلَّدِ
فَاسْتُنْفِدَتْ بوجودِهِ آمالهُ
واختار عند الله مالم ينفدِ
شُغِفَتْ بِه الدُّنْيَا وَآثَرَ أُخْتَها
حُبَّا فَأَوْهَم رَغْبة ً بِتَزَهُّدِ
وأتى عليها جوده فكأنها
لهوانها في نفسهِ لم توجدِ
فإذا نظرتَ إلى مقاصدهِ بها
أبَدَتْ إِليكَ حَقيقة َ المُتَجَرِّدِ
كلِفٌ بِمَا يَعْنِيهِ مِنْ إِسعادِ ذِي الْـ
ــحاجات في الزمنِ القليلِ المسعدِ
يطوي من التقوى حشاهُ على الطوى
وَيَبِيتُ سَهْرَاناً مُقَضَّ المَرْقَد
ويغضُّ من مغسولتين بدمعهِ
مَكْحُولَتَيْنِ مِن الظَّلامِ بإِثْمِد
عوِّلْ عليه في الأمور فإنه
أهلُ الغَرِيبِ وبَيْتُ مالِ المُجْتَدِي
واستمطر البركات من دعواته
حيث استقل سحاب راحته الندي
واسمع لما يوحى من الذكر الذي
يُشْجِي القلوبَ لَوَ أنها مِنْ جَلْمَدِ
صَدَرَتْ جَواهِرُ لفظِهِ مِنْ باطِنٍ
صافِي التُّقَى مِثْلِ الحُسام المُغْمدِ
فأراكه سحرَ البيانِ منضداً
بِيَدِ البَلاغَة ِ وَهْوَ غيرُ مُنَضَّدِ
مُتَحَلِّياً بِجَوَامِعِ الكَلِمِ التي
يُعْنى بها حَدِبٌ عناءَ تَجَلُّدِ
فالقَصُّ منه إذا أتَاكَ تَعَدَّدَتْ
منه المعاني وَهْوَ غيرُ مُعَدَّدِ
قل للإمام المقتدي بعلومهِ
قد فازَ مِنْ أَضْحى بِرأْيِكَ يَقْتَدِي
يَا مَنْ يُرَاعِي للفضيلة ِ حَقَّهَا
لتلذذٍ بالفضلِ لا لتزيدِ
لم تصغ ِ للعلماء إلا مثلما
أصْغَى سُلَيْمانٌ لِقَوْلِ الهُدْهُدِ
عَجِبَتْ لِزُهْدِكَ في الوزارة ِ مَعْشَرٌ
فأَجَبْتُهُمْ عَجَباً إذَا لم يَزْهَدِ
ما ضرَّ حبراً قلدتهُ أئمة
ٌ أَنْ لم يكنْ لِمَنَاصِبٍ بِمُبلَّدِ
وإذا سما باسْمِ العلومِ فلا تَسَلْ
عن حطِ نفس بالحضيض الأوهدِ
ما المَجْدُ إِلاَّ حِكْمَة ٌ أُولِيتَهَا
ينحط عنها قدر كل ممجدِ
يارتبة ً لاترتقى بسلالمٍ
وسيادة ً ما تشترى بالعسجدِ
خيرُ المناصِبِ ما العيُونُ كَليلَة ٌ
عنه وما الأيدي له لمْ تُمْدَدِ
مَوْلايَ دونَكَ مِنْ ثنائيَ حُلَّة
ً تُبْلِي مِنَ الأيام كلَّ مُجَدَّدِ
جَاءَتْ مُسارِعَة ً إليكَ بِساعَة
ٍ سَعِدَتْ مُطالِعة ً وإنْ لم تُرصَدِ
يَوْمُ اتِّصَالٍ بالأَحِبَّة ِ، حَبَّذا
يَوْمٌ به انقَطَعَتْ قلوبُ الحُسَّدِ
ما سُيِّرَتْ ما بَيْنَ يوسُفَ مِثْلَما
قد سُرَّ فيه أَحْمَدٌ بمُحَمَّدِ
ياحبذا مدحٌ لآلِ محمدٍ
دون التغزلِ في غزالٍ أغيدِ
إن الجلالة َ منذ رُمتُ مديحكم
لم تَرْضَ لي ذكْرَ الحِسانِ الخُرَّدِ
فالله يَجْمَعُ شَمْلَكُمْ ساداتِنا
جَمْعَ السلامَة ِ في نعيمٍ سَرْمَدِ